5 دول خليجية لديها عملة موحدة تسمى الدولار القبس الكويتية السبت 24 يناير 2009 11:48 ص


السياسة النقدية لدول التعاون مرهونة بالإمارات والسعودية
عندما بدأ تحليل البنوك الخليجية اول مرة، وكان ذلك قبل 20 عاماً، كتبت اسعار صرف العملات لدول الخليج الست مقابل الدولار على قطعة من الورق وألصقتها امام مكتبي، واليوم وباستثناء الدينار الكويتي، يمكنني ان استخدام معدلات اسعار الصرف نفسها لتحويل العملات التي سجلتها قبل 20 عاماً.
حتى الدينار الكويتي، الذي ظل خلال العشرين سنة الماضية مربوطا بسلة من العملات، بقي عند متوسط سعر صرف في حدود 8% منذ منتصف الثمانينات. (وكان الدينار مربوطا بالدولار لثلاث سنوات ونصف السنة منذ 2003 الى 2007).
لذلك فانني اشعر دوما بالدهشة والذهول عندما تتحدث دول الخليج عن خططها بشأن العملة الموحدة، فخمس من ست دول تشكل مجلس التعاون الخليجي لديها اصلا عملة موحدة، تسمى الدولار.
ان السؤال الاول الذي يطرح على اولئك المدافعين عن الوحدة النقدية هو ما اذا كانوا يريدون التخلي عن ربط عملاتهم بالدولار، والتحرك باتجاه معدل سعر صرف معوم يشمل العملات الاخرى، غير العملة الاميركية، وعند ضعف الدولار، يمكن لهذه الخطوة ان يكون لها العديد من الايجابيات التي ستختفي مع استعادة العملة الاميركية لقوتها.
فترات الاستنزاف
ولطالما عايشت دول اوبك حالة استنزاف في كل مرة يشهد فيها الدولار ضعفا في قيمته وتراجع القوة الشرائية للنفط، الذي يهيمن الدولار على سعر شرائه، غير انه يبدو ان المنظمة قد خلصت الى نتيجة مفادها تفضيل ركوب الدورة على محاولة تصميم وتطبيق سعر يستند الى عدة عملات.
ومهما قال الاقتصاديون وادعوا، يظل ان موضوع السياسة النقدية هي عملية سياسية.
وبالدخول الى هكذا وحدة، فان على الحكومات تقبل موضوع انها لم تعد تتحكم وتسيطر على ادوات مهمة مثل معدلات الفائدة.
وفي ظل الوحدة، ستكون السياسة النقدية للدول الست محكومة بالظروف الاقتصادية للسعودية والامارات، واذا ما بدأت اقتصادات هاتين الدولتين تشهدان فورة وسخونة ونشاطا مبالغا فيه، عندها سيتعين رفع معدلات الفائدة، واذا ما تباطأت اقتصادات هاتين الدولتين، لا بد حينها من خفض معدلات الفائدة.
الاعتماد النفطي
ويمكن المحاججة بأن اقتصادات الخليج متشابهة جدا لدرجة انه في واقع الممارسة العملية فان الاحتياجات النقدية للدول الست بالكاد تتشعب، فجميع الدول تعتمد بشدة على اسعار النفط والغاز، وجميعها لديها احتياطيات كبيرة من العملات الاجنبية الصعبة، كما ان جميعها تعتمد على البضائع المستوردة، ولا تملك اي منها اي صناعة زراعية بأي حجم كان.
ومع ذلك فان الاختلافات تظل موجودة، فانتاج النفط والغاز الطبيعي يشكل نحو 50% من الناتج المحلي الاجمالي للسعودية، ونحو 40% في الامارات، لكنه لا يشكل سوى 15% تقريبا في البحرين، والسعودية التي يبلغ تعدادها السكاني 25 مليون نسمة تطور قاعدة صناعية خارج نطاق البتروكيماويات. وعلى النقيض، فان اقتصاد الامارات، بتعدادها السكاني الذي لا يتجاوز 4 ملايين نسمة، يتوسع من خلال صناعة الخدمات والعقار، وقد تباينت معدلات التضخم في دول الخليج العام الماضي، وتراوحت بين ارقام مئوية صغيرة ونحو 15% في قطر والامارات.
الاستقرار المالي
وفي ظل الوحدة النقدية، يجب معالجة وطرح موضوع الاستقرار المالي عبر سياسة موحدة، فعلى سبيل المثال، اذا انتابت دولة واحدة مخاوف من ان المضاربات على العقار قد اصبحت شديدة لدرجة تهدد معها الاقتصاد، فان السلطات، حاليا، تملك خيار رفع معدلات الفائدة، لكن في ظل الوحدة النقدية فان مثل ذلك العلاج لن يكون متوافرا.
ومع مرور الوقت، ستسعى سلطة نقدية خليجية موحدة وراء الحصول على سلطات اوسع نطاقا، لمنع الفقاعات الناجمة عن المضاربات، وستتعدى وتنتهك حرمة الرقابة المصرفية داخل الدول.
ان دول الخليج حققت على امتداد السنوات العشرين الماضية تقدما مهما باتجاه الاندماج الاقتصادي وحتى الآن، لم يتعد أو ينتهك ذلك التقدم بشكل اساسي سيادتها. ان تلك السيادة هي بالضبط ما يجب وضعه على الطاولة اذا ما ارادت الدول الست التحرك الى الامام في موضوع الوحدة النقدية.
هيمنة ثلاثية خليجية
ان التحدي المتمثل في كيفية تطبيق وفرض عملة موحدة يتضاءل في اهميته، عند مقارنته بموضوع اكثر جوهرية واهمية سيتعين على اعضاء الوحدة النقدية ان يواجهوه، وهذا الموضوع هو التخلي عن مفاهيم مهمة واساسية للسيادة كالسياسة النقدية والاشراف على الاستقرار المالي والتنازل عنها لجهة واحدة تهيمن عليها اكبر دولتين او ثلاث دول في الخليج.
الهيمنة على الأحوال النقدية
أحد المؤشرات الاساسية التي تستخدمها البنوك المركزيةللهيمنة على الاحوال النقدية هي M2، وهو اساسا المعني بقياس حجم العملات والودائع المصرفية في النظام المالي، وفي نهاية يونيو الماضي، شكلت دولتان اكثر من 70% من جميع ال M2 الموجود في الخليج، وكان المعدل في السعودية 37% والامارات 35%، اما الكويت فقد بلغ المعدل 15% وقطر 8%، في حين لم يتجاوز المعدل في البحرين وعمان مجتمعتين 5%.