رد: اخبار التربية والتعليم ليوم الاثنين 16/1
صحيفة اليوم:الثلاثاء 16-1-1430هـ العدد:12996
الهام احمد
سيكولوجية الأنثى .. سيكولوجية الذكر ضمن المناهج الدراسية
الهام احمد
عندما تلمس قدرة البعض على اتخاذ القرار ، قدرتهم على تحديد احتياجاتهم، قدرتهم على الرؤية الواضحة في اختيار ما يريدون، إصرارهم على الحصول على ما يسعون من أجله، يثيرك الفضول في كيفية تكون هذه المهارات، وهل اكتسابها يتطلب احتياجات معينة، أو مراحل عمرية معينة، أو خبرات محيطة يمكنها صقل العقول بطريقة موجهة وسليمة بهذا الشكل المنظم الواعي !!ولابد أن كل ذلك صحيح لأنك في النتيجة سوف تحصل على عقل سليم صحيا يمكنه أن يعطي ويختار بطريقة منتقاة وعميقة. هذه الرؤية الشفافة لابد أنها ستعكس على حياة الشخص منا الكثير من السعادة. وفي دراسة متعمقة لحالات الطلاق الكثيرة في السعودية وأسبابها التي تزداد يوما بعد يوم تجد أن أهم هذه الأسباب هو تباعد مساحة الفهم بين كل من المرأة والرجل بعد الزواج، وعندما تستمع لكلاهما قد تجد الحق هنا وهناك مع أحدهما أو كليهما. والأمر في النهاية يعود الى أن الأنثى لا تعرف ما يريد الرجل والرجل يجهل تماما ما يسعد الأنثى، وما يحدث ليس لأن أحدهما يريد الإساءة للآخر بل هي مجرد أمور مختلفة يتقبلها طرف بطريقة تختلف عن الآخر فيحدث التصادم. فتجد رجلا يحب الحديث عن هواياته، ويتزوج امرأة لا تحب التفاصيل فتكثر مقاطعته بل أحيانا لا تسمح له بممارسة هوياته كما يحب، وتعتبرها مضيعة للوقت .أو قد تجد امرأة تهوى المطالعة كجانب معرفي هام، وزوجها رجل يستمتع أكثر بالسفر الذي يعطيه الإحساس الأكثر بالمعرفة لارتباطه بالممارسة والبصر وهنا قد يصطدمان باختلاف الرغبات رغم أن ذلك لا ينفي الود والحب بينهما. فما السر في ذلك التباعد ؟ومع علمنا جميعا بان الفهم المتبادل هو أساس حياة زوجية سعيدة وناجحة فإن الاتجاه نحو التركيز على فهم سيكولوجية الأنثى والذكر أصبح أمرا ملحا لتقليل النسبة المخيفة من حالات الطلاق المؤلمة التي أصبحت تتكرر لأتفه الأسباب، وهو الأمر الذي تذهب إليه دورات كثيرة كالبرمجة العصبية اللغوية أو الذكاء العاطفي أو فن الحوار بين الأزواج وكلها تعالج اختلاف الأفكار والشخصيات وأبسط طرق التواصل بينها، وهي المهمة الأصعب والأكثر إلحاحا كونها أهم من الذهاب لمعالجة المشاكل الصغيرة الشخصية التي يتعذر بها أغلب الأزواج تبريرا للطلاق أو سوء الفهم. المشكلة الحقيقية أننا نصلح خلل ضعف التواصل بعد حدوثه ولم نفكر كيف نهيئ الطرفين لذلك منذ الصغر . وربما لا يعلم الكثيرون منا ماذا تعني أهمية توقع المشكلة والتفكير في إيجاد الحلول لها كاستراتيجية متطورة للتعامل مع الحياة وكل من يعيش فيها، ودون الانتظار للاصطدام بالتعاسة لنعيد الاستقرار والمودة لجدران منازلنالهذا فإن تضمين (موضوع سيكولوجية المرأة والرجل ) في المناهج الدراسية لم يصبح مجرد اقتراح بل حاجة أساسية وخاصة في المرحلة الثانوية وأن يكون ذلك مرتبطا بتحقيق هدف جوهري وهو قدرة الجنسين على فهم بعضهما لدرجة تحقق توافقا زوجيا ناجحا في المستقبل . ولا أعتقد أن التركيز على تعليم الفتاة الطهي والكي وأمور المنزل أصبح من الأولويات التي يجب أن تركز عليها المناهج في مواد التربية النسوية، وهو ما غفل عنه التطوير التعليمي مؤخرا، ولا يجب أن تقتصر هذه التربية الحياتية على الطالبة فقط بل لابد أن يستفيد منها الطالب أيضا تحت قالب يعرف فيه كلاهما أن ما يمارسانه من تبادل واع في التفاهم والاحترام والتقدير سوف ينعكس على جانب الود والسكينة في علاقتهما الزوجية مستقبلا. ومن أمثلة تلك الموضوعات : فن الحوار، اختلاف طريقة التفكير وتأثيره على تقبل الطرفين بعضهما البعض، التنازل الايجابي والسلبي في أمور الحياة ، إجادة حل المشاكل بما يتناسب وعقلية كل طرف دون الإصرار الأحمق الذي لا مرجع له سوى الكبرياء المزيف، احترام كل طرف ميول ورغبات الآخر ، المصارحة وأثرها في مصداقية التعامل بينهما، الصبر المبني على وعي كليهما بحقه والحفاظ عليه، رفض الاهانة والعنف بأي شكل من أشكاله، حماية أساس المنزل من التصدع بسبب تدخلات خارجية وغيرها من الأمور الدقيقة والتفصيلية والوارد حدوثها في أي حياة زوجيةليس هذا فقط بل لابد أن ننفض الغبار عن برامجنا المدرسية العتيقة التي عفى عليها الزمن خاصة تلك التي يطلقون عليها ( أسر النشاط - الجمعيات سابقا) وهي عادة تكون أسبوعية. فبدلا من إهدارها في موضوعات تقليدية نعرف مسبقا أن الطلاب (فتيات أو فتيان)، خاصة في هذا الزمن المتطور لا يميلون إليها وتصيبهم بالملل وتشعرهم برغبة أكثر في استخدامها في إضاعة الوقت ( وهي حقيقة واقعة تتغافل عنها عيون الإشراف الاجتماعي أو الإرشاد الطلابي )، فلماذا لا تكون هي نفسها وقتا مناسبا لعمل حلقات تنشيطية ودورات مصغرة يشرف عليها مدربون ومدربات سواء من داخل أو خارج المدارس لتناول تلك الموضوعات الهامة. أليست هي تلك الثقافة المناسبة والوقت المناسب الذي قد يدفع الطلاب لمزيد من الاندماج في ثقافة العصر، وبالتالي فهم أبسط المفاهيم الخاصة بالزواج وتكوين أسرة قوامها الحب والعدل والحوار الراقي وبالتالي تصغير دائرة الطلاق !!
لؤلؤة
عامل ذاتك بلطف ولا تجلدها حتى تستطيع أن ترتقي بحياتك.
|