د. بنتن: الدولة لم تخسر ريالاً واحدًا في الصناديق المكسرة
المدينة - جدة
شخص الدكتور محمد بنتن «رئيس البريد السعودي» واقع الخدمة البريدية في المملكة في أول يوم داوم فيه في المكتب بالواقع المزري والمحزن، بعد أن وجد أن هناك نحو 10 آلاف موظف بريدي معظمهم محبط ويعاني من مشكلات وظيفية سيئة. وقال الدكتور بنتن إن الهم الذي واجهه في بداية عمله في البريد هو «هل أستطيع أن أوصل رسالة إلى عنوان المرسل إليه في مقر إقامته أم لا؟»، لافتا إلى أن هذا التساؤل كان هو التحدي الأكبر الذي عليه أن يخوضه أمام كم هائل من الموظفين جميعهم يرون أنهم «موظفو دولة ولا يعنيهم العميل شيئا».
وبيَّن رئيس البريد السعودي أمام جمع من المثقفين والأدباء والإعلاميين في جدة أمس الأول «الجمعة»، أن أول خطوة بدأها في العمل في البريد هي إبعاد الموظفين المحبطين عن مواجهة العميل، إلى جانب تغيير ثقافة التعامل مع المستفيدين من الخدمة بأنهم «عملاء» وليسوا مراجعين. وأشار إلى أن ذلك تطلب منهم الشيء الكثير من تكثيف الدورات لتغيير ثقافة متغلغلة من عدة عقود في البريد السعودي.
وأوضح الدكتور بنتن أن من أهم العقبات التي واجهتهم في المؤسسة في بداية عملها قبل نحو أربع سنوات هي عدم وجود عنوان بريدي «العنوان إما صندوق بريد أو بواسطة الشرح المطول للموقع»، وأنهم بدأوا في البحث عن عنوان بريد واضح يسهل الوصول إليه ويستطيع الكل كتابته في عدة لغات، والأهم أن يكون متواكبا مع آلات الفرز الحديثة التي جلبتها مؤسسة البريد بحيث تستطيع الآلات فرزه سريعا.
وأضاف رئيس البريد أن العنوان البريدي في كل دول العالم جزء من هوية المواطن وهو موجود في هوية أي مواطن، فضلا عن أن بعض الدول قد تعتبر عدم صحة العنوان للمواطن جريمة كبيرة، موضحا أنهم وجدوا أن أسماءً كثير من الشوارع طويلة جدا وتختلف حروف ترجمتها وبالتالي فإن عملية فرزها آليا ستكون صعبة، وأنهم اختاروا الأرقام الحالية للعناوين لتكون سهلة على الجميع ومن كافة الجنسيات.
وأشار بهذا الخصوص رئيس البريد إلى جوائز عالمية حازتها مؤسسة البريد السعودي على مشروع العنونة البريدية، وتم تسجيله كبراءة اختراع ولا يحق لأحد من أي دولة أخذ الفكرة لأنه حكر على البريد السعودي، مؤكدا أمام الحضور في أكثر من مرة أن الدولة لم تخسر ريالا واحدا على الصناديق بالبيوت، بل هو استثمار مستقبلي يتم تحصيله لاحقا، ولم يتم دفع ريال واحد على هذه الصناديق.
واعتبر الدكتور بنتن صندوق «واصل» الموجود على البيوت، بأنه جزء من مشروع العنونة وهو لا يعني كل مشروع العنوان البريدي بل جزءا منه، “وللأسف الناس يظنون أن البريد فقط بهذا الصندوق متناسين العنوان الأهم”، مشيرا إلى أنهم وضعوا الصندوق لإشعار الناس بأن لكل منزل ومنشأة حكومية عنوانا بريديا “كنا نريد إعلام الناس بالعنوان الجديد”.
