رد: اخبار التربية والتعليم ليوم الثلاثاء 15/2
عكاظ : الثلاثاء 15-2-1430هـ العدد : 2795
أفيـــــــاء معايير الجودة في التعليم العام
عزيزة المانع
بات الحصول على درجة الاعتماد الأكاديمي منهجا عالميا تنتهجه مؤسسات التعليم العام والعالي، لتؤكد التزامها بمعايير الجودة ولتحظى بالسمعة العلمية الجيدة.وفي هذا النطاق نجد أن بعض مؤسسات التعليم العالي لدينا أخذت تنهج هذا الطريق لتواكب معايير الجودة في التعليم العالي ولتقابل متطلبات الاعتماد الأكاديمي في هيئاته العالمية المعروفة. لكن هذه المؤسسات وهي تسعى إلى الارتقاء بمستواها الأكاديمي، تقابلها مشكلة تدني المستوى العالمي لغالبية الطلاب الملتحقين بها، ومن المسلم به أنه ما لم يكن الطلاب في مستوى علمي يماثل المعايير المحددة للجودة فإن الجامعات لن تتمكن من التقدم نحو هدفها المنشود، فالمؤسسات الأكاديمية تنهض بنوعية طلابها وليس فقط بأساتذتها أو السياسة المتعبة فيها، ولذلك نجد بعض الجامعات المشهورة بمكانتها العلمية المتميزة تضع شروطا عالية لاختيار الطلاب وهيئة التدريس معا، ذلك أن الأستاذ المتقدم في علمه إذا لم يجد أمامه طلابا مهيئين للتفاعل بكفاءة مع ما يقدمه لهم من معرفة متقدمة وما يكلفهم به من متطلبات علمية عليا، يضطر أحيانا إلى تقليص المعارف والهبوط بها إلى مستوى أدنى يتلاءم مع مستواهم، ومن ثم يهبط المستوى العلمي للمؤسسة. ومشكلة تدني المستوى العلمي لكثير من الطلاب الملتحقين بالجامعات، يلحظها كثير من الأساتذة الذين يتعاملون عن قرب مع الطلاب، ومن المسلم به أنها انعكاس واضح وصريح للمستوى الأكاديمي الضعيف الذي يغلب على مؤسسات التعليم العام.من الحقائق المرة، أن التعليم العام لدينا يعاني من أدواء عدة، منها ما يمس كيانه الحسي المتمثل في البيئة المادية كالمباني والتجهيزات والتقنيات، ومنها ما يمس كيانه العلمي المتمثل في البيئة التعليمية نفسها كأساليب التعليم ومهارات المعلمين ونسبة أعداد الطلاب إلى المعلمين وقصور المنهج الدراسي، وغير ذلك مما يتصل بصلب المعرفة العلمية، فكان ذلك كله سببا في تدني مستويات الجودة في المخرجات التعليمية، وعدم مواءمة معظم تلك المخرجات مع احتياجات سوق العمل ومتطلبات خطط التنمية. وبالرغم من تعدد المشاريع التعليمية الإصلاحية التي تكرر إطلاقها أكثر من مرة، هي لم تستطع أن تشفي التعليم من أدوائه أو تخفف منها، ربما لخلل في الاستراتيجيات المتبعة، أو لعجز في التمويل أو للتغيير المتكرر في الإدارات أو غير ذلك من عوامل تعيق سير مشاريع الإصلاح.إن هذه الأدواء، ليس أنها تؤكد حاجة التعليم العام إلى التجديد في سياساته الإصلاحية فحسب، بل هي أيضا تجعله في صورته الحالية غير ملائم لأن يمد مؤسسات التعليم العام بما تحتاج إليه من طلاب قادرين على أن يكونوا عونا لها على الارتقاء بالمعرفة. وما دام أن الاعتماد الأكاديمي أضحى، في أيامنا هذه توجها عالميا تنحو إليه معظم مؤسسات التعليم الطامحة إلى التميز والإبداع، فإن إلزام المؤسسات التعليمية العامة بتطبيق معايير الجودة للاعتماد الأكاديمي، يضحي ضرورة تحتمها الحاجة إلى الحزم والجدية في تحقيق الإصلاح التعليمي في شتى مناحيه.
|