رد: اخبار التربية والتعليم ليوم الجمعة 4/2
الوطن:الجمعة 4 صفر 1430هـ الموافق 30 يناير 2009م العدد (3045) السنة التاسعة
أكدت أن عمليات الإنشاء أضافت عبئا ماليا وإداريا على وزارة التربية
دراسة تكشف عيوب المباني المدرسية بالمواقع الجبلية وتقترح تصميمات أفضل
الدمام: منى الشهري
كشفت دراسة قام بها باحثان سعوديان مؤخراً حول "التصميم المعماري للمباني المدرسية في المناطق الجبلية الوعرة في السعودية" عن أن النماذج النمطية للمباني المدرسية التي اعتمدتها وزارة التربية والتعليم جميعها خصصت لمواقع منبسطة ولم تراعِ في عملية تصميم المباني تطوير نموذج واحد يلائم طبيعة المواقع الجبلية، بحيث ينسجم مع النمط العمراني السائد في المنطقة ولمراعاة الاختلاف في تضاريس المملكة وطبيعة المناخ.
وهدفت الدراسة التي قام بها الباحثان في قسم العمارة وعلوم البناء في كلية العمارة والتخطيط في جامعة الملك سعود الأستاذ الدكتور عبدالعزيز بن سعد المقرن والدكتور منصور بن عبدالعزيز الجديد، إلى اقتراح نموذج مدرسي مرن، يتكامل مع المواقع الجبلية المراد البناء عليها - مهما كانت صعوبتها- ويحقق التوازن البيئي، وينسجم مع البيئة المحيطة، ويحقق متطلبات العمارة المستدامة في المحافظة على مصادر البيئة، ومكوناتها.
وأشار الدكتور عبدالعزيز المقرن لـ"الوطن" إلى أن الدراسة توصلت إلى اقتراح نموذج مدرسي مرن يتناسب مع النماذج النمطية المتوافرة لدى وزارة التربية والتعليم، من حيث عدد الفصول الدراسية، ومساحاتها، حيث يمكن من خلال تنفيذه تحقيق الأهداف التربوية، والتعليمية، وفي الوقت نفسه، المحافظة على طبيعة الموقع، والانسجام مع البيئة المحيطة، والنسيج العمراني، وخفض كلفة الإنشاء، وتقليص الحاجة إلى بناء الحوائط الساندة، بنسبة كبيرة، والتخلص من الكثير من المشكلات والأخطار الناتجة من تسوية الموقع لملائمة نموذج صمم في الأصل لموقع منبسط.
وبينت الدراسة أن وزارة التعليم منذ نشأتها قامت بتطوير تصاميم المباني المدرسية في شكل نمطي متكرر، تتشابه إلى حد ما في فكرتها التصميمية، مشيرة إلى أن الوزارة، ممثلة بوكالة الوزارة للمباني والتجهيزات المدرسية، استمرت في تطوير التصاميم النمطية المتكررة وبنائها في أنحاء المملكة حتى وصل عددها الآن إلى ما يقارب 20 نموذجًا، لتغطية كل المراحل الدراسية، ولكل الأحجام المطلوبة.
وأفادت الدراسة بأن النماذج المدرسية تختلف من حيث حجمها ونوعها وعدد فصولها، وتتشابه إلى حد ما في فكرتها التصميمية، ومساحة فصولها، ومواد بنائها، وطرق تشطيبها، ونوعية تأثيثها.
وأضافت الدراسة أن النقص في توفير تصميم مرن للمباني المدرسية في المواقع الجبلية أضاف عبئا ماليا وإداريا على وزارة التعليم، وجعل مهمة إنشاء مدرسة في موقع جبلي عملية شاقة، ومكلفة.
ولاحظ الباحثان أثناء زيارتهما المباني المدرسية في محافظة النماص (جنوب غرب المملكة بمنطقة عسير) أن كثيراً من المواقع الجبلية المخصصة للمدارس في هذه المنطقة خضعت لتسوية شاملة، وأنشئت لها الحوائط الساندة الشاهقة حيث وصل ارتفاع بعض تلك الحوائط إلى ما يزيد عن 11 مترًا، مما رفع كلفة الإنشاء إلى أكثر من الضعف بسبب المبالغة في أعمال الحفر، والردم، وأعمال الخرسانة، والعزل، بالإضافة إلى عدم انسجام المبنى مع البيئة المحيطة.
وأوضحت الدراسة أنه من خلال خبرة الباحثين واطلاعهما عن قرب على عدد من المدارس في المواقع الجبلية في منطقة عسير، والتي تتميز بتنوع كبير في تضاريسها، ومن خلال الاسترشاد بالمعدلات العالمية للمنحدرات، فإنه يمكن تصنيف المنحدرات الجبلية في عسير، وإمكانية استغلالها في بناء المدارس بناء على ما يلي:
- منحدرات تتراوح زاوية ميلها من 1 إلى 10%، وتمثل منحدرات بسيطة حيث يمكن استغلالها بسهولة وتطبيق النماذج المعتمدة من الوزارة دون الحاجة إلى تعديلها.
