رد: وكذلك جعلناكم أمة وسطًا
1 ـ
الوسط والوسطية في اللغة العربية:
الواو والسين والطاء: بناء ـ في اللغة ـ صحيح يدل على العدل والنَّصَف. وأعدل الشيء: أوسَطُه ووسَطُه، وشيءٌ وسط:بين الجيّد والرديء. ووَسَطُ الشيء:ما بين طرفيه، قال الشاعر:
إذا رحلتُ فاجعلوني وسَطاً إنّي كبير، لا أطيق العُنَّدا
أي اجعلوني وسطاً لكم ترفُقُون بي وتحفظوني، فإني أخاف إذا كنت وحدي أن تفرُط دابتي أو ناقتي فتصرعني.
والوسَط والأوسط: المعتدلُ من كل شئ، والعدلُ والخير، والوسط: ما يكتنفه أطرافه ولو من غير تساوٍ، يوصف به المفرد وغيره، وهو من وسًط قومه ومن أوسطهم: من خيارهم. وفلانٌ وسيط في قومه، إذا كان أوسطهم نسباً وأرفعَهم محلاً. قال العَرْجِيُّ :
كأنِّي لم أكنْ فيهم وَسِيْطَاً ولم تَكُ نِسْبَتِي في آلٍ عَمْرو
قال أبو محمد بن بَرّي ـ من علماء اللغة ـ : إنَّ (( الوسَط )) ـ بالتحريك ـ اسم لما بين طرفي الشيء ، وهو منه، كقولك قبضت وسَط الحبْل وكسرت وسط الرمح .. وجاء الوسَط محركاً أوسطُه على وِزان يقتضيه في المعنى وهو الطَّرف ، لأن نقيض الشيء يتنـزّل منـزلة نظيره في كثير من الأوزان نحو جَوْعَان وشَبْعَان ، وطويل وقصير .
والوسط قد يأتي صفة - وإن كان أصله أن يكون اسماً - من جهة أنَّ أوسط الشيء: أفضله وخياره، ومنه (( خيارالأمور أوساطها ))...فلما كان وسطُ الشيء أفضلَه وَأَعدله جاز أنيقع صفة، وذلك في مثل قوله تعالى: ] وكذلك جعلناكم أمة وسطاً [ أي عدلاً ـ وقال بعضهم: خيارًا. اللفظان مختلفان والمعنى واحدٌ، لأنَّ العدل خير والخير عدل. فهذا تفسير الوسط وحقيقة معناه، وأنه اسم لما بين طرفي الشيء، وهو منه.
وأما (( الوسْط )) - بسكون السين - فهو ظرف ًًًًًًًََََََََََََُُُُُُُُُُُلا اسم، جاء على وزان نظيره في المعنى وهو (( بين ))، تقول: جلست وسْط القوم. أي بينهم.. قال سَوَّار بن المُضَرَّب:
إني كأني أرى من لا حَياءَ له ولا أمانةَ، وَسْطَ الناسِ، عُرْيانا
ولما كانت (( بين )) ظرفاً كانت (( وسْط )) ظرفاً، ولهذا جاءت ساكنة الأوسط لتكون على وزنها. ولما كانت ((بين )) لا تكون بعضاً لما يضاف إليها بخلاف (( الوسَط )) الذي هو بعض ما يضاف إليه، كذلك (( وسْط )) لا تكون بعض ما يضاف إليه. ألا ترى أن وَسَط الدار منها، ووسْطُ القوم غيرهم ؟
هذا، وقد يقع أحد اللفظين مكان الآخر على جهة الاتساع والخروج عن الأصل، وقيل: كل منهما يقع موقع الآخر. وهو الأشبه والأقوى.
والأصل في الوسط أن يستعمل وصفاً للأمور الحسية المادية، كما في الأمثلة السابقة:وسط الدار، وسط الحبل، وسط الرمح.. ثم يستعار ذلك لوصف الأمور المعنوية نحو: أوسطهم نسباً وعلماً، والدِّين الوسط[1]
[1] - انظر: (( مقاييس اللغة)) : 6 / 108، (( الصحاح)) : 3 / 1167 ، (( لسان العرب )) : 7 / 426 ـ 43 ، (( بصائر ذوي التمييز )) :5 / 209 ،(( المعجم الوسيط )): 2 / ..3 ، الفروق اللغوية :ص (253) .
|