الخميس, 15 يناير 2009
أحمد الخيري - القنفذة
نجا مدير إحدى المدارس التابعة لمحافظة المخواة بعد انحراف سيارته في الطريق الصحراوي المؤدي إلى المدرسة حيث كان مدير المدرس (م - س) متجها إلى مدرسته التي تقع في منطقة صحراوية تسمى المزيرعة تابعة لمحافظة المخواة شرق الخط الساحلي الدولي، بمسافة تزيد عن 40 كيلو مترا شرقا، وأثناء السير انحرفت سيارته عن الطريق الترابي مما أدى إلى انقلابها عدة مرات وخرج المدير من سيارته بأعجوبة بعد أن سقط بعيدا عن سيارته خلال تدحرجها، مما أدى إلى اشتعال النيران فيها واحتراقها بالكامل وهي من الموديلات الجديدة، وهو ينظر إليها بعين الحسرة نظرا لبعد الطريق وقلة مرتاديه وعدم وجود من يقوم بإطفاء الحريق في تلك المناطق الصحراوية البعيدة وانعدام شبكة الاتصال.
المدير أصيب بإصابات متفرقة وتم نقله إلى مستشفى القنفذة العام، و انتقلت فرقة من مركز الدفاع المدني بالمظيلف ولبعد المسافة سيطرت النيران على السيارة بالكامل قبل وصول الفرقة نظرا لبعد المسافة.
ما هي معايير الجودة لضبط نظام التعليم؟
لتحسين أداء المعاهد والكليات التقنية ورفع كفاءة التعليم، طرح البروفسور الهندي شيام فكرة طالب من خلالها الحكومات الهندية والبريطانية والأمريكية باتخاذ إجراءات تضمن للطلاب الذين يدفعون رسوما باهظة حقوقهم في العثور على وظيفة بعد اجتياز البرامج. ويقترح إلزام هذه المؤسسات التعليمية بإعادة الرسوم الدراسية لكل المتخرجين الذين لا يجدون عملا بعد اجتياز البرامج المقررة، باعتبار أن المؤسسات أخفقت في تحديد نوعية المهارات المطلوبة في السوق، أو الارتقاء بجودة البرامج والمواد إلى مستوى المنافسة. ويعتبرها مخالفات، وعلى المتسبب فيها تحمل تبعاتها.
يتجاوز شيام إعادة رسوم الدراسة، فيطالب بإلزام المؤسسات التعليمة بتعويض الطلاب عن الفترة التي أمضوها في التعليم، حالمين بحياة أفضل لم يجدوا لها أثرا في الواقع بعد تخرجهم.
ما أحوجنا نحن اليوم إلى شيء كهذا! لماذا لا نحاسب المؤسسات، التي توهم في إعلاناتها الناس بضمان العمل بعد إنهاء البرنامج، ثم يتخرج منها فنيون وتقنيون لا يجدون وظائف في تخصصاتهم، غالبا بسبب نقص الخبرة أو تدني مستوى التأهيل للمنافسة.
لماذا لا تطالب المدارس الثانوية التي تفرض رسوما مبالغا فيها ، بضمان قبول الطلاب في الجامعات، أو إعادة تكاليف الدراسة التي يتقاضونها لذات السبب، فهم الذين فشلوا في أداء وظيفتهم وإعداد الطلاب لمتطلبات الجامعة، أو سوق العمل؟ ولماذا لا تطالب برامج التأهيل المدفوعة في الجامعات بقبول الطلاب/ صنيعتهم؟
ربما نعتبرها فكرة سخيفة أو غبية في مجتمع له خلفيتنا الثقافية، وعاداتنا في المعاملات "تزوج ابنتك ولا تضمن بختها". لكن ما يستحق التأمل والتفكر فيه، هو الدافع المحرك الذي أفرز مثل هذه المقترحات. يقول الدكتور شيام، "إن رداءة التعليم في هذه المؤسسات وتدني مستوى المعلم فيها، وحصر الاهتمام بالجانب المادي، والجشع والركض وراء الكسب كانت خلف الإخفاقات". ويظن أن إجراء كالذي يقترحه، من شأنه أن يدفع المؤسسات المعنية لمراجعة حساباتها ودراسة الوضع بجدية، وتطوير برامجها بما يتناسب وأسواق العمل.
لقد توافرت عندنا كل الدوافع التي ذكرها شيام، فمستوى التعليم ليس فقط الفني والتقني، وليس فقط في المعاهد والكليات ، وليس فقط في التعليم الأهلي، ولا فقط في التعليم العام، وبشهادة الشهود، متدن. فجامعاتنا تذيلت قوائم الترتيب العالمي للجامعات، وعلى المستوى الإقليمي كذلك.
وهناك دراسات تشير إلى تدني مستوى التعليم العام. ففي تقرير دراسة الاتجاهات في الرياضيات والعلوم الدولي، الذي تعده الوكالة العالمية لقياس الإنجازات العلمية، تبوأ طلابنا من الصف الثاني المتوسط المراتب الدنيا في قوائم الرياضيات والعلوم في عامي 2003 و 2007، ولم يأت خلفهم سوى طلاب من دول كغانا والسلفادور.
وبعيدا عن جدل الأسباب البراغماتي، الذي لا نفع منه (سوى التأكيد، بطريق غير مباشرة، على وجود المشكلة وظهور الأعراض، وتفشي الظاهرة)، هناك إجماع على خطورة الأوضاع التعليمية، وعلى ضرورة التصدي لهذه الظاهرة بكل قوة. لابد من دراسة الأسباب بطرق علمية ومنهجية، ولا مجال هنا للتجارب.
عندما تقدمت مستويات الطلاب الآسيويين، من سنغافورة وهونج كونج وتايوان على مستويات الطلاب الأمريكيين في مواد الرياضيات والعلوم، لم يبرر أحد تراجع المستويات وتدني القدرات كما فعلنا، بل نادوا لعقد الندوات والمؤتمرات ودعم الأبحاث لدراسة الأسباب ووضع الحلول، رغم أن معدلات أداء أبنائهم كانت أعلى من المتوسط. ودول الاتحاد الأوروبي، تناقش مسألة وضع معايير لمستوى الأداء وكفاءة مؤسسات التعليم العالي.
وانطلقت في المكسيك، بمساهمة من اليونيسيف، حملات مكثفة لتقويم المستوى التعليمي في البلاد، شارك فيها 11 مليون طالب وطالبة من المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، وكان ذلك من خلال امتحان موحد في العلوم والرياضيات واللغة الإسبانية. ويأمل المسؤولون هناك أن تسهم نتائج هذه الدراسة في تحديد مواطن الضعف في التعليم ووضع البرامج لتطويره. أما نحن وبعد الإخفاقات التي مني بها نظام التعليم عندنا، فكانت ردود الفعل على أحسن تقدير فاترة.
المراقب في بلادنا لمخرجات التعليم لا تسره النتائج. وأمثالنا، نحن الأكاديميين القريبين من خريجي الثانوية العامة، نلمس الوهن في قدرات الطلاب الفكرية وإمكاناتهم العلمية، وأهليتهم للتعليم العالي. وفي الجامعات نعاني، ونخفق أحيانا في البناء على أسس هشة وأرضية لينة. لا نعرف الأسباب لكننا نشعر بالخلل. فهل سنرى دراسات لتقويم الوضع وبرامج لإصلاحه؟
تفاجأ عندما تعرف أن ميزانية الطلاب الموهوبين في مدينة جدة لا تزيد عن 100 ألف ريال في العام، من مجمل ميزانية التعليم، التي بلغت هذا العام 122 مليار ريال، وقاربت ربع الموازنة العامة. وبالحساب، وعندما تعرف أن عدد المسجَلين في برنامج الموهوبين أكثر من 70 تلميذا، تدرك أن ما ننفقه على الطالب المتميز لا يتجاوز 1300 ريال سنوياً. كنت أظن أننا نبالغ في تدليل الموهوبين - وحق لهم أن يدللوا - إلى أن سمعت ثم رأيت ... إمكانات لا تتناسب وأهمية البرنامج، ولا مع حجم الآمال المعقودة على هذه الكوكبة من الأشبال الموهوبين. هذا فقط مثال، ولا يسع المقال لغيره!