عرض مشاركة واحدة
قديم 02-09-2009   رقم المشاركة : ( 5 )
alsewaidi
أبو ماجد

الصورة الرمزية alsewaidi

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 585
تـاريخ التسجيـل : 05-08-2006
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 2,046
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 20
قوة التـرشيــــح : alsewaidi مبدع


alsewaidi غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وكذلك جعلناكم أمة وسطًا

ـ 4 ـ
وسطية الإسلام بين الأديان:
ومن أهم خصائص هذا الإسلام ـ الذي أكرمنا الله تعالى به ـ أنه وسط في المِلَل والأديان جعله الله تعالى وسطاً بين الإفراط والتفريط أو بين الغلوِّ والتقصير؛ وتظهر هذه الوسطية في المجالات أو النواحي التي ألمحنا آنفاً إلى أن الدِّين يشملها كلّها:
أ ـ ففي العقيدة: المسلمون وسط في أنبياء الله ورسله وعباده الصالحين، فهم لم يغْلُوا فيهم غلوَّ البوذيين وغلوَّ النصارى الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم، ولا جَفَوا عنهم كما جفَتْ اليهود، فكانوا يقتلون الأنبياء بغير حق، ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس وكلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم كذّبوا فريقاً وقتلوا فريقاً، وكذَبوا على ربهم، بل المؤمنون المسلمون آمنوا برسل الله جميعاً وعزّروهم ووقّروهم وأحبوهم وأطاعوهم ولم يعبدوهم ولم يتخذوهم أرباباً، وآمنوا بجميع الكتب المنـزلة على الرسل والأنبياء، فكان ذلك وسطية وتوازناً بين أمرين مذمومين.
وكذلك الوسطية والتوازن بين عبودية الإنسان المطلقة لله، ومقام الإنسان الكريم في الكون، فقد نأى الإسلام بعقيدته الصافية من كل الإفراطات والتفريطات ومن كل الهزات والأرجحات التي تعاورت المذاهب والمعتقدات والتصورات ما بين تأليه الإنسان في صًوَره الكثيرة، وتحقير الإنسان إلى حدّ الزراية والمهانة، ويبدأ الإسلام فيفصل فصلاً تاماً بين حقيقة الألوهية وحقيقة العبودية، وبين خصائص الألوهية وخصائص العبودية.. بينما تقول الكنيسة بألوهية المسيح ـ عليه السلام ـ على اختلاف المذاهب الكنسية ـ كما أن المذاهب والفلسفات الأوربية وما قام عليها من مناهج التفكير لما أعلنت رفعة الإنسان ومقامه، جعلت ذلك على حساب إيمانها بألوهية الرب سبحانه وما ينبغي له... وتوسطت العقيدة الإسلامية في الاهتمام بالمجالات المادية والروحية ونأت عن الإفراط والتفريط في كليهما..
ب ـ وفي مجال العبادة والتحليل والتحريم: جاء الإسلام وسطاً بين الرهبانية التي قطعت كل صلة بالحياة وانقطعت للعبادة وبين الإغراق في المجال المادي والاهتمام بالنواحي الحسية والمادية والطغيان المالي والانصراف عن العبادة وترقية النفس... كما أن أمر التحليل والتحريم جاء في الإسلام وسطاً بين اليهود الذين حُرّم عليهم كثير من أنواع الطعام واللباس، بسبب ظلمهم، فلا يأكلون ذوات الظفر مثل الإبل والبط.. والنصارى استحلوا الخبائث وجميع المحرمات وباشروا النجاسات. أما المؤمنون المسلمون فقد أحلَّ الله لهم الطيباتِ وحرَّم عليهم الخبائث...
جـ ـ وفي التشريع جاء الإسلام وسطاً بين اليهود الذين حّرموا على الله أن ينسخ ما يشاء ويمحو ما يشاء ويثبت، وبين النصارى الذين أجازوا لأكابر علمائهم وعبادهم أن يشرعوا بالتحليل والتحريم من دون الله...
د ـ وفي مجال السلوك والأخلاق:جاءت شريعة الإسلام وسطاً بين الإفراط والتفريط في الإلزام الأخلاقي بين الجنوح إلى المثالية الخيالية والواقعية المتزمتة، فهي لا تترك الحياة كلها للمشاعر والضمائر ولا الترف والميوعة والهوى الذي يعصف بها في تيارات الخلاعة والمجون، وكلها ترفع الضمائر بالتهذيب والتوجيه وتعمرها بتقوى الله ومراقبته وسلوك محاسن الأخلاق تأسياً بنبينا صلى الله عليه وسلم الذي مدحه الله تعالى بعظمة الخلق... وهكذا في سائر العلاقات الفردية والاجتماعية.. والمصلحة الذاتية والجماعية...
هـ ـ وأما في منهج النظر والاستدلال، فإن الإسلام وازن بين مصادر المعرفة، وهي الوحي والعقل والحسّ، ولم يسمح بالصراع بين هذه المصادر، ولم يكن إعلاء شأن أحدها سبباً لإهمال الأخرى، فلكل مجاله ودوره وخصائصه، بخلاف ما وقع من صراع بينها في الكنيسة الأوربية، وفي المذاهب المادية الوضعية، فإن الاعتراف بمصدر عندهم معناه إلغاء المصادر الأخرى. وكذلك جاء الإسلام وسطاً يوازن بينا أمور الغيب وأمور عالم الشهادة.. وفي سائر الأمور المتقابلة...[1]



[1] - راجع :(( الوصية الكبرى )) لابن تيمية ، ص 47 ـ 52 ، (( مدارج السالكين ))، لابن القيم : 2/496 ، وله أيضا :(( الفوائد)) ، ص 183 ((الخصائص )) لسيد قطب ،ص 136 وما بعدها ،(( صفوة الآثار والمفاهيم)) ، للشيخ عبد الرحمن الدوسري : 2 / 39. وما بعدها ، ((عالم الغيب والشهادة في التصور الإسلامي ))، د. عثمان ضميرية ، ص 37-4.. .
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس