رد: اخبار التربية والتعليم ليوم الثلاثاء 15/2
المدينة : الثلاثاء 15-2-1430هـ العدد : 16729
التقويم المستمر يواجه اتهامات بتخريج جهلة في القراءة والكتابة
تركي الشيخ - جدة
على الرغم من مرور 10 سنوات على بدء العمل به أقرت وزارة التربية والتعليم بعدم تطبيق نظام التقويم المستمر بصورة صحيحة في غالبية المدارس انقسم التربويون بشأنه، ففي الوقت الذي رأى فيه البعض أن النظام يتسم بالشمولية في التعرف على مستوى الطلاب بعيدا عن الأسلوب التقليدي الذي يقوم على الحفظ والتلقين رأى آخرون أنه أثبت فشله لعدم إتقان الكثير من الطلاب المهارات الأساسية للكتابة والقراءة رغم مرور عدة سنوات عليهم في الدراسة.
نظام فاشل
في البداية فضَّل علي الشهراني «مدير مدرسة» أن يكون حاسما في رؤيته بالقول إن التقويم المستمر بوضعه الحالي فاشل ولا يعكس مستوى الطالب الحقيقي، موضحا أن ولي أمر الطالب لا يطمئن على مستوى ابنه أو ابنته بمجرد الاطلاع على إشعار مدون فيه رقم مبهم لا يعكس حقيقة الواقع. وخلص إلى أن النظام خرَّج جيلا لا يقرأ ولا يكتب ولا يفكر لأن مهمة المعلم في نظره تجاوز الطالب لهذه المهارة بأي شكل من الأشكال.
لكن في المقابل رأى فهد الجعيد وعلي الضرمان «مديرا مدرستين» أن التقويم المستمر ناجح إذا طبِّق بأسلوبه الصحيح لأنه يشمل جميع عناصر التقويم الأساسية وهي الاختبار والمناقشة والملاحظة والاستنتاج، لاسيما وأن طريقة الاختبار السابقة التي كان يعمل بها في الماضي تمثل جزءا منه. وأضافا: إن الاختبار وسيلة قياس من أدوات التقويم بينما التقويم المستمر أعم وأشمل.. مرجعين تدني مخرجات التقويم إلى المعلم وأعداد الطلاب في الصف الواحد.
من جانبه قال محمد الزهراني «مدير مدرسة»: التقويم المستمر خطوة إيجابية للتغيير.. موضحا أن من إيجابياته ربط الطالب بالمادة طوال العام الدراسي واتخاذ أساليب عديدة في عملية التقويم منها الواجبات والاختبارات الشفهية والتحريرية والملاحظة والأسئلة التي يلقيها المعلم في الصف كما يزيل رهبة الاختبار التي تصاحب الطلاب أثناء أوقات الاختبارات ولكن أغلب المعلمين لديهم قناعات حول التقويم المستمر تتلخص في أنه ليس له جدوى وهؤلاء يحتاجون إلى جرعات تدريبية والملاحظة الأخرى أن الطالب عندما يخفق في عدم إتقان مهارة من مهارات الحد الأدنى ليس لديه فرصة أخرى لعملية التقويم ويعيد السنة وهذا الأمر يحتاج إلى إعادة نظر من المسؤولين.. وأضاف: يجب أن يكون عدد الطلاب في الصف الواحد ما بين 20 و25 طالبا حتى يتمكن المعلم من أداء التقويم بشكل الصحيح وألا يزيد نصاب المعلم عن 20 حصة أسبوعيا.
إلغاء الاختبارات التحريرية
ويرى محفوظ الغامدي «مدير متوسطة هارون الرشيد النموذجية بجدة» أن التقويم المستمر لا يلغي الاختبارات التحريرية ولكن نقص الخبرة والتدريب أدى إلى هذا المفهوم لدى بعض المعلمين، ونتيجة إهمال إدارات المدارس في متابعة سجلات المعلمين الخاصة بالتقويم المستمر جاءت مخرجات التقويم أقرب إلى الفشل، ودعا إلى عقد دورات عاجلة داخل مدارس المرحلة الابتدائية لتأهيل المعلمين على الآلية المناسبة للتطبيق.
