رد: التربية والتعليم ليوم السبت 3/3
الحياة :السبت 26-2-1430 العدد :16766
نورة الفايز . . . لماذا «التمهل» ؟!
هالة الدوسري الحياة
هل تصبح نورة الفايز - أول سيدة سعودية تدخل في تشكيل وزاري لدينا - مفتاح الطريق لآلاف المبدعات والقياديات السعوديات، فلم يكن غريباً بداية أن تأتي الوزيرة من قطاع التعليم أو تنتهي إليه، فهو أقدم القطاعات التي منحت مجالاً للمرأة السعودية للتعلم والممارسة، وهو المجال الذي انتهت فيه المعركة في حق المرأة في التعلم والعمل لصالحها، بعد فصلها تماماً في المباني والمهام عن الرجل، ولا أدري كيف ستحل الوزيرة هذه المعضلة الآن في اجتماعات مجلس الوزراء الدورية، أما الذي يستدعي التوقف - بالنسبة لي على الأقل - فهي الأخبار المنشورة عن الوزيرة على خلفية تعيينها بالمنصب، فالتصريحات تسودها نبرة الحذر والتبرير بلا مسبب ظاهر، وربما كانت موجهة بالأخص إلى المتشددين دينياً، وهم الفئة الأكثر معارضة لوجود المرأة السعودية في المناصب العامة والقيادية، فلا يمكن تجاهل نبرة التطمين التي تسود تصريحات الوزيرة «المرحلة المقبلة تستدعي فهم الواقع والقيام بعمليات تحديث وتطوير دون المساس بالثوابت الدينية»، ما الذي دفع الوزيرة لهذا التأكيد؟ ولم الافتراض بأن التطوير قد يؤثر على الثوابت الدينية؟ فهل وجود وزيرة بدلاً من وزير قد يرسل مثل هذه الرسالة؟ دفاع الوزيرة عن حرصها على الدين ظهر أيضاً في رد لها حول نشر صورتها مع خبر تعيينها «رفضت نشر صورتي موقتاً كنوع من أنواع التمهل ليس أكثر . . . لكن لا يوجد أي موانع رسمية حكومية تحول دون ذلك»، وهنا يظهر بوضوح تأثير النمط الفكري الغالب لدينا كأحد العوائق المهمة لتقلد المرأة منصباً عاماً، فما أنواع التمهل أولاً؟ ثم ما أسباب الرفض إن لم يكن حذراً من مساءلة فئة متطرفة لا تعترف سوى بصلاحية نسخة وحيدة من النساء، وهن القابعات خلف أسوار مغلقة؟ ومن المفارقة بالفعل أن تظهر الوزيرة بغطاء شعر كامل في صورتها المنشورة، ومع ذلك ظهرت ردود الأفعال تطالبها بالحجاب، والمقصود هنا بالطبع هو الحجب والعزل وليس الاحتشام؟ أسجل هنا تعاطفي مع الوزيرة تحت الأضواء الملتهبة، فربما كنا في النهاية مجتمعاً يخلق لنفسه المصادمات والمشكلات بدلاً من حلها، ومن الملاحظ أيضاً ورود اسم الدكتورة هتون الفاسي في تعليقات إعلامية شتى على تقلد السيدة الفايز لهذا المنصب، وبعكس الوزيرة الفايز والتي لم يكن لها قبل ترشيحها للمنصب أي حضور إعلامي أو شعبي سابق على الساحة المدنية السعودية، فالدكتورة هتون تتمتع بشهرة لدى المشاهد السعودي ككاتبة ومؤرخة وأكاديمية، وهي سعيدة بتعيين الوزيرة ومتحفظة على إمكان حدوث تأثير كبير في التعامل مع المرأة السعودية كنتيجة لهذا التعيين «امرأة واحدة لا تكفي، ويد واحدة لن تصفق، ماذا ستفعل امرأة واحدة في حشد كبير من الرجال»، كما تؤكد «هذا التعيين لا يعتبر كافياً بأي شكل من الأشكال»، وهي هنا تطرح ربما دعوة لإعطاء المزيد من النساء مثل هذه المناصب، ولا يمكن هنا تجاهل البحث الإعلامي عن وجه سعودي نسائي نشط ليطرح رد فعله في تعيين الوزيرة . أتى تعيين الوزيرة السعودية أيضاً متزامناً مع مقابلات الوفد السعودي لحقوق الإنسان في جنيف، ومواجهتهم بعدد من الانتقادات بشأن وضع المرأة السعودية، والوزيرة تؤكد في تصريحاتها تلك العلاقة بين تعيينها وبين الانتقادات الموجهة للمملكة في ما يخص المرأة، فهي تصرح بأن تعيينها يمثل رسالة إلى العالم لا سيما إلى الغرب، غير أن الوزيرة - بعكسي - متفائلة، وتعتبر تعيينها «مفخرة للمرأة السعودية»، ولا أنفي هنا كفاءة الوزيرة، فهي بالتأكيد تملك تاريخاً من العمل في قطاع التعليم والإدارة يؤهلها لتقلد المنصب، ولكني هنا لا أرجح دور الكفاءة العلمية كمعيار للاختيار، وهو ما دعا كاتبة المدونة السعودية «درجة ماجستير» للتساؤل «نورة الفايز هل يمكن أن أكون يوماً مكانك؟»، فهي مثل السيدة الفايز حاصلة على ماجستير التعليم، وعملت متعاونة مع جامعة الملك سعود، ولكنها لم توظف بها، وهي تتساءل كيف يمكن أن تصل يوماً إلى منصب السيدة الوزيرة وهي العاطلة حالياً والباحثة عن عمل؟ في مجتمع لا يؤمن بالنساء كأفراد لهن كامل الأهلية كما الرجال، لا يمكن أن نفرح بأي انتصار صغير . ولكن يهمنا أن تجد أصواتنا ومطالباتنا صدى حقيقياً في عالم أفضل للنساء بلا تمييز، تستطيع فيه المرأة الراشدة أن تتنقل وأن تتعلم ما يناسب قدراتها وطموحها، وأن تعمل في ما يناسب كفاءتها وليس جنسها، وفي النهاية لا أنكر أن تعيين الوزيرة السعودية، ولو كانت نائبة وزير .
* كاتبة سعودية - الولايات المتحدة الأميركية
|