[صقر قريش]

الوطن:الثلاثاء 22 صفر 1430هـ العدد (3063)
عن نورة أحدثكم . . وإليها أتحدث
سليمان العقيلي
قبل نحو خمسة وعشرين عاما توجهت إلى إحدى البلدان العربية لتغطية إحدى مؤتمرات القمة العربية، وفي القطار المؤدي إلى العاصمة رأيت فتاة تطالع صحيفة وتقرأها بحسرة، وعلمت منها أنها كانت تقرأ عن تعيين وزيرة في إحدى البلدان الأوروبية، وتفكر - حالمة - متى تتعين المرأة وزيرة في بلدها الذي يتمتع بانفتاح كبير إلا أن الحكومة لا تعين السيدات وزيرات . وسألتني – بروح محبطة - ترى كم نحتاج زمنا لتصبح المرأة وزيرة في العالم العربي؟ انبعثت هذه القصة القديمة من قاع ذاكرتي وأنا أقرأ قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بتعيين الأستاذة نورة عبد الله مساعد الفايز نائبة لوزير التربية والتعليم حيث جسدت الإرادة السامية المستوى المرموق الذي وصلت إليه المرأة السعودية والمكانة اللائقة بها والذي تريده القيادة السياسية في إطار منظومة الإصلاحات الوطنية . اليوم أحدثكم عن نورة الفايز التي نشأت في بيئة تقليدية من أسرة محافظة خرجت قبل عقود من قرية الفرعة في محافظة شقراء وتوجهت إلى المنطقة الشرقية . ولدت – حسب والدها - في الدمام حيث نشأت سيرتها الأولى في بيئة اجتماعية كان لأرامكو وثقافتها الجادة تأثير فيها . ثم انتقلت إلى العاصمة حيث درست ثم أكملت دراساتها العليا في الولايات المتحدة الأمريكية . نورة لم تصل إلى المنصب بمؤهلات التحرر والانفتاح والميزات الذاتية . بل بالعلم والعصامية والخبرات المهنية؛ حيث كون التعليم والإدارة التعليمية جل تجربتها . حتى جعلت من الفرع النسائي لمعهد الإدارة العامة بحجم برامجه و عدد متدرباته يوازي إن لم يتفوق على المعهد الرئيس . وأنشأت من البرامج و الدورات ما حول المعهد النسائي إلى قبلة للباحثات عن التدريب والتأهيل من أقصى جنوب المملكة إلى أقصى الشمال . نورة لم تهبط إلى وزارة التربية من السماء بل جاءت من صلب القاعدة التعليمية فعملت موجهة للوسائل التعليمية بمعاهد التعليم الخاص بوزارة التربية . ومديرة مؤسسة لمدارس المملكة عند نشأتها وهي من كبريات المدارس الأهلية بالعاصمة . كما كانت محاضرة في جامعة الملك سعود ومحاضرة ومديرة لمركز تقنيات التدريب بمعهد الإدارة ثم مديرة عامة لمعهد الإدارة النسائي . وهي قد خاضت تجربة ديموقراطية تربوية بفوزها في انتخابات مجلس إدارة مدارس رياض نجد بالرياض، مما منحها خبرات واسعة في مجالات التربية والتعليم والتقنية والإدارة كونتها بصبر وكدح و عصامية المرأة العنيدة في إخلاصها المستقلة في تفكيرها، وليس بعون الزوج أو ميراث سلطة و مكانة الأب وواسطة الأخ . ونقول لنائبة الوزير إننا نتطلع بشغف لنجاح هذه التجربة ، وتذكري – يا سيدتي – أن هناك من المتربصين بمسؤولياتك الجديدة الكثيرين، لأن المرأة - في ثقافتهم - هي مجرد خادم تابع . ولأن الدولة وإدارتها هي للذكورة فقط . كما قد لا تعدمي من البيئة النسائية نفسها من تخشى إدارة المرأة بل وربما تكرهها