عرض مشاركة واحدة
قديم 02-09-2009   رقم المشاركة : ( 6 )
alsewaidi
أبو ماجد

الصورة الرمزية alsewaidi

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 585
تـاريخ التسجيـل : 05-08-2006
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 2,046
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 20
قوة التـرشيــــح : alsewaidi مبدع


alsewaidi غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وكذلك جعلناكم أمة وسطًا

ـ 5 ـ

الوسطية والاقتصاد في أعمال الخير:
وهذه الوسطية، لم تكن بمنأى عن اهتمام علمائنا - رحمهم الله ـ فقد أَوْلَوها جُلّ عنايتهم في مباحث كثيرة، وحسبنا هنا مقتطفاتٌ من كلام سلطان العلماء العزّ بنِ عبد السلام ـ رحمه الله ـ حيث عقد لها فصلاً في كتابه (( القواعد الكبرى )) بعنوان (( فصل في الاقتصاد في المصالح والخيور ))، قال فيه:
" الاقتصاد رتبة بين رتبتين، ومنزلة بين منزلتين. والمنازل ثلاثة: التقصير في جلب المصالح والإسراف في جلبها، والاقتصاد بينهما. قال تعالى (( ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كلَّ البسط فتقعد ملوماً محسوراً ))[ الإسراء، 29 ]. وقال حُذَيْفَةُ بنُ اليمان رضي الله عنه : (( الحسنة بين السيئتين )) ومعناه : أن التقصير سيئة ، والإسراف سيئة ، والحسنة : ما توسط بين الإسراف والتقصير . وخير الأمور أوساطها، فلا يكلِّف الإنسان نفسه من الطاعات إلا ما يطيق المداومة عليه، ولا يؤدي إلى الملالة والسآمة، ومن تكلف من العبادة ما لا يطيقه فقد تسبب إلى تبغيض عبادة الله إليه، ومن قصَّر عما يطيقه فقد ضيع حظّه مما ندبه اللّه إليه وحثَّه عليه... وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التنطُّع في الدِّين، وقال: (( هلك المتنطعون )) [1]
ثم قال: " وللاقتصاد أمثلة:
منها: الاقتصاد في استعمال مياه الطهارات، فلا يستعمل من الماء إلا قدر الإسباغ ولا ينقض منه. ومنها الاقتصاد في المواعظ، فإذا كثرت المواعظ لم تؤثر في القلوب فتسقط بإكثارها فائدة الوعظ، ومنها الاقتصاد في قيام الليل، والاقتصاد في العقوبات والحدود والتعزيرات، فيعاقب كل واحد من الجناة على حسب قوته وضعفه وكذلك الاقتصاد في الضرب... ومنها الاقتصاد في الدعاء، لأن الغالب على أدعية رسول الله صلى الله عليه وسلم الاختصار فكان يدعو دعوات مختصرات جامعات، ومنها الجهر بالكلام: لا يخافت بحيث لا يسمعه حاضروه ولا يرفعه فوق حدّ أسماعهم لأنه فضول لا حاجة إليه، ومنها الأكل والشرب: لا يتجاوز فيها حدّ الشبع والرّي، ولا يقتصر فيها على ما يضعفه ويضنيه، ومنها زيارة الإخوان، لا يكثر منها بحيث يملُونه ويستثقلونه، ولا يقلل منها بحيث يشتاقونه ويعتبونه. ومنها دراسة العلوم، لا يكثر منها بحيث يؤدي إلى السآمة والكراهة، ولا يقللّها بحيث يعد مقصراً فيها، وكذلك المزاح والضحك واللعب، وكذلك المدح المباح...
وعلى الجملة: فالأولى بالمرء أن لا يأتي من أقواله وأعماله إلا بما فيه جلب مصلحة أو درء مفسدة، مع الاقتصاد المتوسط بين الغلو والتقصير.. "([2]

. أخرجه مسلم : 4 / 2.55 .


[2]- القواعد الكبرى ، قواعد الأحكام في إصلاح الأنام، للعز بن عبد السلام: 2/340 وما بعدها.
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس