الحكمة أخواني ان الله عزوجل مزج حياة الإنسان بين الخيرو الشر , ليس فقط كعصى تهديد وتنبيه , بل هنالك حكم أخرى, يشترك فيها كل الناس مع الأنبياء ..
أولا :
الله عزوجل خلقنا عبيدا له , أليس كذلك ؟؟
المطلوب منا أن نضع هذه الآية موضع التطبيق , نمارس عبودتينا له بالسلوك والإختيار ,
نحن خلقنا عبيد , في الخلقة أصلا , والمطلوب ان نصبح عبيدا بالإختيار , بسلوكنا الإختياري ,
والعبودية الإختيارية كيف تتحقق ؟؟
بشيئين اثنين : الصبر والشكر
الصبر عند النقمة , والشكر عند النعمة
فإن قلت أنني سأعبد الله بناحية الشكر فقط , فأنت كمن يريد أن يمشي بسيارته بعجلة واحدة ,
أنت يا رب أعطني وأنا أعبدك وأشكرك ...؟؟
لا .. أنت يجب أن تطير إلى الله عزوجل بجناحين اثنين , جناح الشكر , وجناح الصبر
وعندما نتكلم عن الشكر لا نقصد به الشكر والحمد باللسان , الشكر هو أن تستعمل النعمة التي أسداها الله إليك فيما طلبه الله منك ..
أما الصبر ..
إذا صبرت عند الإمتحان , وشكرت عند العطاء فقط أعلنت عن عبوديتك الحقيقية لله سبحانه ,
إذا ما المناخ التي يتحقق فيه الصبر ؟؟
هل هو مناخ الصحة والعافية والنعم ..؟؟
المناخ الذي يتحقق فيه الصبر هو المرض والإبتلاء والفقر ووو.........
لا يمكن أن تكون صابرا وأنت تسبح في بحور النعم ؟؟؟ تصبر على ماذا إذا ..؟؟
لا بد أن يكون هناك مناخ للصبر ..
وهذه هي الحكمة التي تجعل العا رفين والربانيين والرسل يبتلون ويعانون ..
وكأن المولى سبحانه يقول لنا :
انظروا إلى خاصة عبادي , لم أبعدهم عن سنتي وقانوني , ابتليتهم كما ابتليكم , كي تفوح رائحة العبودية في سلوكهم ...
والله سبحانه وتعالى قص علينا قصصهم , لتكون لنا عبرة وعظة...
قصة سيدنا يوسف , سيدنا يعقوب ,
ماذا رأينا نحن من بلاء كما رأى سيدنا يوسف وسيدنا يعقوب عليهما السلام ؟؟
عندما نجد أن سيدنا يعقوب ابيضت عيناه من الحزن , أفقده المصاب والبلاء نور عينيه , هل نشك انه محبوب عند الله عزوجل ؟؟
لا أبدا
أصحاب العاهات والمصائب , تنظرون إليهم , تقولون : أليس الله رحيم وعادل بين عباده , طيب كيف نفهم عدالة الله عزوجل مع هذا الذي تراه اعيننا , إنسان يعاني , إنسان معاق , إنسان فقير جدا ..
الله سبحانه وتعالى عادل وحكيم ..جل شأنه
عندما ننظر إلى المبتلين , فإننا نحكم عليهم بالشقاء بناء على ما تبصره أعيننا , لا بناءٍ على ما تبطنه قلوبهم ..!!
عندما أرى إنسان فأراه يخطف الأرض بسيارته فأقول : كم هو سعيد ومحظوظ , أحكم له بالسعادة من خلال عيني ...
وعندما أعود إنسانا مريضا مقعدا , أحكم عليه بالشقاء ..
لا حكمي الاول صحيح , ولا حكمي الثاني صحيح , لأني احكم على ظواهرهم ..
سعادة الإنسان تتجلى في مشاعره , لا في الصبغة الظاهرة عليه ..
هناك كثير من الناس يتمرغون في النعيم , لكنهم لا يستطيعون نوم الليل ....
المسألة ليست متعلقة بالظاهر ...
وهناك اناس مبتلون , ووالله عندما نرى أحدهم ينسينا منظره آلامنا ..
القلوب بيد الله سبحانه , لا بيد المال ولا بيد العافية ...
قلنا اخواني أن القلوب بيد الله عزوجل , يقلبها كيف ما يشاء , القلوب ليست بيد المال ولا بيد الغنى ولا بيد العافية ..
كم من إنسان يبتليه الله عزوجل , فيلتجأ إلى الله ويقبل عليه فيغدق المولى سبحانه السعادة والسرور على قلبه ..
ونحن نستثني بذلك الناس التائهين عن الله ..
نتحدث الآن عمن عرف الله عزوجل ..
إنسان أقعده المرض 23 سنة , لا يتحرك , إن أردت أن تأخذ الفرح من عينيه ومن أشعة السرور النابعة من قلبه , فاذهب إليه ..
أراد أحدهم أن يعزيه في حاله ويخفف عنه فقال : عمر الدنيا قصير , غدا نتنعم في الجنة إن شاءا لله
فقال هذا المريض : ماذا ينقصنا الآن ؟؟ نحن الآن في الجنة , نحن الآن في النعيم , لا ينقصنا سوى رؤية المولى سبحانه .....
سبحان من يتجلى على القلوب فيجعلها مسرورة ..
لماذا لم يجعل الله عزوجل الناس سواسية في المال ؟؟؟
الرحمة هي الأساس ..
نسأل الله عزوجل أن يجعلنا من عبيد إحسانه لا من عبيد إمتحانه
نحن اخواني لا نحب الإمتحانات , ولا نطلبها أبدا أبدا , ونعوذ بالله من الإبتلاءات , لاننا لا نقدر عليها ولا نصبر عليها , ولنا في رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم اسوة حسنى عندما قال في دعائه : (( ولكن عافيتك أوسع لي ))
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين .....