[صقر قريش]

الجزيرة:الجمعة 18 صفر 1430 العدد 13287
استفتاء المعلمين والمعلمات حول فصل (الرتب) عن الكادر والعلاوات
شدني ما ورد في الصفحة الأخيرة من جريدة الجزيرة في يوم الاثنين الرابع عشر من الشهر الجاري، والذي كان تحت عنوان (فصل رتب المعلمين عن الكادر والعلاوات)، حيث جاء في ثنايا الخبر أن وزارة التربية والتعليم تخصص برنامجاً إلكترونياً خاصاً لمفاضلة المعلمين والمعلمات في الحصول على الرتب الوظيفية من خلال مشروعها الذي سيطبق في العام القادم، وجاء في الخبر أن والوزارة ستركز في مشروعها على رفع الجوانب المعنوية للمعلمين دون ربط رتبهم بالكادر التعليمي ولا بالعلاوات التي تحتسب لهم في مسيرات رواتبهم الشهرية.
هذا الخبر مفرح من جانب وغريب من جانب آخر.. مفرح؛ لأنه يعكس حراكاً إيجابياً من قبل وزارة التربية والتعليم تجاه المعلمين والمعلمات الذين يشعرون أحياناً بأن الوزارة لم تلتفت لهم، ولم تشعر بمدى المعاناة التي يواجهونها، وهم محقون في كثير مما يقولون، خاصة ما يتعلق بشكاوى الجادين والجادات الذين لم يجدوا ولم يلمسوا ما يميزهم عن غيرهم.
والغرابة التي تكمن في الخبر هي أن الوزارة لن تربط هذه الرتب بالكادر ولا بالعلاوات، وهذا حسب ظني سيفقد هذه الرتب تميزها، وسيخرجها من مضمونها، وستبقى مسميات فارغة ليس لها أي دور في عطاء المعلمين والمعلمات، وليس لها أي دور أيضاً في إتقان العمل والإبداع فيه.
وخير دليل على ذاك تلك الحوافز المعنوية التي أعطيت لمديري المدارس ووكلائها، وتلك الحوافز المعنوية التي أعطيت لمعلمي الصفوف الأولية، كلها لم تدفع إلى بذل المزيد من الإتقان والإبداع، بل إنها لم توقد جذوة التنافس لنيلها، وظل الإحجام عن تولي المهام الإدارية قائماً، كما ظل التهرب من تدريس الصفوف الأولية مستمراً.
والذي أكاد أجزم به أن الجودة والإتقان في الميدان التربوي يعود إلى وجود واحد أو أكثر من الجوانب التالية: الأول وهو الأهم جانب الإخلاص وحب العمل، والثاني الحوافز المادية، والثالث الجاه، والرابع امتلاك الصلاحيات.
الجانب الأول لا أشك في وجوده لدى المعلمين والمعلمات، ولا أجزم في وجوده لدى معظمهم؛ لأنه يحتاج إلى مجاهدة قد تضعف وتذبل حينما تجف منابعها، والجانب الثاني مفقود في ظل الكادر الحالي؛ لأنه لا يوجد فيه ما يميز بين الرئيس والمرؤوس ولا بين المتميز من الكسول، أما الجانب الثالث وهو الجاه فليس ميدان التعليم المباشر مكانه؛ لأن التعليم رسالة وهدفها أسمى وأبعد من الجاه، ويبقى الجانب الرابع وهو يختص بمن يتولى الإدارة أو الرئاسة وهو شبه مفقود لدى مديري المدارس فليس لمدير المدرسة من اسمه في هذا الجانب نصيب.
كلنا أمل أن تدرس الوزارة هذا الموضوع بعمق قبل إقراره وأن تعيد النظر فيه من أجل ربطه بالكادر والعلاوة وذلك بالتآزر مع الوزارات الأخرى المعنية حتى لو تأخر إقراره، ولعلها تتكرم أيضاً باستفتاء شريحة كبيرة من المعلمين والمعلمات والمديرين والمديرات في هذه الرتب الجديدة والحوافز المادية والمعنوية المناسبة لها؛ لأنهم أصحاب الشأن والمعول عليهم.. وبالله التوفيق.
د. محمد بن شديد البشري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود