عرض مشاركة واحدة
قديم 03-03-2009   رقم المشاركة : ( 6 )
صقر قريش
مشرف الأقسام التعليمية

الصورة الرمزية صقر قريش

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2814
تـاريخ التسجيـل : 22-08-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 31,556
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 596
قوة التـرشيــــح : صقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادة


صقر قريش غير متواجد حالياً

افتراضي رد: أخبار التربية والتعليم والمقالات الثلاثاء 6/3

المدينة : الثلاثاء 06-03-1430هـ العدد : 16750
التعليم: قضية الوطن!!
د. خضر محمد الشيباني
لا شك أن ما شهدته المملكة في الأيام الأخيرة من خطوات تغيير على بعض الأصعدة التنفيذية هو استمرار لعملية إصلاح هي بطبيعتها عملية تراكمية إلاّ أنها، بتأن وروية، بلغت مرحلة حاسمة من رحلة التنمية الطويلة، وليست القضية تغيير أشخاص هنا وهناك بقدر ما هي (رؤية للمستقبل) تفرض رؤى ومراجعات في وقت لم يصبح التمويل فيه ذريعة للفشل، ويؤكّد قائد المسيرة لجميع المسؤولين بأن ( لا عذر لكم بعد اليوم).في رأيي أن أهم ما يحدث اليوم في هذا المشهد التنموي الإصلاحي هو ذلك التغيير المتوقّع أن يحدث على صعيد التعليم؛ فلن نأتي بجديد عندما نقول إن (التعليم) يقع على قمة هرم الأولويات في نهضة الأمم، ولكن المهم أن تكون هذه الحقيقة هاجساً دائماً فلا تغفل عنها العين لحظة، وهذا ما أدركته الدول المتقدمة فكان هاجسها الدائم هو أحوال (التعليم) ومعايير تقويمه، وبالذات فيما يتعلق في مجالات (الرياضيات) و(العلوم والتقنية)؛ فالمجتمع المعاصر مجتمع يرقى بهذه العلوم، وينمو عبر تفاعلاتها المجتمعية والإنتاجية والفكرية، وتندثر إمكاناته عندما يضمحل تأثير (العلوم الحديثة) في بناه التعليمية والبحثية والثقافية والاقتصادية والإعلامية.تلك بدهيات أدركتها الأمم المتقدمة؛ فكانت ترتعد فرائصها عندما تشعر أن تعليمها يتراجع؛ فأطلقت أمريكا صرخة مدوية بشأن (التعليم) في الخمسينات من القرن الماضي عندما انطلق الصاروخ الروسي الأوّل (سبوتنيك) ليُمثّل تحدياً خطيراً لإمكانات أمريكا العلمية والتقنية، وارتجت أرجاء أمريكا مرةً أخرى في منتصف الثمانينات عندما شعرت بتدهور (التعليم) في مجالي (الرياضيات) و(العلوم) لتشرع في برنامج شامل كامل شعاره (أمة في خطر) لتوظّف في هذا البرنامج خيرة العقول، وأقدر الكفاءات، وأفضل الإمكانات.من هذا المنطلق تكون المسؤولية الملقاة على عاتق الوزير الجديد الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد هي الأضخم في دلالاتها، والأشدّ في تفاصيلها، والأعقد في متطلّباتها؛ ففي نهاية المطاف لا يمكن أن يختلف عاقلان حول أن (التعليم) هو الذي يؤسّس لعلمائنا وأطبائنا وجامعاتنا وقضاتنا ومهندسينا ولفئات المجتمع وشرائحه المختلفة، والباحث الجاد يُدرك أن أيّ خلل يُصيب المجتمع هو في الأساس خلل في (التعليم)، وخلل في (الثقافة)، ولا يخفى على لبيب درجة التفاعل القوي بين (التأسيس الثقافي) الصحيح، و(برامج التعليم) الفاعلة.أعان الله أهل التعليم وقياداته، ولكن لن يصلح حال المجتمع دون إصلاح (التعليم)، فـ(مجتمع المعرفة) يضع شروطاً قاسية على الراغبين في الانضمام إليه، وعلى رأسها (الشرط التعليمي) المتمثّل في مخرجات قادرة على تمثّل (روح التنمية)، والتفاعل مع العصر، واستيعاب معطياته، وتطويع إيجابياته، وتقليص سلبياته.أما (روح التنمية)، فلكي تركض على مساحات التعليم الواسعة، فإنها تحتاج أوّل ما تحتاج إلى الابتعاد عن طروحات برزت على الساحة، وكثير منها عقيم يكرّر ذاته دون أن ينعكس تنموياً أو إيجابياً على الواقع الحياتي، فراح البعض يتحدث عن ما أسماه (المنهج الخفي)، وراح آخرون يتحدّثون عن (الأدلجة في التعليم)، ولو سألناهم عن التفاصيل والدراسات في ذلك الشأن لغرقوا في إنشائيات لا معنى لها، وهي طروحات فضفاضة تلفظها (روح التنمية) التي تُدرك أن منشأ مثل تلك الطروحات هو (فراغ تعليمي) وعدم فهم لخصائص التنمية؛ ولو انشغل الجميع بالبرامج الفاعلة في السعي لغرس (روح التنمية) في المختبرات والمكتبات وتطوير المهارات والأنشطة اللاصفية والمراجعات الموضوعية في التطوير والتقويم لما كان لدى أحد ما يكفي من الوقت للدخول في مساجلات تستفزّ الكثيرين، ولا تُفلح في تأسيس (رؤى تنموية - علمية) نحن في أمسّ الحاجة لها.(استراتيجية التعليم) المفقودة حتى تاريخه تحتاج إلى (رؤية تنموية) تجتاح خلايا المجتمع في خطاب متكامل يتعامل مع مقتضيات التنمية وعلوم العصر وأخلاقيات العمل ومقوّمات الإنتاج، وينبض بعبق الهوية الراسخة في دين الاعتدال والوسطية والحرص على الأخذ بأسباب القوة، وهو خطاب ينأى عن استفزاز المجتمع فيحتضن شرائحه وأطيافه عبر بلورة حقيقة التحديات المعاصرة، وتأمين الاستجابة المناسبة، فيتواءم مع روح المجتمع المحافظة، ويتفاعل مع روح العصر المتوثّبة، دون الخوض في متاهات مصطلحات مضطربة، ومفاهيم جارحة، لا علاقة لها بالتنمية سوى توهمات وأوهام يُكرّسها البعض عن جهل وحسن نية، أو عن ترصّد وسابق إصرار.(استراتيجية التعليم) المفقودة حتى تاريخه ليست في حاجة لتجديد ذلك الجدل العقيم حول (لغة التدريس) في العلوم الحديثة، فالأمم لا تُفلح دون أن يكون تفكيرها وتعليمها وتفاعلاتها وثقافتها بلغتها الأم، وأما ما يدفع به البعض بعجز طلابنا عن التحدّث باللغة الإنجليزية لأنها لم تُعط حقّها فمردود عليه لأن طلابنا أيضا لا يُتقنون اللغة العربية بالرغم من أنها لغة التدريس طوال مراحلهم ليتضح أن الفشل يكمن في تنفيذ (برامج التعليم) ذاتها وتطوير المهارات والآليات؛ فغاب التركيز على (جودة التعليم)، وحلّت محلّه شكليات باهتة، وتجارب متضاربة، لم تفقه طبيعة الإشكال، ولم تستوعب حقيقة التحدي.هموم (التعليم) كثيرة كتبتُ وكتب غيري الكثير عنها على مدى سنين طويلة، ولعلنا قد بلغنا تلك المرحلة التي استوت فيها برامج التعليم على الجودي لتتضح الرؤية، وتنضج التجربة، فنُفلح في فترة وجيزة في وضع أسس استراتيجية ناجعة، ولنلج سريعاً إلى مرحلة التنفيذ والمحاسبة والتقويم، ولذا مرة أخرى أقول: (أعان الله أهل التعليم وقياداته فبين أيديهم تقبع اليوم «قضية الوطن»، وأناملهم تحرّك اليوم «مؤشّرات المستقبل»).
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس