عبد الرحمن إسماعيل من دبي
تجددت الدعوات من جديد لمطالبة السلطات المعنية بالتدخل لإنقاذ أسواق الأسهم الخليجية التي أصيبت في تعاملات أمس بحالة من الذعر كرد فعلي سلبي إزاء نتائج شركة سابك السعودية كبرى الشركات الخليجية العاملة في قطاع البتروكيماويات حيث توقعت الأسواق، بحسب المحللين والوسطاء، أن تأتي نتائج بقية الشركات القيادية في الخليج بتراجع قوي مشابه لما منيت به "سابك". ولم يختلف المحللون والوسطاء الذين تحدثت إليهم "الاقتصادية" على أن التراجع القوي في أرباح الشركات والبنوك القيادية هي التي هوت وتهوي بمؤشرات الأسواق الخليجية التي تعود إلى مستويات عامي 2004 و2003 كما في سوق الدوحة أكبر الخاسرين أمس وكما في سهم "إعمار الإماراتية" الذي انهار دون الدرهمين لأول مرة منذ 50 شهرا إلى 1.85 درهم.
ووصف لـ "الاقتصادية" المحلل المالي هيثم عرابي الرئيس التنفيذي لشركة جلف مينا للاستثمارات البديلة - تحت التأسيس - وضع الأسواق الخليجية بالكارثي، حيث أصيبت الأسواق كما قال بحالة من الهلع وكأن الشركات القيادية أفلست ولا تملك موجودات أو لم تحقق أرباحا أو أن البورصات أغلقت أبوابها.
ودعا عرابي إلى ضرورة تدخل الحكومات الخليجية عبر أذرعها الاستثمارية بالاستثمار في أسهم شركاتها بعدما وصلت الأسعار إلى مكررات ربحية غير متوقعة 2 إلى 3 مرات، دون التذرع على حد قوله بحرية الأسواق قائلا "الولايات المتحدة راعية الرأسمالية تتدخل لانتشال شركاتها في حين أن الشركات الخليجية التي لا تعاني كما الشركات الأمريكية لا تجد من يدعمها".
وهوت مؤشرات الأسواق كافة لليوم الرابع على التوالي أمس دون توقف بل إنها سرعت من وتيرة سقوطها إلى الدرجة التي سجلت معها كافة الأسهم القيادية في أسواق دبي وأبو ظبي ومسقط والدوحة انخفاضات بالحدود القصوى دون مشترين، ووصل الأمر إلى أن تداولات بقيمة 300 مليون درهم تكبد أسواق الإمارات خسائر بقيمة 16.5 مليار درهم لتفقد الأسهم في يومين 27 مليار درهم، كما لم تشهد سوقا الدوحة ومسقط أي ارتفاعات لسهم واحد.
وأوضح عرابي أن نتائج شركة سابك كانت بمثابة نوع من المقياس الذي احتسبته الأسواق لنتائج بقية الشركات القيادية التي ستكون أرباحها على هذه الشاكلة من التراجع القوي، وهو ما ولد نوعا من الذعر في كافة الأسواق، وزاد من وتيرة الخوف تراجع أسعار النفط إلى 33 دولارا للبرميل وهبوط الأسواق الأمريكية في أول يوم لتولي الرئيس الجديد مقاليد الحكم.
ومنيت سوق الدوحة للجلسة التاسعة على التوالي بأكبر الانخفاضات 8.2 في المائة بعدما كسر المؤشر حاجز 5000 نقطة لأول مرة منذ خمس سنوات، تليها سوق مسقط للجلسة السابعة على التوالي بانخفاض 6.2 في المائة وسوق دبي المالي 5.5 في المائة بعدما كسر المؤشر حاجز 1500 نقطة لأول مرة منذ حزيران (يونيو) 2004، وسوق أبو ظبي 5 في المائة وسوق البحرين 1.6 في المائة بعدما كسرت حاجز 1700 نقطة وبورصة الكويت 1.4 في المائة بعدما كسرت حاجز 6600 نقطة.
ومنيت أسواق الأسهم الإماراتية بخسائر قيمتها 16.5 مليار درهم في تعاملات أمس رغم ضآلة حجم وقيم تعاملاتها التي بلغت 300 مليون درهم وسجلت أسعار 20 شركة في سوقي دبي وأبو ظبي انخفاضا بالحد الأقصى 10 في المائة دون تقدم مشتر واحد للشراء حيث اختفت تماما من شاشات التداول طلبات الشراء وهو ما يعكس عدم وجود رغبة لدى المتداولين للشراء في ظل استمرار الهبوط الحاد.
واستمرت موجة البيع المذعورة في سوق دبي التي كسرت حاجزا جديدا عند 1500 نقطة، وباستثناء ارتفاع لسهمين فقط سجلت كافة الأسهم المتداولة لـ 22 شركة هبوطا جماعيا منها عشرة أسهم بالحد الأقصى من بينها أسهم قيادية مثل سهم "إعمار" الذي تراجع دون الدرهمين لأول مرة منذ 50 شهرا إلى 1.85 درهم وسط امتناع المستثمرين عن الشراء رغم أن مكرر ربحية السهم على حد قول هيثم عرابي أقل من مرتين.
ومن بين الأسهم التي تراجعت بالحدود القصوى أيضا "دبي المالي" لأول مرة منذ الإدراج أوائل عام 2006 دون قيمته الاسمية درهم إلى 90 فلسا و"شعاع" درهم واحد، كما تراجع سهم "الإمارات دبي الوطني" أثقل الأسهم في المؤشر بالحد الأقصى المحدد له بنسبة 5 في المائة إلى 3.26 درهم.
وبالقوة السقوط نفسها جاءت تعاملات سوق العاصمة أبو ظبي التي تخلت هي الأخرى عن مستوى 2200 نقطة، ومن بين 27 شركة سجلت هبوطا هوت أسعار عشر شركات بالحد الأقصى، من بينها شركات قيادية مثل "الدار العقارية" إلى 2.62 درهم و"صروح" إلى 2.55 درهم وبنك الاتحاد الوطني إلى 1.62 درهم و"آبار" إلى 1.45 درهم.
وكسرت سوق الدوحة بعد تسع جلسات من الهبوط المتواصل والقاسي حاجز 5000 نقطة لأول مرة منذ خمس سنوات، وهوت جميع أسهمها المتداولة (40 شركة) دون ارتفاع لسهم واحد، وسط تداولات لا تزال ضعيفة للغاية بقيمة 253 مليون ريال من تداول 12.3 مليون سهم، منها 7.6 مليون لثلاثة أسهم هي "الريان" و"الخليجي" و"ناقلات".
وفشلت توزيعات الأرباح ونسب النمو في أرباح الشركات القيادية التي تباينت الآراء حيالها في وقف الهبوط الذي وصل إلى الحد الأقصى 10 في المائة في أسعار 20 شركة من بينها أسهم قيادية وثقيلة في المؤشر مثل بنك قطر الوطني أكبر البنوك القطرية إلى 107.5 ريال و"كيوتل" دون 100 ريال لأول مرة منذ سنوات طويلة إلى 91.80 ريال و"قطر الإسلامي" إلى 60 ريالا و"بروة العقارية" إلى 20.4 ريال رغم قرار الحكومة دمجها مع شركة العقارية التي تراجعت هي الأخرى بالحد الأقصى.
وللجلسة السابعة على التوالي تتكبد سوق مسقط خسائر فادحة، وعلى غرار الدوحة لم تشهد السوق لليوم الثاني على التوالي ارتفاعا لسهم واحد بعدما هبطت جميع أسهمها المتداولة وعددها 23 شركة من بينها أكثر من عشر شركات بالحد الأقصى هبوطا 10 في المائة منها شركات قيادية بوزن وثقل أسهم البنك الوطني وجلفار للهندسة والأنوار القابضة والجزيرة للخدمات والمطاحن العمانية وظفار الدولية والأنوار للسيراميك.
وتخلت سوق البحرين عن مستوى 1700 نقطة بعدما تضافرت أسهم البنوك والاستثمار والخدمات والفنادق في الضغط على السوق التي لم تشهد سوى ارتفاع سهمين فقط هما "الاستيراد" و"الخليجي" اللذان سجلا ارتدادا قويا بعد انخفاضهما الجلسات الماضية بالحد الأقصى وارتفع الأول بنسبة 9.9 في المائة إلى 0.287 دينار والثاني 8.9 في المائة إلى 0.158 دينار.
وتأثرت السوق البحرينية بتراجع أرباح بنك البحرين الوطني أكبر البنوك في المنامة حيث انخفضت بنسبة 16.3 في المائة إلى 34.7 مليون دينار من 41.5 مليون دينار، ولم تفلح توصية مجلس الإدارة بتوزيع أرباح نقدية على المساهمين بنسبة 30 في المائة في وقف التراجع القوي الذي لحق بالسهم في تعاملات أمس الذي بلغ 9 في المائة إلى 0.6 دينار.
كما تواصلت موجة الهبوط في بورصة الكويت التي شهدت لأول مرة عزوفا عن التداول حيث جرى تداول 34 شركة فقط من إجمالي أكثر من 120 شركة مدرجة في البورصة، ومن بين الشركات المتداولة انخفضت أسعار 16 شركة مقابل ارتفاع أسعار تسع شركات واستقرار مثلها، وبتداولات ضعيفة للغاية قيمتها 22 مليون دينار من تداول 92.4 مليون سهم. ووفقا لمحللين في السوق الكويتية فإن محافظ وصناديق الاستثمار وصغار المستثمرين يواصلون البيع والخروج من السوق في ظل غياب تام للمحفظة المليارية التي كان يعول عليها كثيرا في دعم البورصة التي تراجعت منذ مطلع العام الجاري وفي ثلاثة أسابيع فقط أكثر من 15 في المائة مما يشير إلى عمق الهبوط الذي تمر به السوق.
وباستثناء ارتفاع طفيف لأسهم قطاع التأمين ضغطت كافة قطاعات السوق على المؤشر الذي تخلى عن مستوى 6600 نقطة، وسجلت كافة الأسهم الثقيلة والقيادية نسب هبوط قياسية، حيث تراجع لأول مرة منذ سنوات سهم بيت التمويل الكويتي "بيتك" عن 1 دينار إلى 0.91 دينار بانخفاض 5.2 في المائة، وبنك الكويت الوطني 5.5 في المائة إلى 0.86 دينار وبنك الكويت التجاري 3.8 في المائة عند الدينار وبنك برقان 5.7 في المائة إلى 0.41 دينار بعدما امتنع بنك الخليج المتحد عن المضي قدما في صفقة شراء زيادة رأسمال البنك على أساس سعر 900 فلس للسهم بعدما انحدر السعر السوقي إلى 410 فلوس.