وأكد رئيس البريد أن الحصول على عنوان بريدي وصندوق «واصل» مجاني لجميع المواطنين والمقيمين، وأن مؤسسة البريد السعودي جهزت بنيتها التحتية وموظفيها لقبول اشتراكات المواطنين والمقيمين.
وتابع الدكتور محمد بنتن أن البريد السعودي واجه متاعب في أول شهور من عمله، من خلال تحديد مصير قطاع النقل البريدي الذي كان يستنزف نحو 50 مليون ريال سنويا، وأنهم في المؤسسة عزموا الأمر على تخصيص قطاع النقل البريدي عبر شركة ناقل التي وفرت على المؤسسة أموالا طائلة كانت تصرف سنويا على النقل البريدي. وحقق قفزات هائلة في العمل، وشركة ناقل تخدم نحو 5 آلاف نقطة توزيع بريدي فضلا عن أكثر من 475 مكتب بريد، إلى جانب أن شركة ناقل تقوم حاليا بتوزيع البضائع وغيرها خلاف الرسائل والطرود، وأن ذلك عائد إلى نجاح إدارة الشركة التي يمتلك البريد السعودي 51 في المائة من أسهمها.
وقال رئيس البريد إنه من الطبيعي أن تواجه المؤسسة انتقادات كبيرة وحملات لأنها خصصت قطاع النقل البريدي وبالتالي تضررت عدة شركات كانت في السابق تستفيد من مبالغ النقل البريدي.
ولم يخلُ اللقاء من الحديث عن الحكومة الإلكترونية، وكذلك التجارة الإلكترونية، وأكد حينها محمد بنتن أن كل مشاريع البريد السعودي تهدف إلى تفعيل الحكومة والتجارة الإلكترونية، وأنه من الصعب اختزال البريد في رسالة خادمة أو رسالة عادية، مشيرا إلى أنهم نجحوا في تطبيقات الحكومة الإلكترونية كتجديد رخصة القيادة واستمارة السيارة، فضلا عن اتفاقية مع المياه لتوصيلها عبر عنوان البريد في المنزل، وكذلك الاتصال على غرف الطوارئ في الأمن وإعطائهم رقم العنوان البريدي، إضافة إلى الهلال الأحمر.
ولفت بنتن إلى أن مؤسسة البريد السعودي، تعرضت لعقبات جمة أثناء تنفيذها الترقيم البريدي بصيغته الحالية، وأن المؤسسة فعلت الكثير «حتى لا تصطدم بالترقيم» مع جهات حكومية أخرى، مشيرا إلى أن المؤسسة اعتمدت على دراسات علمية وخبرات متخصصة وأنظمة الخرائط الرقمية لإطلاق مشروع العنوان البريدي.
وأضاف الدكتور بنتن، أن المؤسسة في طريقها للإعلان عن شركة «شاهر» التي تستهدف البريد الدعائي، وتقديم الخدمات الدعائية عبر تقسيم فئات المجتمع «بحيث تتيح للشركات توجيه رسائلها الإعلانية للفئات المستهدفة مباشرة».. وأشار إلى أن البريد السعودي يتجه إلى تخصيص قطاع التوزيع «بحيث يكون شركة مستقلة تعمل على توزيع البريد والطرود وغيرها»، إضافة إلى تخصيص قطاعات أخرى مثل قطاع البريد الممتاز الذي بات مفصولا عن البريد السعودي حاليا، ويسعى لتقديم الخدمات والتنافس مع شركات النقل السريع.
وخلص الدكتور بنتن في لقائه إلى التأكيد بأن البريد السعودي قادر على تقديم خدمات معلوماتية مهمة للدولة، وذلك من خلال قاعدة بيانات لكل منطقة وحي في المدن الرئيسية، بحيث يتم من خلال هذه المعلومات معرفة احتياجات الحي من خدمات مستقبلية، وأن ذلك يساعد على التخطيط لسليم، مبينا أن ذلك يتم من خلال معرفة العناوين والمستفيدين منها في كل حي.