رد: اخبار التربية والتعليم ليوم الثلاثاء 15/2
الندوة : الاثنين 15-2-1430هـ العدد : 288
عند الامتحان يكرم المرء أو يهان!
أحمد عامر سعد
هاهم فلذات الأكباد يؤدون اختبار نهاية الفصل الدراسي الأول والذي بدأ مع مطلع الأسبوع الحالي حيث عاشت البيوت أزمة طاحنة وأعدت منذ وقت مبكر حالة التأهب القصوى والاستعداد الكامل والاستنفار المتحفز لدخول معمعة الاختبارات التي يكرم فيها المرء أو يهان، ولكن لو تأملنا هذا الاهتمام وهذا الاستعداد المبالغ فيه من أجل هذا الاختبار الهين ثم تذكرنا ذلك الاختبار الصعب والرهيب الذي خلقنا المولى جل وعلا من أجله وأنشأنا له ثم قلبنا البصر المحدود إلى ضعف الاستعداد وقلة الاهتمام وشدة الغفلة عن ذلك الامتحان الرهيب الذي خلقنا الله تعالى من أجله وأنشأنا له ، لرأيت البصر ينقلب إليك خاسئاً وهو حسير.- أحبتي - امتحان الدنيا كما هو معلوم لدى الجميع يكون في جزء محدود من الكتاب، وفي صحفات محددة، وفي فصول محددة، أما امتحان الآخرة ففي كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها ، قد حوى الأقوال والأفعال والأعمال لم يترك شاردة ولا واردة إلا أحصاها.
قال عز من قائل في محكم التنزيل:
(ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون ياويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً).
اختبار الدنيا فصلان دراسيان ولكن هناك رسوب وهناك نجاح وهناك اعادة وهناك دور ثانٍ ..أما اختبار الآخرة فليس فيه إلا النجاح والفوز بالجنة أو الرسوب والعذاب في جهنم،في الدنيا هناك مجاميع تقوية وهناك اعادة نظر في الدروس ولكن اختبار الآخرة نعيم أو شقاء وكل ذلك بارادة الله وحده دون سواه.امتحان الدنيا يخص فئة من البشر وأما الآخرة فيشمل جميع الخلق منذ البداية وحتى يرث الله الأرض ومن عليها، في الدنيا قاعات منورة ومزودة بالمكيفات وبها كل ما يخدم الطالب والطالبة ويحافظ على الهدوء والراحة النفسية ، وأما الآخرة فالشمس تدنو من رؤوس الخلائق وهم حفاة عراة غرلا في الدنيا الأسئلة سهلة ومجهولة واما في الآخرة فمادة اختبارها حسنات وسئيات وفي القبر ثلاثة أسئلة لا رابع لها، في الدنيا أسئلة تحريرية ، وفي الآخرة مشافهة أمام خلق السموات والأرض ليس بيننا وبينه ترجمان، أسئلة الدنيا لنا فيها خيار في أن تجيب عما تعرفه وتترك ما لا تعرفه ، أما في الآخرة فهناك أسئلة شاملة: عمرنا فيمَ افنياه؟ وشبابنا فيمَ أبليناه ؟ ومالنا من أين اكتسبناه وفيم انفقناه؟ وماذا عملنا فيمَ تعلمناه ؟وكل تلك الأسئلة سنجاوب عليها بدون اختيار.
اختبار الدنيا قد لا يعرف عنه إلا المقربون منا ، أما اختبار الآخرة فستكون النتيجة على رؤوس الأشهاد ، الامتحان في الدنيا ينتهي بخروج المختبر من قاعة الاختبارات ..أما الآخرة فأمامنا صراط وكتاب يؤخذ بشمال أو يمين وجنة مفتوحة الأبواب، ونار تقاد بسبعين زماماً مع كل زمام سبعون ألف ملك يقودونها..وأطرح سؤالاً هاماً هنا:
هل تدبرنا ذلك؟!!
فيا مَنْ تخافون من امتحان الدنيا هل خفتم من امتحان الآخرة؟!!
هل أعددتم لذلك اليوم العظيم الذي يبدأ اختباره من لحظات الاحتضار ثم سؤال الملكين؟!!
- أحبتي - لابد من محاسبة النفس قبل أن تُحاسب، ولابد من تدارك الوضع ..فالوضع خطير جداً،ولا يعلم المرء متى ستكون المغادرة من الدار الفانية إلى الدار الباقية الخالدة فعلينا جميعاً التذكير والمناصحة ولات ساعة مندم..
همسة:
قال الحق تبارك وتعالى: (يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد) سورة الحج.
وقال الشاعر:
كل ابن انثى وان طالت سلامته
يوماً على آلة حدباء محمولُ
فإذا حملت إلى القبور جنازة
فاعلم بأنك بعدها محمولُ
|