رد: طب وأمراض
استشارات نفسية واجتماعية
د.ابراهيم بن حسن الخضير
الارق والأدوية
* عزيزي الدكتور إبراهيم، أبعث إليك بمشكلة قد تكون مكررة ومرت عليك كثيراً، وهي مشكلة الأرق. لدي مشكلة في النوم منذ عدة سنوات، لا أستطيع النوم في الليل وسبب لي ذلك مشاكل كثيرة في العمل. ذهبت لأطباء متخصصين في اضطرابات النوم داخل المملكة وخارجها. وصفوا لي أدوية كثيرة ولكن للأسف لم تعالج هذه الأدوية مشكلة النوم عندي، حتى وصف لي طبيب دواءً من الأدوية المقننة والتي تعرف بالمهدئات الصغرى (البنزوديازابين) وهي كما تعرف أدوية ليس من السهل الحصول عليها. في البداية كنت قد ذهبت إلى احدى الدول العربية وعملوا لي فحص النوم وأعطوني عدة أدوية كان منها هذا الدواء، وأدوية آخرى مثل السيروكويل الذي اكتشفت أنه دواء لمرض الفصام، وهو كما تعرف دواء غالي الثمن، فاستخدمته لثلاثة أيام ولكن لم يفدني. مشكلتي الآن هي في أني لا أستطيع الحصول على هذا الدواء في المملكة إلا بصعوبة بالغة برغم أني أذهب إلى عيادات خاصة، وحتى لو أعطوني وصفة لصرف هذا الدواء فإني أحياناً كثيرة لا أجد هذا الدواء متوفراً في الصيدليات الخاصة، ولكنه متوفر في بعض المستشفيات الحكومية ولكن أجد صعوبة في إقناع الأطباء بإعطائي الجرعة التي يعتقدون بأنها جرعة كبيرة، هذا الأمر أثر على حياتي العملية والزوجية وكذلك الاجتماعية فأصبحت منعزلاً لا أذهب إلى المناسبات الاجتماعية الخاصة بعائلتي إلا في أضيق الحدود. سؤالي: هو لماذا يخشى الأطباء كل هذه الخشية في وصف دواء يساعدني، بعضهم قال لي بأني أصبحت متعوداً على هذا الدواء وهي كلمة مؤدبة لكلمة «مدمن» على هذا الدواء، لكن ما حيلتي وأنا لا أستطيع النوم واعتدال مزاجي إلا بتعاطي هذا الدواء، حيث أني إذا حصلت عيه أنام بصورة جيدة وأذهب إلى عملي ونفسيتي تتحسن. هل تصدق بأنني أصبحت أرسل شخصا إلى احدى الدول العربية المجاورة ليحضر لي هذا الدواء! وإذا بدأت الكمية في التناقص فإني أعيش قلقا وأبحث عنه في كل مكان وإذا اقترب من النفاد فإني أعيش قلقاً شديداً حتى أحصل على هذا العلاج، لا أعرف هل هناك حل ترشدني إليه لأتخلص من هذا الدواء، سواءً كان علاجاً في الخارج أو الداخل لأني تعبت جداً ولم تنجح أي طريقة في التخلص أو حتى التخفيف منه؟
(ع. ص)
- الأخ الفاضل، مشكلة الأرق مشكلة منتشرة بشكل واسع بين كثير من الناس بصور مختلفة. بعض الناس يصيبهم الأرق نتيجة لمرض عضوي أو نفسي، وكما شرحت أنت في رسالتك بأنك ذهبت إلى مختصين في اضطرابات النوم في المملكة وخارج المملكة واستخدمت أدوية متعددة ولم تستفد منها، والذي حدث لك هو أنك حصلت على دواء معين من الأدوية المهدئة المقننة، وأصبحت تستطيع أن تنام بشكل جيد وكذلك مزاجك يتحسن مع هذا الدواء، والحقيقة أنك أصبحت متعوداً على هذا الدواء، وهذه حقيقة لا تحتاج إلى إثبات، فحرصك الكبير على هذا الدواء وتكبدك عناء البحث عنه حتى أنك ترسل شخصاً إلى احدى الدول المجاورة ليحضر لك هذا الدواء يدل على أنك متعود وبشكل مرضي على هذا العلاج. أنا أعلم بأن الشخص الذي في مثل حالتك يكون يائساً من أن يتحسن الحال معه في المزاج والنوم.
المشكلة في هذه الأدوية المهدئة أنها فعلاً يتعود عليها الشخص بصورة كبيرة، وتصبح شغله الشاغل هو كيف يوفر هذا الدواء؟. أنا متعاطف مع حالتك بوجه عام ولكن أتمنى لو تدخل احدى المصحات المتطورة في علاج الادمان على الأدوية وهي متوفرة في الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا بشكل كبير واستفاد كثير من الأشخاص الذين كانوا يعانون من مشاكل الادمان على ألأدوية المهدئة والمخدرة من الأدوية التي تستخدم لعلاج الألم. سؤالك حول لماذا يخشى الأطباء صرف مثل هذه الأدوية لمن هم في مثل حالتك، اجابته لها عدة أوجه، فالوجه الأول أن الأطباء لا يحبذون تشجيع تعاطي مثل هذه الأدوية لكيلا يتعود عليها الشخص، الوجه الآخر هو أن شخصاً في مثل حالتك قد يكون من الحكمة التعامل معه بطريقة استثنائية، أي أن يصرف الطبيب الدواء لك بالجرعة التي تأخذها الآن ويتم تخفيضها بصورة تدريجية، مع العلاج النفسي مثل الاسترخاء والعلاج المعرفي، وإزالة الخوف والقلق والتوتر الذي يصيبك عندما تقل عندك كمية الأدوية التي تتناولها، ويعطيك الشعور بالأمان بأنه لن يتركك عرضةً لدوامة القلق والتوتر وأنه سوف يصرف لك الدواء بشكل مستمر شريطة أن تتعاون أنت مع الطبيب المعالج بأن تحاول تخفيف جرعة العلاج ولو بجزء بسيط كل أسبوعين أو كل شهر.. المهم أن يكون لديك الشجاعة والاصرار على أن تساعد نفسك بالنسبة لترك هذا العلاج. ثمة وجه آخر وهو محاولة تجريب أدوية آخرى من نفس الفصيلة التي ينتمي لها هذا الدواء وربما تقول بأنك جربت هذا النوع من العلاج ولكن لا يمنع من المحاولة مرةً آخرى. أنا أعلم بأن وضعك ليس جيداً، وتعلقك بهذا الدواء نفسياً وعضوياً أمر ليس سهلاً لكن حاول أن تساعد أنت نفسك مع طبيب متفهم لهذا الموضوع، فهناك أطباء لديهم مواقف سلبية من هذه الأدوية ويرفضون التعامل معها بشكل قاطع، وربما لهم وجه نظر مبررة في هذا السلوك ولكن هناك أطباء يتفهمون وضع المريض ومحاولة السير معه للوصول إلى حل مناسب حتى وإن كان وصف الدواء للمريض لفترة طويلة.
|