- منحدرات متوسطة، وتتراوح بين 11 و30%، وتتطلب تصميم نموذج مرن تراعى فيه الشروط الهندسية، وتحاكي فيه العمارة التقليدية في منطقة عسير، والتي احترمت الموقع وتدرجت على سفوح الجبال بشكل مميز، حدّ من عمليات الحفر والردم، وأوجد طرازًا مميزًا لعمارة المنطقة.
- منحدرات شديدة الميل، وهي على مستويين:
. منحدرات تتراوح بين 31 و45% ويمكن استغلالها، إلا أنها تتطلب ضوابط معينة، مع توقع ارتفاع في كلفة البناء مقارنة بالمواقع الأقل انحدارا.
. منحدرات تزيد عن 46% ولا يمكن استغلالها إلا من خلال تقنية متقدمة، وتكاليف باهظة، ويقترح الباحثان تجنبها، والبحث عن مواقع أخرى، على الأقل في الوضع الراهن الذي تعيشه وكالة الوزارة.
وذكرت الدراسة أن الفكرة التصميمية للنموذج المقترح للبناء على السفوح المتوسطة الانحدار تتمثل في أن تعتمد المرحلة الأولى على تقليص عمليات الحفر في سفح الجبل ما أمكن، وجعل مسطح الدور الأرضي بعرض يكفي لبناء بعض الفصول الدراسية (بنفس المسافة المعتمدة من الوزارة 8 أمتار × 6 أمتار)، والممر، والخدمات الأساسية، مع المحافظة على احتياجات المستخدمين الإنسانية، والصحية حيث يتم تحقيق ذلك من خلال حفر ما يقارب تسعة أمتار من أسفل الجبل بمتوسط عمق 1.7 متر، وردم الجزء الآخر للحصول على موقع مستوى بعرض 18 مترًا، ويراعى في ذلك توفير الإضاءة الطبيعية، واعتبارات السلامة (سلالم، ومخارج في حالات الطوارئ)، واتصالها بالساحات الخارجية. يمثل الحائط الساند قاعدة لأحد أضلاع الفناء الرئيسي الداخلي للمدرسة.
وأضافت الدراسة أن المرحلة الثانية تتمثل في أن يعامل الجزء الأعلى من الموقع بنفس الأسلوب في المرحلة الأولى؛ فيتم حفر تسعة أمتار أخرى من الجبل، موازيًا لامتداد سطح الدور الأرضي، ويستفاد من عمق هذا السطح فناءً رئيسًا للمدرسة بمساحة (12متراً × 24متراً)، ويمكن زيادة المساحة حسب حجم المدرسة وعدد فصولها على أن يوضع في هذا الدور ممرات خارجية للوصول إلى مداخل المبنى من الخارج مباشرة.
أما المرحلة الثالثة فتتمثل في إجراء المزيد من التوسع للنموذج في حال الحاجة، فتقطع من الجزء العلوي من الجبل نفس الكمية من الحفر، كما في المرحلة السابقة، ويتم في هذا الدور استكمال عدد الفصول، والمرافق الأخرى للمدرسة، مع مراعاة تغطية الفناء السماوي، وتنتهي إلى هنا عمليات الحفر، والردم، ويتكون الشكل النهائي للمبنى، ويمكن إضافة دور آخر، أو أكثر في حالة الرغبة في زيادة حجم المدرسة.
وذكرت الدراسة أن نموذج تصميم المباني المدرسية المطورة للمواقع المتوسطة الانحدار، والشديدة الانحدار على العديد من الميزات؛ اشتملت على توفير إضاءة طبيعية لجميع الفراغات التعليمية وتحقيق إطلالة أفضل للفراغات على البيئة المحيطة وتناغم المبنى وتدرجه مع ميول الجبل وملاءمته لطبيعة البيئة وتوفير خصوصية أفضل للمباني المجاورة وسهولة الحركة والانتقال من المبنى إلى المواقع المحيطة وتحقيق أهم مبادئ العمارة المستدامة من ناحية ملاءمة المبنى المناخ، والموقع، والمحافظة على موارد البيئة، وتكاملها وإمكانية توفير مسطحات خارجية كبيرة متدرجة، حيث توجد ساحة خارجية خاصة لكل طابق وسهولة إخلاء المبنى في حالات الطوارئ، وتقليص كميات الحفر في النموذجين المقترحين إلى 65%، وتقليص كبير في كلفة الإنشاء، والنقل، وتسهيل عملية تصريف الأمطار والسيول من الموقع وتوفير المزيد من الوقت والجهد والحد من الأخطار التي قد تحدث نتيجة استخدام مواد ناسفة أثناء أعمال الحفر.
وطالبت الدراسة وزارة التربية والتعليم بوضع حل لهذه المشكلة من خلال توفير قسم معماري متخصص لتطوير نماذج خاصة ومرنة تلائم جميع المواقع (المنبسطة والجبلية)، أو من خلال الاعتماد على مكاتب استشارية متخصصة خارج الوزارة، وأن تتعامل بشكل خاص مع المواقع ذات الانحدارات المتوسطة والشديدة، وخاصة المواقع التي تتراوح انحداراتها بين 20% و 35% .
|