عجز قياسي في موازنة 2009 الأمريكية
حذر مسؤول الجهاز الرقابي الذي يشرف على الميزانية في الولايات المتحدة، من أن العجز في الميزانية الأمريكية هذا العام يرجح أن يصل إلى 1200 مليار دولار تقريباً، حتى دون الأخذ في الاعتبار صفقة التحفيز الاقتصادي من المالية العامة، التي يزمع تطبيقها باراك أوباما والتي تقدر بأنها في حدود 775 مليار دولار.
مكتب الميزانية في الكونجرس أوضح بصورة واضحة تماماً المعضلة التي يواجهها الرئيس المنتخب، وألقى الضوء على الحاجة إلى صفقة تحفيزية لمساندة الاقتصاد، وعلى الحالة الخطيرة التي وصلت إليها بالفعل المالية العامة في الولايات المتحدة.
وقال أوباما إن صفقة التحفيز من المالية العامة ستكون "على رأس تقديراتنا" – التي ستراوح بين 675 مليار دولار و 775 مليار دولار على مدى سنتين – ولكنها "لن تكون مرتفعة بالقدر الذي أوصى به بعض الاقتصاديين، بسبب القيود المفروضة والمخاوف الموجودة لدينا بخصوص العجز الحالي."
كان الرئيس المنتخب يتحدث أثناء إعلانه عن تعيين نانسي كيلفر Killefer، وهي مسؤولة اقتصادية عملت في عهد الرئيس بيل كلينتون، برتبة وزير في منصب حكومي يهدف إلى تقليص الإهدار في الأموال الحكومية، وهو تعيين يهدف على ما يبدو إلى طمأنة المحافظين في المالية العامة، الذين شعروا بالتخوف الشديد من القدر الهائل من العجز الذي يقبع بانتظارهم.
قال مكتب الميزانية إن العجز في الموازنة لعام 2009 من شأنه "تحطيم الرقم القياسي السابق في العجز بعد الحرب العالمية الثانية"، نسبة إلى حجم الاقتصاد الأمريكي. وقال المكتب إنه بدون احتساب صفقة التحفيز من المالية العامة، فإن العجز سيصل إلى 8.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
ورفض هذا الجهاز الرقابي على الميزانية إعطاء تقدير عن نسبة العجز في حالة تطبيق برنامج التحفيز الاقتصادي، إلى أن يتوافر لديه المزيد من التفاصيل. ولكن الأرقام الحالية توحي بأن العجز في المالية العامة في الولايات المتحدة، يمكن أن يزيد على 10 في المائة من الناتج المحلي القومي.
وقالت مايا ماكجينياس MacGuineas، رئيسة ’اللجنة في سبيل ميزانية فدرالية مسؤولة‘، التي تتألف من أعضاء من الحزبين: كنا نعلم أن أرقام العجز ستكون كبيرة، ولكن المحير أن تصل إلى 1.2 تريليون دولار؟
وقال مكتب الميزانية إن من المقدر أن تهبط الإيرادات الحكومية بنسبة 6.6 في المائة في السنة المالية الحالية. وسيرتفع الإنفاق الحكومي بنسبة 17 في المائة. وتعود معظم الزيادة في الإنفاق إلى المبالغ المخصصة لإنقاذ القطاع المالي، والتأميم الذي فُرِض بحكم الواقع على وكالتي القروض السكنية فاني ماي وفريدي ماك.
قال مدير مكتب الميزانية بالوكالة روبرت سنشاين، إن تقديرات المكتب للتكلفة الحقيقية لصندوق الإنقاذ البالغ 700 مليار دولار، والمعروف ببرنامج إغاثة الموجودات المعتلة، هي في حدود 189 مليار دولار. وهذا يعني في المتوسط أن مقدار الدعم الحكومي هو نحو 25 سنتاً عن كل دولار.
وقال إن تكلفة السيطرة على وكالتي فاني ماي وفريدي ماك بلغت 238 مليار دولار. وإذا لم تكن هناك تغيرات في السياسة المالية، فإن الاقتصاد سيتقلص بنسبة 2.2 في المائة في عام 2009، وستصل معدلات الذروة للبطالة إلى 9.2 في المائة في عام 2010؛ وستهبط أسعار المساكن مرة أخرى بنسبة 14 في المائة، ولن يعود الاقتصاد الأمريكي إلى طاقته الإنتاجية الكامنة حتى عام 2015.
الشركات الصانعة تزيد من الحوافز
محاولة يائسة لتشجيع الناس على شراء السيارات
برنارد سايمون وسونج جونغ - أيه
هذا العرض الذي تقدمه العلامة التجارية الكورية الجنوبية، هو واحد من العروض التي تقدمها شركات صنع السيارات، التي تحاول يائسة المحافظة على استمرارية خروج السيارات، من مصانع تجميعها التي تراجع استخدامها.
وبينما تراجعت مبيعات السيارات الخفيفة في الولايات المتحدة بنسبة 36 في المائة في الشهر الماضي، عما كانت عليه قبل عام، فقد نما متوسط الحوافز بنسبة 18 في المائة محققاً خصماً قياسياً في شهر كانون الثاني (ديسمبر) الماضي، قدره 2.902 دولار على السيارة الواحدة، وفقاً لما أفادت به Edmond.com لخدمة أسعار السيارات على الإنترنت.
ويقول جيسي توبراك، المحلل في موقع إدموند. كوم Edmond.com: إن شركات صنع السيارات تزيل جميع العوائق لتحفيز المتبضعين في هذه الأوقات الصعبة. وتعتبر هذه المزايا دلالة على التراجع، خاصة بالنسبة لشركات جنرال موتورز، وفورد موتور وكرايزلر، التي كانت تحاول أن تفطم نفسها عن هذه البرامج، إلى أن انهارت السوق في صيف العام الماضي.
الحوافز تعزز المبيعات ولكن كلفتها عالية في المدى الطويل عبر خفض قيمة البدل للسيارة، الأمر الذي يلحق ضرراً بصورة العلامة التجارية، فعبر إقناع العملاء وتشجيعهم على الشراء، يعقب حملات الترويج عادة تراجع في المبيعات.
الوضع الذي تعيشه هونداي يوضح المأزق الذي تعاني منه هذه الصناعة. ذلك أن مصنعها في آلاباما ينتج أكثر من 17.000 سيارة سوناتا سيدان وسانتا في شهرياً. ولم يتم بيع إلا 12.900 سيارة من هذه الموديلات في شهر كانون الأول (ديسمب) الماضي. وقد تراجعت المبيعات الإجمالية لشركة هونداي في الولايات المتحدة بنسبة 48 في المائة.
وقد تم وقف العمل في مصنع ألاباما لمدة 11 يوماً في الربع الرابع، ولكنه عاد الآن ليعمل طوال أيام الأسبوع وبنوبتي عمل في اليوم. وتعمد شركات صنع السيارات الأخرى إلى زيادة الخصم الذي تمنحه، وإلى تمويل عمليات الشراء بفائدة متدنية وغير ذلك من أساليب الترويج.
ويقدر موقع إدموندز Edmonds.Com أن شركة تويوتا التي حاولت طويلاً المحافظة على سرية هذه الصفقات، قد ضاعفت تقريباً من إنفاقها على الحوافز في العام الماضي ليصل الخصم إلى مبلغ 1.995 دولاراً على السيارة.
وتراجعت مبيعات شركة كرايزلر بنسبة 53 في المائة خلال شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي، الأمر الذي زاد من مخزونها من موديلات 2008، وهي تقدم خصماً يصل إلى 6.000 دولار على السيارات من موديل عام 2008 و3000 دولار على موديلات هذا العام.
وتعتقد ريبكا ليندلاند المحللة في شركة اتش آي إس جلوبال هيندسايت HIS Global Hindsight الاستشارية، أن الحوافز فقدت كثيراً من فعاليتها في ظل المناخ الاقتصادي الحالي، إذ تقول: المشكلة الأساسية هي أن العملاء لا يريدون أن يتحملوا مزيداً من الدين في الوقت الراهن.
الصفقات يمكن أن تظهر من وراء الغمام
"فايننشيال تايمز"
وحتى انهيار ليمان برذرز في شهر أيلول (سبتمبر) الماضي، اعتقد العديد من المصرفيين بأن الشركات ذات الميزانيات العمومية القوية ستستغل هبوط أسعار أسهم المؤسسات المنافسة لها، بهدف الاستيلاء على بعض الصفقات.
ولكن حين أعلن البنك الاستثماري الأمريكي إفلاسه، تحوّل المزاج العام بين الرؤساء التنفيذيين، وحاز الحفاظ على النقد أولوية على استخدام المال في العمليات الاستحواذية.
وقال كارلو كالباريا، مدير الاندماجات والاستحواذات الأوروبية في بنك ميريل لينش، أنه سيتم القيام بالصفقات الصحيحة خلال العام الجديد. "إن الخلل الموضعي الدراماتيكي الذي نواجهه اليوم، وندرة توفر الائتمان يحددان الفائزين، والخاسرين في قطاعات متعددة، وستكون الظروف مواتية للغاية من أجل دفع الاندماجات"، كما يقول.
ويعتقد المصرفيون أن المزج بين حاجات الاندماج ضمن بعض الصناعات، والأسعار المغرية للأصول، واللاعبين الذين يعيشون في صراع الحاجة إلى ملكية جديدة، سوف تحفّز جميعها سلسلة من الصفقات، بحيث تحاكي تجربة الأزمات الماضية في فترة الثلاثينيات والسبعينيات، والثمانينيات من القرن الماضي.
ويتوقع باول باركر، المدير العالمي للاندماجات والاستحواذات في بنك باركليز، أن يشهد نحو 2000 مليار دولار كحجم للصفقات العالمية في العام الجديد، الأمر الذي سيضع هذه الأرقام تقريباً على قدم المساواة مع تلك في عام 2004، أي عقب ثلاث سنوات من انهيار طفرة الدوت كوم.
"سنشهد نصف عام أول بطيء، ولكن بصفقات كبيرة، ومكتنزة، حيث من الممكن أن يكون الناس انتهازيين. إن التاريخ إلى جانب الشركات التي تشتري بصورة واقعية"، كما يقول باركر.
إن مضاعفات الأرباح قبل الفائدة، والضرائب، والانخفاض في قوة العملة الشرائية، وسداد الديون ebitda، تسجّل فعلياً مستويات متدنية تاريخياً، مشيرةً إلى توفر العديد من فرص الشراء للشركات التي تتسم بميزانيات عمومية قوية. وأثناء الربع الرابع، سجل مضاعف معدل ebitda، نحو 8.6 ضعفاً، وهو المعدل الربعي الأقل قياسياً، بالمقارنة مع معدل 12.4 ضعف للفترة نفسها من العام الماضي، وفقاً لما جاء عن وكالة ديالوجيك – Dealogic، وهي شركة تزويد بيانات مالية.
"وسلطت الأسواق الضوء على أهمية قوة قاعدة رأس المال. وتفهم الشركات ذلك، وستعدّل استراتيجياتها للاندماجات والاستحواذات وفقاً لذلك، بحثاً عن صفقات تحافظ بصورة أساسية المرونة المالية، أو تعمل على تحسينها"، كما جاء عن جيف ستيوت، وهو مدير مشارك للاندماجات والاستحواذات الأمريكية الشمالية في بنك جي بي مورجان.
وحدد تحليل صدر مؤخراً عن المظهر العام للاندماجات والاستحواذات في أوروبا، ومجموعة بوسطن للاستشارات، عدة صفقات محتملة، حيث يمكن أن تجري خلال العام الجديد، وهي تشمل عمليات اندماجية بين شركة تصنيع السيارات الفرنسية، بيجو، وشركة النشاط العملي في مجال السيارات في إيطاليا، فيات؛ وشركة أريفا الفرنسية، وألستوم الفرنسية؛ واستحواذ شركة أسترا زينيكا البريطانية على منافستها الأصغر، شاير؛ والاستحواذ على شركة هوختيف الألمانية من قبل أي سي إس من إسبانيا.
والصفقات التي تم التخلي عنها في الآونة الأخيرة بسبب ارتفاع تكلفة الاقتراض، مثل عرض شركة زستراتا – Xstrata، المقدّم إلى لشركة ونمين، يمكن أن تعود خلال العام الجديد. ولا تزال شركة المعادن الأنجلو سويسيري يستحوذ على نحو 25 في المائة من شركة لونمين، الأمر الذي من الممكن أن يمنع مزايدين آخرين من الاستحواذ على السيطرة.
"وبينما تواصل الشركات ذات الرسملة الجيدة في دراسة السوق، بكل فاعلية، من أجل انتهاز فرص ملموسة للاندماجات والاستحواذات، يبدو أن هنالك إجماعاً متزايداً يشير إلى أن الفرص اليوم، ربما تصبح صفقات غداً"، كما يقول ويلهيلم شولز، المدير المشارك لعمليات الاندماج والاستحواذ في أوروبا، والشرق الأوسط، وإفريقيا في سيتي جروب. "إن الإبداع في تأمين مصادر للتدفق النقدي، وتدبّر التقلب في صفقات الأسهم سيكون عاملاً من العوامل الأساسية التي تميّز الشركات المتجهة قدماً في مجال عمليات الاندماج والاستحواذ".
وستستمر كذلك القطاعات الموّلدة للنقد، مثل المرافق العامة، والرعاية الصحية، في إظهار قوة دافعة للصفقات السليمة، وكذلك إعادة هيكلة المؤسسات المالية التي ستستمر في البحث عن الاندماجات، بالإضافة إلى طرح الأصول، بهدف دعم ميزانياتها العمومية.