أحسنت الاختيار , بارك الله فيك .
كم تفيض تلك القصيدة بمشاعر الألم والحزن والعاطفة الجياشة ! وإن كانت مستوحاة من قصيدة لعائشة التيمورية في رثاء ابنتها .
و عائشة التيمورية هي شاعرة ناثرة، كانت من أوائل الأديبات في مصر في العصر الحديث. وهي أخت العالم الأديب أحمد تيمور، وعمة الكاتب المسرحي محمد تيمور، والكاتب القصصي محمود تيمور.
وقد نظمت في رثاء ابنتها قصيدة تقول فيها :
[POEM="font="Simplified Arabic,4,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,5,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]إن سال من غرب العيون بحــور = فالدهر باغ والزمان غدور
فلكل عيـن حق مدرار الدمـــا=ولكل قلب لوعة وثبــور
ستر السنا وتحجبت شمس الضحى=وتغيبت بعد الشروق بدور
ومضى الذي أهوى وجرعني الأسى =وغدت بقلبي جذوة وسعير
يا ليته لما نوى عهد النـــــوى= وافى العيون من الظلام نذير
****
طافت بشهر الصوم كاسات الردى= سحرا وأكواب الدموع تدور
فتناولت منهــا ابنتـي فتغيرت=وجنات خد شانها التغييــر
فذوت أزاهير الحياة بروضهــا =وانقد منها مائس ونضيــر
لبست ثياب السقم في صغر وقد=ذاقت شراب الموت وهو مرير
جاء الطبيب ضحى وبشر بالشفا=إن الطبيب بطبه مغـــرور
وصف التجرع وهو يزعم أنـه=بالبرء من كل السقام بشير
****
فتنفست للحزن قائلة لــــه= عجل ببرئي حيث أنت خبيـر
وارحم شبابي إن والدتي غـدت =تكلى يشير لها الجوى وتشير
وارأف بعين حرمت طيب الكرى= تشكو السهاد وفي الجفون فتور
****
لما رأت يأس الطبيب وعجزه =قالت ودمع المقلتين غزير
أمــاه قد كل الطبيب وفاتني=بما أؤمل في الحياة نصير
لو جاء عراف اليمامة يبتغي =برئي لرد الطرف وهو حسير
يا روع روحي حلها نزع الضنى=عمـا قليل ورقها ستطيــر
أماه قد عز اللقاء وفي غد =سترين نعشي كالعروس يسير
وسينتهي المسعى إلى اللحد الذي=هو منزلي وله الجموع تصير
قولي لرب اللحد رفقا بابنتي =جاءت عروسا ساقها التقدير
وتجلدي بإزاء لحدي برهة=فتراك روح راعها المقدور
أماه قد سلفت لنا أمنية =يا حسنها لو ساقها التيسير
كانت كأحلام مضت وتخلفت= مذ بان يوم البين وهو عسير
****
عودي إلى ربع خلا ومآثر = قد خلفت عني لها تأثير
صوني جهاز العرس تذكارا فلي=قد كان منه إلى الزفاف سرور
جرت مصائب فرقتي لك بعد ذا =لبس السواد ونفِّذ المسطور
والقبر صار لغصن قدي روضة =ريحانها عند المزار زهور
أماه لا تنسي بحق بنوتي= قبري لئلا يحزن المقبور
****
فأجبتها والدمع يحبس منطقي=والدهر من بعد الجوار يجور
بنتاه يا كبدي ولوعة مهجتي =قد زال صفو شأنه التكدير
لا توصي ثكلى قد أذاب فؤداها=حزن عليك وحسرة وزفير
قسما بغض نواظري وتلهفي= مذ غاب إنسان وفارق نور
وبقُبلتي ثغرا تقضى نحبه= فحرمت طيب شذاه وهو عطير
والله لا أسلو التلاوة والدعا=ما غردت فوق الغصون طيور
كلا ولا أنسى زفير توجعي=والقد منك لدى الثرى مدثور
إني ألفت الحزن حتى أنني =لو غاب عني ساءني التأخير
قد كنت لا أرضى التباعد برهة=كيف التصبر والبعاد دهور
أبكيك حتى نلتقي في جنة=برياض خلد زينتها الحور[/POEM]
والقصيدة على روعتها وما تجيش به من صدق مشاعر الأمومة فإنها لا تخلو من الجزع الذي قاد إلى بعض المخالفات كسَبِّ الدهر مثلا و وصفه بالبغي ( فالدهر باغ والزمان غدور )
والقسم بغير الله ( قسما بغض نواظري وتلهفي)