عرض مشاركة واحدة
قديم 01-29-2009   رقم المشاركة : ( 7 )
صقر قريش
مشرف الأقسام التعليمية

الصورة الرمزية صقر قريش

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2814
تـاريخ التسجيـل : 22-08-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 31,556
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 596
قوة التـرشيــــح : صقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادة


صقر قريش غير متواجد حالياً

افتراضي رد: اخبار الاقتصاد ليوم الخميس 3/2

تسييس البترول



د. سعد بن عبدالله السَّبتي
صرّح الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما مؤخراً عند ترشيحه للسيد ستيفن تشو وزيراً للطاقة بأن (المستقبل الاقتصادي والأمني للولايات المتحدة الأمريكية يرتبط باستقلالها عن النفط الأجنبي، وأن من أوليات إدارته العمل على الاستغناء عن البترول الأجنبي).
ومثل هذه الدعوة للاستغناء عن النفط الأجنبي نادى بها كل رئيس أمريكي منذ نحو 35 عاماً أي منذ أيام حكم الرئيس نيكسون، إضافة إلى أن هاجس أمن الطاقة، دائم البروز في تصريحات مسؤولي الدول الصناعية، حيث تم إقحام هذا خلال الحملات الانتخابية الرئاسية من ذلك الحين وكان آخرها الحملات الانتخابية لأوباما وماكين.
ومن متابعتي لبعض ما يكتب في الصحافة الأمريكية عن الشأن البترولي وبالذات موضوع تقليص الاعتماد على البترول الأجنبي، أو ما يُدعى "استقلالية الطاقة" فإن جلّ ما يُكتب لا يتناول هذا الموضوع بموضوعية وعلمية، بل يغلب عليه الجانب السياسي، وتكون دوافعه أهدافا سياسية تسعى إليها جهات معينة داخل وخارج الولايات المتحدة.
وكتب كل من روجر سانت وميشال كينسي مؤخراً مقالاً في صحيفة "الواشنطن بوست" مفاده أن الولايات المتحدة الأمريكية ومنذ حكم الرئيس نيكسون فشلت في تحقيق استقلالية الطاقة، بل إن العكس هو ما حدث، حيث زاد اعتماد الولايات المتحدة على النفط الأجنبي، فارتفعت نسبة الواردات الأمريكية من النفط من الثلث إلى الثلثين من حجم الاستهلاك اليومي. وتخلُص المقالة إلى أن الحل ليس في استقلالية الطاقة، بل في ترشيد وتقليص استهلاك الطاقة مما يؤدي بالتالي إلى تقليص الاعتماد على البترول، وبالتالي الحد من القوة الاقتصادية والسياسية للدول المنتجة (وخاصة دول الأوبك).
إن الإشكالية في هذا السياق هي إقحام السياسة في البترول، وهي إشكالية قديمة ومزمنة ومتعددة المصادر، ففي الدول الصناعية المستهلكة نجد عدة جهات تُنادي بالاستغناء عن النفط الأجنبي أو المستورد خاصة من دول الأوبك. وفي الدول النامية نجد أيضاً كتابات تفتقد الموضوعية والعلمية عند تناولها للشأن البترولي، والنظر إليه على أنه سلعة سياسية ويجب توظيفها وإقحامها في المشاحنات والتوترات السياسية، مثل المناداة باستخدام النفط كسلاح، وهذه الدعوة رائجة في أوساط القوميين، واليساريين، وبعض الجهات الأخرى. وكل هذه التوجهات في الوقت الحاضر سلبية لأنها تفتقد المنطق الاقتصادي، كما أنها لا تخدم الدول المنتجة للبترول ولا الدول المستهلكة، ولا تحقق الاستقرار والنماء للاقتصاد العالمي.
وعودة إلى المقالة الآنفة الذكر، فإن ما خلصت إليه أنه ليس هناك حل سحري لاستقلالية الطاقة وأن الأجدى هو توفير استخدام الطاقة وبالتالي تقليص الاستهلاك، فإن ذلك له تبعات سلبية على الاقتصاد الأمريكي، علاوة على أنّ تحقيق ذلك لا يعدو أن يكون مجرد أمنية فحسب، حيث إنه لا يعتمد على حقائق اقتصادية والتي تؤكد أن النفط سيظل المصدر الأساس للطاقة في العالم نظراً لتوفره وسهولة نقله ورخصه. كما أن استقلالية الطاقة تعد مغايرة ومتناقضة مع روح التعاون الدولي، ومع المصالح المشتركة الدولية والتي تستند على التعاون والشراكة الدولية لتحقيق الاستقرار والنماء للاقتصاد العالمي، خاصة في ظل الأزمة المالية العالمية الراهنة.
ومع أن معظم ما يرد في الإعلام الأمريكي سلبي فيما يخص هذا الشأن، إلاّ أنه من اللافت نشر صحيفة "الوال ستريت" مقالة وصفت رغبة الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما بأن تكون الولايات المتحدة مستقلة في مجال الطاقة وأية سياسات يمكن أن تتخذ في ذلك المجال من قيود تجارية أو إعانات لمصادر طاقة غير مجدية بأنها إستراتيجية كارثية للاقتصاد الأمريكي، وسوف تلحق أضرارا كبيرة بالاقتصاد الأمريكي.
وخلاصة القول، إن استقلالية الطاقة مطالبة غير واقعية وغير ممكنة في عالم مترابط يؤثر بعضه في بعض، ولا يتفق مع التعاون والشراكة الدولية، ولا مع التجارة الحرة وحرية السوق التي تطالب بها الدول المستهلكة الصناعية، وأن الحل هو في الاعتماد المتبادل القائم على حقائق ومكاسب اقتصادية لجميع الدول. وإن الأجدى تنحية السياسة عن البترول وأن تعي الأصوات المطالبة بتسييس البترول في الغرب أو الشرق أن البترول سلعة اقتصادية بالغة الأهمية وسيظل المصدر الأساس للطاقة في المستقبل المنظور، وأنه ليس في مصلحة المجتمع الدولي تسييس البترول. وهذا التوجه هو ما تنادي به دول الخليج التي سعت ولا زالت إلى تحقيق الاستقرار والنماء للدول المنتجة والمستهلكة متجاهلة تلك الدعوات غير العادلة التي تروجها بعض الجهات، على اختلاف توجهاتها ومصادرها، بتسييس البترول. والواقع والتاريخ يثبتان أن دول الخليج أوفت بالتزاماتها بالمحافظة على السوق الدولية إبان الأزمات والحروب في منطقة الخليج أو في المناطق الأخرى. والمفارقة هنا أن بعض الدول المستهلكة الصناعية التي نادت وبقوة إلى تطبيق مبادئ التجارة الحرة وحرية الأسواق هي التي تطبق سياسات حمائية وضريبة إضافية على البترول، بينما نجد أن أوبك تعمل على استقرار السوق البترولية الدولية بناءً على حقائق اقتصادية بحتة تسهم في استقرار السوق البترولية الدولية، وبما يخدم مصالح الدول المنتجة، والدول المستهلكة، والصناعة البترولية، والاقتصاد العالمي ككل، الذي يعاني من أزمة مالية خانقة تتطلب شراكة وتعاونا دوليا لتخفيف آثارها الاقتصادية والمالية السلبية على كافة الدول.
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس