رد: اخبار التربية والتعليم ليوم الاحد 28/1
عكاظ : الأحد 28-01-1430هـ العدد : 2779
معلمة أسيرة أب ظالم وزوج متسلط
لا يمكن أن تفصل الجيل عن الظواهر المنتشرة فيه . . وهذه الظواهر ناسجة ومؤثرة في اعتقادات الناس وسلوكياتهم, والأعجب أنها تصل إلى آذان الأطفال دون تصفية أو "فلترة" سواء أكانت سيئة أو حسنة, وفي هذا الإطار سوف أورد قصة طريفة تبرهن على تأثير الظواهر المنتشرة في المجتمع تصل أحيانا إلى مسلمات . . أما القصة فحدثت في مدرسة للمرحلة الابتدائية, وفي أحد فصول الصف الخامس, وهاكم القصة مختصرة: دخل معلم اللغة العربية على طلابه, وكان درسه عن إعراب المبتدأ والخبر بالحركات والحروف, وفي أثناء النقاش والدرس طلب المعلم من التلاميذ أن يأتوا بخبر لكلمة (المعلمات), مثلما أتوا بخبر لـ(المعلمون), فانبرى أحد التلاميذ للجواب وبدون تردد تقدم إلى السبورة فكتب: "المعلمات جميلات" فأشاد المعلم بجوابه, ولكن لم تكتمل الفرحة, فأصيب المعلم بالوجوم, وتملكته الدهشة, فالجملة مفيدة وصحيحة, ولكن تحمل في طياتها دلالات وإيحاءات, فقال المعلم في نفسه: أي جمال يقصده هذا الطالب البرئ؟ فهل يقصد الجمال الذي تعارف عليه الكبار؟ ثم أجاب في داخل نفسه: هذا شبه مستحيل, فأردف: هل أمرر الجملة كما هي واكتفي بصحتها, أم لابد من التفاعل والنقاش؟! ثم أريد أن أعرف ما الجمال الذي يقصده التلميذ وفي لحظة خاطفة ألقى المعلم على التلاميذ وبشكل عام السؤال التالي: لماذا المعلمات جميلات؟ فأتت الإجابات كالصواعق المحرقة, وحملت في طياتها الألم والحزن والأنين, فهيا بنا نقرأ إجابات التلاميذ: لأنها تصرف عليك!، لأنها تشتري لك سيارة، لأنها تبني لك عمارة، لأنها تعطيك "فلوس" لأن معها "قروش" كثيرة، ولأنها . . ولأنها . . ولأنها . . وهنا أصيب المعلم بصدمة عنيفة, هل يعقل أن هذه إجابات تلاميذ الصف الخامس الابتدائي؟ وقال لنفسه: إذن المعلمات لسن جميلات، لأنهن أمهات أو أخوات أو مخلصات في عملهن، أو أنهن يعلمن بنات المسلمين . . يا الله ما هذا؟ إذن المعلمات لسن جميلات لأنهن يقطعن المسافات البعيدة, ويقطعن الفيافي والقفار من أجل التربية والتعليم؟ ولذا فالمعلمات لسن جميلات لأنهن يضحين بوقتهن وصحتهن من أجل التربية والتعليم وبناء الوطن! أيها الناس: أفيقوا حتى الأطفال لهم أحلام في قهر المعلمات, فما حالهن الآن؟ إنهن مسحوقات مظلومات, فالمعلمة إما أسيرة أب ظالم منعها الزواج ليستمتع براتبها, وإما رهينة الزوج المفتري القاسي يسومها سوء العذاب, وقد سمعت يوما بعضهم يقول: منذ أن تزوجتها وبطاقة الصراف في جيبي ولم تلمسها يوما من الأيام, المعلمات أسيرات للديون الباهظة التي سببها أب قاس أو زوج متسلط, أو أخ متجبر, فبعض الأزواج يورطها مع شركات التقسيط التي لا ترحم بل إن بعضهم يورطها في عدة شركات . . إننا أيها الإخوة نحتاج إلى وقفة صادقة بجانب المعلمات المظلومات فالمعلمة احتملت هذا القهر والعسف إما لأنها تورطت أو أجبرت على زوج متسلط وأنجبت منه أطفالا ولأجلهم تصبر, أو أنها لا تستطيع أن تشكو أباها أو أخاها حفاظا على شرف العائلة, والأمر الآخر هو تلك الديون التي أثقلت عاتقها, فأصبحت كالأجيرة للبنوك وشركات التقسيط, وعندها لا تأخذ من راتبها إلا الفتات . . فهل هذه الحالة وهذه الأمور تليق ببناتنا ومعلماتنا؟ إنني أدعو المؤسسات الشرعية على اختلاف تخصصاتها, وجمعية حقوق الإنسان إلى إنقاذ المعلمات مما هن فيه من ظلم وقسوة, كما أدعو وزارة التربية والتعليم أن تقوم بالترافع وحماية معلماتها من هجوم الوحوش الضارية على رواتبهن, وذلك بفتح أقسام متخصصة لشكاوى المعلمات من هذا النوع وأخذها بعين الجدية والحزم, إن راتب المعلمة أصبح في كثير من الأحايين نقمة لا نعمة, فبسببه تطلق, وبسببه تحرم من الزواج, وبسببه يطاردها أبوها و أخوها بعد زواجها ويقاسمها ذلك الراتب التعيس وبسببه تعيش المعلمة سنوات تحت الظلم والقهر . . إنني أطلقها صرخة مدوية لإنقاذ المعلمات المقهورات, فهل من مجيب؟ . . مع علمي اليقين أن بعض المعلمات لسن كالحال التي ذكرت .
عبد الرحمن علي حمياني
|