عرض مشاركة واحدة
قديم 02-24-2009   رقم المشاركة : ( 8 )
صقر قريش
مشرف الأقسام التعليمية

الصورة الرمزية صقر قريش

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2814
تـاريخ التسجيـل : 22-08-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 31,556
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 596
قوة التـرشيــــح : صقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادة


صقر قريش غير متواجد حالياً

افتراضي رد: اخبار التربية والتعليم الثلاثاء 29 صفر 1430هـ

الوطن:الثلاثاء 29 صفر 1430هـ الموافق 24 فبراير 2009م العدد 3070
التعليم ذروة سنام المُجتمعات المعرِفيّة
محمود عبدالغني صباغ
تقول الرواية إن الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد، بعد أن فرَغَ وفريق مجموعته للتفكير الاستراتيجي، المعروفة باسم مجموعة "الأغرّ"، وهي "حوض فكري" يضم بين بُرديه طاقمٌاً من وزراء ورجال دولة وفكر واستشارة وتعليم وابتكار، بعد أن فرَغَ من استعراض خلاصة خطته في التحوّل على مدار المجتمعات المعرفية، في حضرة المليك، الذي كان يُنصت – بدوره- باهتمام وتمعّن – ما كان منه وقد استحسن ما سمِعَ وشَاهَدَ من ترتيب وعرض، فذلك مما تنسجم به رؤية المليك الإصلاحية أساساً، سوى أن قال "هذا، تحديداً، هو حلُمي"!ولأن التعليم هو ذروة سنام قيام المجتمعات المعرفية. جاء التركيز على إصلاح التعليم ليشكّل حبل سرّة خطة مجموعة الأغرّ في التحوّل المعرفي، وهي الخطّة التي استغرقت تضافراً في الجهود بين جهات، وسُخّرت لها خلاصات التجارب في الدوائر المعرفية المضيئة، وأقيمت في سبيل صياغتها الوِرش والتجمعات، واستعين فيها بخبرات ماليزية علاوة على محلية، كل ذلك، لتتوفر في آخر المطاف الوصفة التي من شأنها أن ترتقي بالأمة العربية السعودية إلى سوية الأمم المتقدمة، بحلول عام 1444 هـ. ويبدو أن المليك المُصلِح، قد قصَدَ اختيار أكثر اللحظات لياقة وعفواً، بل وإلحاحاً، ليباشِر تنفيذ رؤيته الإصلاحية، في قطاع التعليم، التي ظاهرها قرارات وأوامر ملكية سامية بالإحلال وتغيير أهل الحقائب، فيما هي في صميمها استحكام لرؤية ولفكر جديد سيُستتبع ببرامج وآليات، ستُغَربَل بها المنظومة القيمية التي يقوم عليها التعليم التقليدي - ولسنا نضرب الودع، بل نتقرّى دلالة تكليف عرّاب الرؤية الاستراتيجية بمَهمة رئاسة العمل الوزاري التنفيذي بأسره. وهذا إصلاح جدير بالاحتفاء والتصفيق، كونه ينتظم في نهاجية، لا مكان للارتجال فيها، فلا تقوده أي مجاذبات، ولا تقوّمه دعاوى سياسية مُغرضة أو تحتمه مبررات البروبوجندا الرخيصة. ليس لأن مليكنا يتعالى على مثل هذه المبَاذِل والأمور فحسب، بل لأنه مليك شيّمته التأنّي حتى اختمار الأفكار وما يعتمل في خبايا نفسه من نوايا إصلاح ورغبات الخير لهذه الأمة.وقيمة الإصلاح الأخير، كونه يأتي كمبادرة، تصدر من تلقاء ذاتها، ونتيجة وعي بضرورة الإصلاح والتغيير، حيث يتغيّا فِعلُ التغيير لذاته، فتزدوج نشوة الشعب، ويرسخ احتفاؤه. ونحن في طور مرحنا على مسرح التاريخ إذ يُعاد بناء قواعد الدولة الحديثة، ويعاد النظر في كثير من الأنظمة والخطابات والآليات الرسمية السائدة، يتساوق هذا الإصلاح مع التحولات الجارية في حيّزات السياسة والثقافة والمجتمع. أنه إصلاحُ يجسد الالتقاء بين إرادة مليك، وتطلعات شعب. أما وزير التعليم القادم، فهو أمير شاب تتلألأ أمام عينيه أنوار العقل، وتلوح له قطوف المعرفة. سواء في دوره القيادي كنائب للاستخبارات، أو مبادرته ورفاقه في مجموعة الأغرّ، أو دوره في رئاسة اللجنة التوجيهية لمنظومة الابتكار الوطنية في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، أو حتى دوره الملموس في دعم النشاط الثقافي والإبداعي بالمملكة، يتعالى اليوم، مُتسامياً في إسرائه وهو يرنو إلى ولوج عوالم المعرفة، مُنعرِجاً في مسالك التعقل والترقي بحثاً عن أكفأ منظومة وأكمل منهج، لتفيض على النشء بالتمكين والتربية والتدجيج بعملات التداول في دوائر المجتمعات المعرفية. وسيتجنب الأمير فيصل، قِوى الرفض والتخلف والرجعية ودعاوى التثبيط والهزيمة، وسيطفر رأساً لمصاولة أجندة الإصلاح والتغيير دون أن يُلاين أو يحتاط. يرافقه في معركته "المعرفية" السامية، أعضاء كبينته المُختارة بعناية في مَهمة التربية والتعليم؛ رجلٌ كان أميناً مؤتمناً على الحوار الوطني أجاد في مزاولة أجندة التسامح والحب والجمال، وآخرٌ كان أميناٌ مؤتمناً على مواهب الأجيال وأرصدة الابتكار، وأخت رجال هي خير من يؤتمَن على عقائدِ النشء والقادم من الأجيالِ!
وسيحتفي التعليم، في عهده، بمقومات النهوض والإقلاع، بل أكاد أراهن على أن شعار المرحلة القادمة سيتوزع على عناصر ثلاثة: معرفة، أصالة، وانضباط. المعرفة، لأنها صميم مشروعه في استنقاذنا من مخالب التخلف المؤَسَس والجهل المُقنن، ومن أنياب الأبوية الصارمة، المُبطِلة لأي حركة نهوض وترقي. ولإدراكه إلى حاجتنا لنظام معرفي نظري ينهض على العقلانية والفكر الحر، ويستوعب تاريخ تطور الفكر النظري والاجتماعي والسياسي والمؤسساتي، سيمضي في استعلانه بتقشير المناهج التعليمية من لحاء الأيديولوجي والموروث والتقليدي والوصائي والاستبدادي واللاتاريخي. والأصالة، لأنه يدرك أنه سيستحيل التغيير دون أن يستلهم محفزات تحوّله من فضاءات الذات الثقافية والحضارية والمدنية في الإسلام العظيم، ومن مخزون الأمة العربية المجيد. ولا مجال، هنا، لمُخاشنة الأمير واشتداد النقمة عليه، إنه رجلٌ واع بأوهام المتخيّل الثقافي العربي السعودي، من "خصوصية" و"تقليد" و"شوفينية" ممجوجة، سيقطع معها، نحو أصالة حقيقية، لا اعتذار فيها لخصوصية لم تورّثنا الا جدع أنف الأمة!ثم إن مظاهر "الأصالة" تستحوذ بالفعل على كل أفعال الأمير واهتماماته، وهو المفتون بأصالة الخيول العربية، ومؤسس اتحادها الرياضي للفروسية والسهام، بل حتى مسمى "الأغرّ"، لغةً، ليس سوى الفرس ذي الجبهة البيضاء الناصعة. والانضباط، كونه يأتي من خلفية استخباراتية صارمة، لا مجال، فيها للخطأ وأنصاف العمل. وهذه مزيّة تأتي في محلها، فالتَركة، لعمري، جد ثقيلة!.. ليس من نافل القول إن الأيديولوجيا الظلامية أترعت مفاصل التعليم حتى الثمالة، وتغلغلت في الشرايين والأنسجة والخلايا ليس على مستوى المناهج النظرية والمصفوفة الفقهية التقليدية فحسب، بل وعلى مستوى الممارسات السلوكية، وأساليب الحياة والأنشطة اللاّصفيّة وكل ما يخصّ متوازيات التعليم!وعفو الخاطر، لسنا نقصد الإساءة لمن سلف، شكراً على كل ما بذلتموه وقدمتموه، ولكن يبدو أن الإشكالية أكبر من ممكنات وعيكم الذاتي، واستعدادكم الشخصي. إن التغيير الذي سيشهده التعليم، يكمن في التحوّل من الأيديولوجي إلى المعرفي، من إرادة الهيمنة إلى إرادة المعرفة، من أنساق الوهم التقليدي المُحافِظ إلى أنساق التجديد والابتكار، من أوهام الخصوصية إلى فتوحات التثاقف والتداول، من خطاب الجحود إلى خطاب الشهود. ولن تخرج مفاهيم المرحلة القادمة، عن: كفاءة الإنتاج، الجدارة مقابل الاتكال، التمكين والتنافسية، حفز الإبداع والخيال، دعم الابتكار، تأصيل مكارم الأخلاق، الاحتفاء بالعقل وقيمة التفكير الحرّ، الانفتاح على الآخر والعالم. هكذا يعلن المليك أنه يزرع بذور شجرة المعرفة، راغباً أن تكون عملاقة مُنتجة الثمار، مورفة الظلال. شكراُ يا خادم الحرمين.
* كاتب سعودي
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس