صحيفة اليوم: الأربعاء 1430-03-07هـ العدد:13046
سمو وزير التربيـة.. الأمل الجـديد
د. علي عبدالعزيز العبدالقادر
أحيي صاحب السمو الأمير فيصل وزير التربية والتعليم ، وأهنئه بالثقة الملكية الكريمة ، وأدعوه تعالى أن يعينه ونائبيه على تحقيق الآمال والأهداف ، وأن ينتقل بهذه الوزارة من طور الجمود الى طور التغيير والتطوير والتحديث ، لكل جوانب العملية التعليمية والتربوية ، وما تتطلبه من رؤية متعمقة لمتطلبات السنوات المقبلة، والتحديات التي تواجه وطننا العزيز في حاضره ومستقبله. ولا شك في أن سموكم ومعالي نائبيكم للبنين والبنات تدركون الحاجة المتزايدة الى تطوير مناهجنا في التعليم العام بما تقتضيه استراتيجية تنمية الموارد البشرية وإعداد أجيال الوطن لتلبية سوق العمل ، وتربية الوجدان السليم لديهم ، وتنمية قدراتهم العقلية وميولهم المهنية ، واتجاهاتهم الفكرية الإيجابية نحو الوطن وقيمه الأخلاقية والدينية، وتربيتهم على تطبيق أنظمته وقوانينه والمحافظة على مقدراته ، وتعزيز قيم الصدق والأمانة والعدل والإخلاص في العمل في نفوسهم ، وترسيخ مبدأ التسامح واحترام الحقوق والواجبات، ولا يتحقق ذلك في رأيي الا من خلال آلية التربية والتعليم ، بكل جوانبها العلمية والتطبيقية وبرامجها التربوية والتثقيفية المتطورة.وأرى أن من أهم متطلباتها :ـ المعلم الكفء المدرب تدريبا يسمو بأخلاقه ويصقل مواهبه وقدراته ، وتطوير طرق التدريس التي ينبغي أن تتمحور حول الطالب ليكون قادرا على التعلم والبحث عن المعلومات منذ رياض الأطفال حتى التعليم الثانوي ، وذلك بالتحول من طرق التدريس التقليدية المبنية على التلقي والحفظ والاسترجاع فحسب ، الى الطرق التي تحفز الطالب على البحث عن المعلومة وتطبيقها وتطويرها ، وتعزز فيه الاعتماد على الذات والثقة بالنفس ، وتنهض بميوله المهنية ومواهبه الكامنة، وتنمي فيه حب العمل والانتاج والإتقان منذ مرحلة الروضة . ـ تطوير برنامج الإرشاد التعليمي والنفسي والاجتماعي للطلبة واختيار المعلمين الأكفاء المتميزين بالحكمة وتدريبهم للقيام بهذا البرنامج لمساعدة الطلبة على تعديل سلوكياتهم في جميع مراحل التعليم ، وإرشادهم للتغلب على معوقات تحصيلهم الدراسي . ـ ولكي تتم عملية تنمية الميول المهنية لدى الطلبة والكشف عن مواهبهم وتنميتها في وقت مبكر، فإن ذلك يتطلب إنشاء ورش في المدارس منذ مرحلة الطفولة المبكرة حتى نهاية التعليم الثانوي، تتوافر فيها تجهيزات وأدوات ومواد لأنواع من المهن والتقنيات والتخصصات السائدة في المجتمع المحلي، على أن تتناسب مع مرحلة نمو الطالب، ولقد شاهدت مثل هذه الورش في رياض الأطفال والمدارس الأمريكية التي التحق بها أبنائي حين دراستي العليا ، كما أن شركة أرامكو السعودية وفرتها في المدارس الابتدائية والمتوسطة التي بنتها في السبعينات والثمانينات الهجرية ، وأثمرت عن فوائد تربوية عديدة ، منها تنمية الميول المهنية والثقة في النفس والاعتماد على الذات وحب المدرسة والإقبال على الدراسة ، حيث يختار الطالب ممارسة ما يرغب بتلقائية حرة تحت اشراف المعلم الذي يتم تدريبه تدريبا مناسبا للإشراف عليها، كما أن جمعيات النشاط المدرسي التي أهمل شأنها في السنوات الأخيرة تعتبر من أهم العمليات التربوية في بناء شخصية الطالب وصقل مواهبه وتنمية قدراته وتعزيز فهمه للمقرارت الدراسية ـ وأتساءل لماذا يكره الطالب المدرسة وربما يكره المعلم ؟؟ ، ولماذا تتنامي الاتجاهات العدوانية لدى بعض الطلبة ضد بعض المدرسين والمسئولين في بعض المدارس وضد بعضهم البعض ؟؟ تساؤلات تطرح نفسها على مائدة التربية والتعليم ، ولكنها تعكس حقيقة مرة يا صاحب السمو لا ينبغي التغاضي عنها ، بل الأجدر أن تكون الإجابة عنها بشفافية تربوية وشجاعة موضوعية من قبل الهيئات التعليمية، ومن خلال البحث الجاد عن الأسباب والتي منها في رأيي افتقار مدارسنا الى البرامج التربوية المشوقة، وما يسود مدارسنا من رهبة وخوف وتوجس، كما تفتقر الى الأجواء الاجتماعية الرحبة التي تتميز بالعلاقات التربوية والاجتماعية والإنسانية المتوازنة التي تحترم فيها كرامة الإنسان صغيرا أو كبيرا ، وتراعي مشاعره دون تهديد او وعيد أو إذلال نفسي او جسدي ، حيث يشعر فيها الفرد سواء أكان معلما أم طالبا بالطمأنينة والانسجام النفسي والاجتماعي ، كما تتطلب وضع الحلول الإيجابية العملية التي تجعل مدارسنا مهوى القلوب . ـ وأن يكون المعلم محل تكريم وتقدير من جميع رؤسائه وطلابه ، ولا يتأتى ذلك الا إذا تميز المعلم بالحكمة وحسن التصرف وارتقى بمستواه العلمي والأخلاقي وبحسن تعامله مع زملائه ورؤسائه ، ومع تلاميذه في حدود تربوية ونفسية واجتماعية متوازنة بعيدة عن القسوة والعنف أو التبذل والاستهتار ، وهذا يتطلب من الوزارة تنفيذ برامج تدريبية مكثفة للإداريين والمعلمين في جميع مدارس البنين والبنات، ووضع قواعد وضوابط ومعايير أخلاقية ومهنية لاختيار المعلمين وتقييم أدائهم ومسلكهم .. وفقكم الله يا صـاحب السمو والعاملين معكم ، وإلى شأن تربوي آخر إن شاء الله تعالى .