واتفق عناد القثامي وفيصل المالكي وصالح المزمومي «وكلاء مدارس» على افتقار كثير من المعلمين للآلية الصحيحة لتطبيق النظام بالشكل المطلوب، داعين إلى أهمية العودة إلى نظام الدرجات في عملية التقويم وتوزيعها على المهارات للتعرف على الطلاب المتفوقين، مشددين على أهمية اعتماده بطريقة عملية وألا يعتمد على المزاجية. ورأوا إمكانية تخصيص 100 درجة لمهارات المادة في فصلين دراسيين وبذلك يكون تم الحكم على الطالب وفق أسس ومعايير واضحة.
مصداقية المعلمين
يقول المعلمون محمد سعيد سعد وعبدالعزيز الجهني وساعد السلمي وعبدالعزيز صلاح: يجب على المعلم أن تكون لديه المصداقية أثناء التقويم وأن يتحلى بالأمانة بعيدا عن العشوائية والمجاملة، داعين إلى اختصار السجلات والدفاتر التي يدوِّن فيها المعلم واستخدام طريقة واحدة شاملة لعناصر التقويم توفيرا للوقت والجهد، ومن العوامل الهامة لإنجاح المشروع فهم المجتمع لعملية التقويم المستمر لدى الطالب والمهارات التي ترمز للأرقام 1/2/3/4 مشيرين إلى أن مستوى (1) يعني أن الطالب أتقن جميع المهارات، في حين اتفقوا على وجود بعض الطلاب الذين لا يستطيعون قراءة الكلمات بشكل الصحيح، وقالوا إن النظام يحتاج إلى مراعاة الفروق الفردية.
ودعا المعلمون فهد الحربي وفيصل الغامدي وحسن الشهابي إلى إعادة النظر في طريقة تسجيل المهارات في سجل التقويم التقليدي والاستفادة من الحاسب الآلي، محذرين في ذات السياق من ضعف مستوى غالبية الطلاب في مادتي القراءة والكتابة لعدم إتقانهم للمهارات في المرحلة الابتدائية. ويتفق مع الآراء السابقة محمد الغامدي «معلم تربية إسلامية بالمرحلة المتوسطة»، مؤكدا معاناته مع كثير من الطلاب لعدم إجادتهم قراءة القرآن ومهارات مادة التجويد. واتفق الطلاب عبدالله محمد ومحمد الأشقر وموسى عبدالله على عدم معرفتهم معنى «التقويم المستمر» وإن كانت قلة الاختبارات قد أزالت الرهبة من نفوسهم، ويرى محمد الغامدي «ولي أمر طالب» أنه يجد صعوبة في معرفة مستوى ابنه الحقيقي الذي يدرس في الصف الثالث الابتدائي، موضحا أنه يحضر ورقة مسجلا بها أرقاما مبهمة لا يستطيع من خلالها تقييم مستواه الحقيقي ولا ترتيبه على الصف.
أما أم عبدالعزيز فقالت: استغرب كثيرا عندما أجد ابني حاصلا على رقم (1) في تقويم المادة وهو لا يعرف أي شيء عندما أقوم بتدريسه فأنا أكثر العارفين بمستواه الحقيقي، وتساءلت: هل يعطي المعلم ابني هذا التقويم من أجل أن يريح نفسه ويجنبها المساءلة؟
إغفال التميز
من جانبه قال الدكتور علي الدرعان «عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز»: التقويم المستمر يحقق أهدافا عالية الجودة إذا روعيت الأسس العامة في تقويم الطلاب.. مؤكدا أهمية التركيز على إكساب الطالب المهارات والمعارف والخبرات والعلوم الأساسية وقد يكون من المهم بين فترة وأخرى الحكم على مستوى الطالب من خلال معدل الدرجات لمعرفة المتميز عن غيره خاصة وأن لائحة التقويم المستمر أغفلت في مضمونها التميز والترتيب بين الطلاب بل جعلت الطلاب سواسية على مستوى أوسع في ظل إغفال الفروق الفردية أثناء تعليم العلوم والمعارف والمهارات. ودعا المعلم إلى توظيف الوسائل والأنشطة لضمان إتقان جميع الطلاب العلوم والمعارف والمهارات ولكن في ظل كثرة الطلاب في الفصل أخشى أن ينتهي الأمر بضياع الطلاب. لكن عبدالعزيز الرفاعي «مساعد مدير إدارة الاشراف التربوي بتعليم جدة» فقال: لم تردنا سوى شكاوى قليلة من التقويم المستمر، مؤكدا أنه كان حلما وتحقق على أرض الواقع باحتوائه الطلاب وإبعاد رهبة الاختبارات. ووصف التقويم المستمر بأنه طريقة رائعة لقياس مستوى الطلاب طوال العام الدراسي بأشكال متنوعة منها الأسئلة الشفهية والتحريرية والواجبات والمناقشة والملاحظة، ورأى أن نجاح عملية التقويم يعتمد على الشخص الممارس، مؤكدا أهمية عدم الاكتفاء في عملية التقويم بأرقام مجردة (1/2/3/4) ولكن يجب أن توضع في إطار معيار يحدد المتميز من الطلاب مقارنة بالآخرين.
رفع مستوى الوعي
ورأى رئيس قسم الصفوف الأولية بتعليم جدة صلاح ردود الحارثي أن التقويم المستمر يختلف عن طريقة التقويم السابقة التي تعتمد على الاختبارات فقط، موضحا أنه يربط بين المعرفة وما وراءها، وأرجع تدني مخرجات التقويم المستمر إلى أسباب عديدة منها ضعف تأهيل المعلمين بالشكل المطلوب والإمكانات في بعض المدارس، مشيرا إلى إمكانية معالجة القصور من خلال تعزيز الانتماء لمهنة التعليم ورفع وعي أولياء الأمور بأهمية النظام.
وقال محمد إبراهيم فايع «مشرف تربوي بتعليم عسير» إن الخلل يكمن في تطبيقات المعلمين وعدم التهيئة للنظام عند إقراراه في 1420هـ مما أدى إلى صدور أحكام متسرعة عليه بالفشل رغم أنه يتيح أكثر من أداة لتقويم المهارات عن طريق الاختبارات أو الواجبات والتدريبات والأداء العملي والتقارير والمشاركة والملاحظة والأخيرة يركز المعلمون على الأخذ بها فقط. وأقترح استمرار إدارات التربية والتعليم في تنفيذ برامج تدريبية تستهدف المعلمين لتزويدهم بكيفية تطبيق التقويم المستمر وتغيير مسمى «لجنة التوجيه والإرشاد» بالمدرسة إلى «لجنة التقويم المستمر» حتى يتسنى لها متابعة المعلمين وإعادة صياغة المقررات الدراسية بما يجعلها تتواكب مع قوائم المهارات لأن المقررات الحالية صيغت لما قبل هذه المرحلة وطباعة سجلات التقويم المستمر وتوزيعها على المدارس لأن وجودها ككشوفات على موقع الوزارة جعل اجتهادات بعض المعلمين خاطئة. ورأى أن ربط التقويم بموضوع الدرجات أمر غير مناسب الآن داعيا إلى إعداد ملف لكل طالب «المتفوق والضعيف» على أن يزود بالأنشطة والاختبارات العملية وأوراق العمل أما الطالب المقصر فلدى المعلم استمارة الأساليب العلاجية وهي قناة تواصل مع المرشد الطلابي.
وتقول مساعدة مدير التربية والتعليم بتعليم جدة للتعليم البنات للشؤون التعليمية الدكتورة سامية بن لادن: إن مصادر التميز في تقدير أداء الطلبة والأحكام المتعلقة بتحصيلهم لا تزال تشكل تحديا أساسيا على المستوى العالمي، وأرجعت تدني مستوى مخرجات التقويم المستمر إلى حداثة تطبيقه في الميدان التربوي، وعدم وضوح المستويات التربوية مؤكدة أن تدريب المعلمين والمعلمات وتنمية أدائهم مهنيا يعد العامل الأساسي في تحقيق أهداف النظام، وأشارت إلى أهمية التحول من التعليم الناقل للمعرفة والمعلومات سريعة التغير والتطور إلى التعليم الفاعل ثقافيا واجتماعيا، والتحول من مناهج التعليم التقليدية المنفصلة إلى مناهج تجديدية مرنة وإستراتيجيات تنمي قدرات الطالب الإبداعية.
|