عرض مشاركة واحدة
قديم 02-20-2009   رقم المشاركة : ( 4 )
صقر قريش
مشرف الأقسام التعليمية

الصورة الرمزية صقر قريش

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2814
تـاريخ التسجيـل : 22-08-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 31,556
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 596
قوة التـرشيــــح : صقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادة


صقر قريش غير متواجد حالياً

افتراضي رد: اخبار التربية والتعليم ليوم الجمعة25/2

الوطن:الجمعة 25 صفر 1430هـ الموافق 20 فبراير 2009م العدد (3066) السنة التاسعة
امرأة في الوزارة.. نورة الفايز والتحديات القادمة
شتيوي الغيثي
لأول مرة في التاريخ السعودي تصل امرأة إلى مرتبة نائب وزير، وهي نورة الفايز، المرأة التي جاءت من خلفية تربوية وإدارية فاعلة، وهي المرأة التي كانت تعمل بصمت، وتتحرك بصمت بعيداً عن الإعلام، وبعيداً عن الأضواء، لتجسد مسيرة نضال آلاف النساء السعوديات الطامحات إلى الحرية والعدالة والمساواة وفق القيم الإسلامية والاجتماعية كما يعلنّ دائماً، وكما صرحت هي ذاتها، وإذا كانت نورة قد وصلت إلى مرتبة نائب الوزير، فإن من ورائها الكثير من السنوات، والكثير من العمل الحقوقي النسائي الذي توج بهذا النجاح.
لم يكن وصول نورة بدعاً من عمل المرأة في المجتمع السعودي، لكنه العمل الأكثر تحدياً والأصعب من الناحية المسؤولية، فحينما كانت المرأة السعودية تبحث عن أدنى مستويات الحقوق الإنسانية جاءت نورة لتضع يدها فوق هرم الحقوق النسائية، وليس أدناها، إذ إن الحقوق تنتزع ولا تمنح، ولتوضح عملياً لعموم النساء في المجتمع السعودي أن الحقوق واحدة مهما اختلفت أهميتها أو أولوياتها، فقيمة الحق الأدنى كقيمة الحق الأعلى، إذ إن القضية قضية حق أولاً وأخيراً.
جاءت نورة في فترة تحولية في المجتمع السعودي، لتحسم الكثير من القضايا الفكرية والاجتماعية، ولتشارك في صناعة مستقبل تربوي واجتماعي جديد. على المستوى التربوي أصبحت المرأة هي المسؤولية عن قراراتها التربوية، وعلى المستوى الاجتماعي أصبحت المرأة تساوي الرجل في اتخاذ القرار. لم يعد المجتمع السعودي كما كان. هو داخل على مرحلة قادمة سوف تشارك المرأة في صناعة قراراته، ولتقلب الموازين الاجتماعية كلها في ساعة واحدة، ولتضع فكرة رفض قيادة المرأة الإدارية أو رفض ولايتها تحت طائل النقد والتشريح والتداول الفكري. ها قد أصبح المجتمع السعودي أمام واقع وجود امرأة تدير الكثير من الشؤون الإدارية بعيداً عن الرجل، وحتى قريباً منه أيضاً، بقرارات فاعلة ومتفاعلة، ومؤثرة تأثيراً مباشراً حتى على الرجل نفسه.
التحديات التي سوف تواجه المرأة السعودية، متمثلة بنورة الفايز في توليها منصبها، قد ابتدأت الآن ولم تنته. ابتدأت على المستوى المجتمعي قبل أي تحدٍ آخر، من حيث إن العيون التي تتربص بفشلها أكثر من التي تأمل نجاحها. والتحدي الحقيقي هو أن تضع نقلة نوعية في التفكير المجتمعي ككل في رؤيته لعمل المرأة وقيادتها، لأنها سوف تكون صدمة مجتمعية أن تتولى امرأة منصباً كهذا، لذلك فهي أمام تحد مجتمعي عريض بعرض العقول التقليدية التي تسيّر الكثير من أفراده.
ظهرت نورة بالحجاب الشرعي كاشفة الوجه، وهذا تحد مجتمعي آخر في مجتمع يرى أكثرية أبنائه وبناته عدم كشف الوجه، وهنا نقلة نوعية في قبول المجتمع والسلطة تعيين امرأة كاشفة الوجه في سلطة تربوية يمكن لها أن تقرر ما يمكن أن تراه وضعاً تربوياً قد يكون مخالفاً لقناعات الكثير من أبناء المجتمع ، وبما أن كشف الوجه أو تغطيته خيار فردي للمرأة، أو هكذا يفترض، خاصة أن أكثرية المذاهب السنية تسند رأي كشف الوجه أيضاً، فإن الخيار أصبح في يد المرأة في مدى قبول أو رفض كشف الوجه، بمعنى أن المرأة هي صاحبة القرار مستقبلياً على نفسها، وهذا التحدي أرادته نورة أم لم ترد، هو حاصل خلال السنوات القادمة لامحالة كونها الآن قد استلمت منصباً وزارياً بقرار ملكي مباشر، أي قرار سياسي، لذلك فإن كل تصرفاتها وخياراتها خاضعة إلى الرؤية الإدارية والسياسية التي تتبناها الدولة من خلال هذا المنصب التنفيذي المعتبر.
على المستوى التربوي فإن أمامها ركاماً من القضايا الإدارية والتعليمية والتربوية أولها ـ في رأيي ـ تعزيز ثقة المرأة/الطالبة/المعلمة بكيانها الإنساني، والتي كانت العقلية الذكورية تحاصرها بالكثير من المقولات التراثية التي تنزل المرأة مراتب أقل حتى في المقرر التربوي التي تدرسه الطالبة. هنا هي أمام واقع جديد، فالمرأة في مصاف الرجل، وهي قيادية كما أنه قيادي، وتربوية كما أنه تربوي لذلك فإن العمل على إعادة تحسين الرؤية داخل المرأة لذاتها في المدارس من أولويات القضايا التربوية التي لابد من أن تعمل عليها بشكلها الفردي والمؤسساتي، أي لابد من إعادة الرؤية في المناهج والمقررات بحيث تؤنسن أكثر تجاه المرأة، وإلا فلا قيمة من وجودها على هذا المنصب في رأيي، فنجاحها امرأة ومسؤولة قيادية لابد أن يأخذ بها إلى العمل على تحسين وضع المرأة السعودية ككل لتضع لها آلاف "الخليفات" من بعدها ليقدن مسيرة عمل المرأة في كل جوانب الحياة.
كما أنها أمام عمل إداري ضخم وهو وضع المعلمات المزري منذ سنوات سواء الرسميات منهن أو المتعاقدات حتى الآن وهن الأسوأ وضعاً، كما أن نقل المعلمات التعسفي وتعييناتهن غير الإنسانية، والتي يكلف المعلمة أكثر مما تكسب مادياً، بل ويكلف أرواحهن أحياناً لذلك فإن من الملفات التي أعتقد أنها لابد من أن تفتح وتناقش على طاولة الوزير هو وضع المعلمات: وضعهن المادي ووضعهن الوظيفي ولائحة الإجازات خاصة إجازة الأمومة التي تقلصت بفعل قرار لا إنساني مطلقاً حيث تحرم الأم من طفلها في الأسابيع الأولى بعد الولادة، لذلك فمن اللازم هنا إعادة تنظيم الأنظمة نفسها، والقرارات التربوية والتعليمية التي تخص المرأة تحتاج إلى مراجعة وإعادة نظر لأنها كتبت بعقليات ذكورية تجاهلت غفلة، أو عمداً، لا يهم، حاجيات المرأة.
إن أمام نورة الفايز طريق طويل وملغم بالكثير من الألغام الاجتماعية، والحصار التنظيمي البيروقراطي لكن نأمل حقيقة أن تنجح في مهمتها لتمهد الطريق أمام آلاف النساء اللاتي ينتظرن دورهن في تفعيل دور المرأة في المجتمع السعودي. لذلك فهي على بداية الجسر المعلق فهل سوف تصل لنهايته بنجاح. آمل ذلك حقيقة. لكن لا يعني ذلك أيضا أن تتغافل عن كل المعيقات والمثبطات، وربما حتى العمل المضاد أيضا، لكن نأمل منها ومن الطاقم العامل معها وضع خطة طويلة المدى وذكية تعرف كيف تتجاوز كل العراقيل والعقبات التي أمامها لأن نجاحها هو نجاح للمرأة السعودية، وليس نجاحاً لها فقط، ولذلك عليها مسؤولية أعظم بكثير من مسؤوليات الآخرين، وعليها تعقد آمال النساء في المجتمع السعودي ككل.
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس