رد: اخبار التربية والتعليم الثلاثاء 29 صفر 1430هـ
عكاظ : الثلاثاء 29-2-1430هـ العدد : 2809
المعلمون تحت ظلال السواطير
صرخة وألم وأنين وبكاء ونحيب، ذلك هو الميدان التربوي الذي يعج بالمشكلات الدخيلة سواء في صفوف المعلمين أو الطلاب أو حتى على مستوى المباني، فلن نتكلم عن تلك المشكلات فالمقام لا يتسع لاستيعاب مآس يشيب لهولها قلمي وتجف من عمقها محبرتي. لن أتكلم عن كل هذه المشكلات فالحمد لله أن وزارتنا سائرة على حلها ولن يتبقى سوى فترات زمنية لتقضي عليها.ولكن أن تصل المشكلة لتهديد حياة المعلمين وتهشيم رؤوسهم بالقضبان الحديدية والسواطير فيجب علينا ألا ننتظر ربع قرن لحلها، فالقضية تمس أرواحا بشرية، لا بد من وضع حلول جذرية تنهي هذه المشكلة التي أصبحت جرحا غائرا في جبين وزارة التربية والتعليم.فحادثة الاعتداء التي وقعت على معلم (الغريف) والتي قام ببطولتها مراهقون تأثروا بأزقة المكسيك ودهاليز الظلمة هناك، ورفعوا العصي والسلاسل والسواطير صباح يوم الثلاثاء الماضي على ذلك المعلم وأبرحوه ضربا حتى شج رأسه بفعل أرعن من ساطور متهور، أوشك أن يقضي على حياته لولا أن كتب الله لذلك المعلم عمرا جديدا.فما هي الأسباب التي جعلت أولئك (الملثمين) يقومون بتلك الفعلة الشنيعة، ومن المحرض، ولم بهذه الطريقة البشعة؟.أيا كانت الأسباب وأيا كان المحرض، لا بد من معاقبتهم معاقبة تثلج صدور الذعر الذي اكتسح الأوساط التربوية وهز أركانها.فمن أمن العقوبة بالتأكيد أنه سيسيء الأدب، ومن افتقد التربية سيبث في أوساط المجتمعات الذعر، ومن لم يتحل بأخلاق الإسلام ستسقط أسهمه في القاع مثلما سقطت أسهم سوقنا السعودية وانهارت، عندما تنصل هواميرنا من أخلاقياتهم. أتمنى من وزارة التربية والتعليم أن تقف ولو لمرة واحدة وقفة صارمة، يهاب وقعها كل من تسول له نفسه بأن يتعدى على حرمه التعليم، وتسري بها ركبان من خرج عن العرف والأدب والأخلاق الحميدة. مع خوفي الشديد بأن يكون موقفها من هذه الواقعة موقفا معاكسا باختلاق الأعذار لمن قام بهذا الجرم السافر، وبأن تجرم الضحية بأن تنظر لذلك المعلم نظرة استهجان وقد يتعدى ذلك الاستهجان إلى أن تقوم بتحويل ذلك المعلم إلى إداري. قبل أن أختم آمل أن تستيقظ وزارة التعليم من سباتها العميق لتحمي معلميها فأنينهم مسموع في كل مكان، وصرخات استغاثتهم ملأت الدنيا.
فارع عابد الحارثي
عكاظ : الثلاثاء 29-2-1430هـ العدد : 2809
نجيب عصام يماني التربية والتعليم.. الاختيار الأمثل
نبارك للتربية والتعليم اختيار ولي الأمر لمن توفرت فيهم مهارات وقدرات التصدي لتطوير ثروتنا البشرية والخروج بها من دائرة التناقضات والتجاذبات والمخيمات ليضعهم في قلب المعرفة بعد أن تحول طلبة المستقبل إلى مشاغبين ودعويين ومجاهدين فقدوا احترامهم لأنفسهم ولمن علمهم حرفاً. فالتربية تعني التوجيه والإصلاح وإقامة المجتمع الفاضل وإيجاد الأمة القوية في إيمانها وأخلاقها وعلومها ونفسيتها وإعداد الفرد وتكوينه ليكون عضواً نافعاً في الحياة، وتربية النشء إن أُحسنت ووُجِّهت فهي أساس متين في إعداد المجتمع وتهيئته للقيام بأعباء المسؤولية وتكاليف الحياة فكفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت وليس هناك ضياع أشد وأخطر من إضاعة قلوب صغارنا بسبب الأهواء والأمزجة وتمرير الأجندة الخاصة لكل صاحب هوى ومزاج.دفع الرشيد ابنه إلى معلّم ليعلّمه قائلاً: إني دفعت إليك بمهجة نفسي وثمرة قلبي فصيّر يدك عليه مبسوطة وطاعتك له واجبة، أُقرئه القرآن وعرّفه الأخبار وروّه الأشعار وعلّمه السنن وبصّره بمواقع الكلام وبدئه وأمنعه من الضحك إلاّ في أوقاته ولا تَمُرّن بك ساعةً إلاّ وأنت مغتنم فائدة تفيده من غير أن تحزنه فتميت ذهنه ولا تمعن في مسامحته فيستحلي الفراغ ويألفه، وقوّمه ما استطعت بالقرب والملاينة، فأين تعليمنا من هذه الصورة؟ ما معنى أن يصدر حكماً بتنفيذ الجلد في أحد السجناء العسكريين داخل إحدى المدارس بالقنفذة أعقبه حكم آخر بجلد مروج أمام المدارس في خميس مشيط، هل ضاقت بنا الأرض حتّى يصدر مثل هذا الأمر؟ ألا يكفي أن الجلد أصبح على كل شاردة وواردة وكأنه لا يوجد غيره من العقوبات، ثم ما دخل طلبة، من المفروض أن يتلّقوا العلم والمعرفة بعيداً عما يشوش على أفكارهم ويعكّر صفو تحصيلهم ويسيء إلى نفسياتهم وهم أبرياء على الفطرة. سنوات مشوشة عاشتها مدارسنا حتّى كشف الله على يد المخلصين أمر أولئك المدرّسين الذين يمارسون المنهج الخفي على طلاّبنا زارعين في عقولهم كره الوطن ومفهوم الجهاد الخاطئ وكره الآخر محرّمين طيّبات أحلّها الله لعباده. زرعوا الفرقة في البيت الواحد حتّى كره الابن أباه وقاطع أمّه وأخاه وهجر المجتمع وأن الطريق إلى الجنة لا يكون إلاّ بالخروج قتلاً وتفجيراً وغدراً بالآمنين. جعلوا من الفصول الدراسية حقل تجارب لغسل الموتى وتكفينهم وتجهيزهم ودفنهم حتّى الغيبيات أحضروها إلى الفصول، فكانت ضحاياهم بالألوف، فهذه هجرت الدراسة وهذا كره الحياة انكفأ على نفسه محبطاً من الدنيا وما فيها. ممارسين أسلوباً دعوياً خاطئاً ليس مكانه المدرسة. فنخاطب فيك العقل والعلم وثقة ولي الأمر ونطلب منك التغير، كفانا مدارس مستأجرة، كفانا حقائب تخر من حملها ظهور أطفالنا. نريد لهم علماً نافعاً وهواءً نقياً ورياضة بدنية وفصول تدخلها الشمس وحاسوب يخزنون فيه العلم.إن علماء التربية يحذّرون من مشاهدة النشء أفلام العنف حتّى لا يتأثروا بها وننجز بإقامة حد أمام طلبة علم في خطوة لا معنى لها ولا تفسير. كما ردت محكمة التمييز حكماً بجلد معلم أمام طلابه. وجهنا رسولنا الأعظم بكيفية الملاطفة الاجتماعية والآداب السلوكية وحسن التعامل والخلق، وهذه مهمة المربّين والمعلمين ليعطوا القدوة الحسنة والأسوة الطيبة، استعرض رسول الرحمة جيشه في أُحد فرأى صغاراً حشروا أنفسهم مع الرجال فأشفق عليهم ورد من استصغره منهم، أمامنا تحد ندخل به العالم المتقدم من بوابة العلم والمعرفة يتعلّمه النشء على أصوله السليمة من معلّمين أكفاء لا دعاة يحدّثون الطلبة على قدر عقولهم ويسعون جاهدين إلى تصحيح أفهامهم وأفكارهم، يقول رسول الله إن الله رفيق يحب الرفق ومن يحرم الرفق يحرم الخير كله. إن سلامة المجتمع وقوّة بنيانه وتماسكه مرتبطان بسلامة أفراده وإعدادهم الإعداد المميّز وقد اعتنى الإسلام بتربية النشء اجتماعياً وسلوكياً وأخلاقياً بالقدوة الحسنة والترغيب وليس بالعنف والتخويف. إن الرحمة تعني رقّة القلب وإرهاف الشعور والرأفة بالآخرين والعطف عليهم، وهي تجعل من المؤمن ينفر من الإيذاء وينأى عن الجريمة، يقول رسول الله: «لا تُنزع الرحمة إلاّ من شقي»، ويقول: «لن تؤمنوا حتّى تراحموا»، قالوا يا رسول الله كلنا رحيم، قال: «إنه ليس برحمة أحدكم صاحبه ولكنها رحمة العامة»، والمطلوب أن نعلّم ولا نعنّف فإن المعلّم خير من المعنّف وقد قرّر ابن خلدون أن القسوة مع الطفل تعوّده الخور والجبن والهروب عن تكاليف الحياة وإفساد معاني الإنسانية التي له وإن من يعامل بالقهر يصبح حملاً على غيره سطا به القهر وذهب بنشاطه وحمله على الكذب والخبث خوفاً من انبساط الأيدي بالقهر عليه وتعلّمُ المكر والخديعة وهذا ما نعاني، فالطالب يحرق سيارة أستاذه ويتربص به في الشارع ويعتدي بالعنف على زملائه ومجتمعه. فلنبتعد بمدارسنا عن عبث العابثين وانصاف المعلمين وتكون للمدارس خصوصياتها واحترامها بعيداً عن آراء المغالين والدعويين ومخيماتهم، والأمل معقود على رجل المرحلة الأمير فيصل بن عبد الله ومن اختير معه ليقفزوا بنا إلى العالم الأول والبداية المدرس
|