عرض مشاركة واحدة
قديم 03-09-2009   رقم المشاركة : ( 4 )
صقر قريش
مشرف الأقسام التعليمية

الصورة الرمزية صقر قريش

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2814
تـاريخ التسجيـل : 22-08-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 31,556
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 596
قوة التـرشيــــح : صقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادة


صقر قريش غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الملف الصحفي للتربية والتعليم الاثنين 12/3

الوطن :الاثنين 12-3-1430هـ العدد :3083
الإصلاح القادم من أعلى
فاضل العماني
الآن وقد هدأت قليلاً أصداء التغييرات والتعديلات التي طالت العديد من الوزارات والمؤسسات في خطوة إصلاحية واسعة وجريئة وتُعتبر الأكبر والأهم قام بها رأس السلطة في هذه البلاد العزيزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز منذ توليه الحكم في الأول من أغسطس 2005. ولعل الضجة الشعبية والإعلامية التي رافقت هذه التغييرات تتناسب وحجمها الكبير وإعلانها الصارخ في مثل هذا الوقت بالذات في ظل تنامي حالة من التململ والبطء واجهت المشروع الإصلاحي الكبير الذي يتبناه خادم الحرمين الشريفين والذي يهدف لتطوير مفاصل جسد الدولة بكل تفاصيلها لاسيما الخدماتية والتي لها تماس مباشر مع الإنسان السعودي الذي يُعتبر الاستثمار المستهدف والحقيقي لهذا المشروع الإصلاحي الطموح. ولم تقل الأصداء العربية والعالمية عن مثيلاتها في داخل الوطن, حيث تناقلت وسائل الإعلام المختلفة على امتداد الوطن العربي من المحيط إلى الخليج, إضافة إلى العديد من دول العالم مجمل تلك الإصلاحات بشيء من التفصيل والإطناب, وتلك الأصداء الواسعة دليل واضح على الاهتمام الكبير الذي تلقاه تلك التغييرات باعتبار أن المملكة العربية السعودية تمثل ثقلاً مهماً وتحتل مكانة مرموقة على الصعيد العربي والإسلامي والعالمي.
وتأتي أهمية هذه الخطوة الإصلاحية الكبيرة لأنها شملت العديد من الوزارات والمؤسسات المهمة والحساسة التي طالما كانت مثار جدل واسع في الشارع السعودي بل لا نبالغ إذا قلنا بأنها قد تجاوزت ذلك وأصبحت في كثير من الأحيان عناوين مهمة في الشوارع العربية والعالمية التي تتلقف أخبارنا وهمومنا وتطلعاتنا بشيء من الفضول والرغبة والرصد والدراسة في بعض الأحيان, وبأشياء كثيرة من الترصد والتصيد في كثير من الأحيان.لقد شملت هذه التغييرات والتعديلات مواقع مهمة ومثيرة كوزارة التربية والتعليم والعدل والصحة والإعلام والثقافة ومجلس الشورى ومرفق القضاء والمحكمة العليا والمؤسسة الدينية ممثلة بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهيئة حقوق الإنسان ومؤسسة النقد العربي السعودي,كما طالت التغييرات أيضاً المؤسسة العسكرية.كذلك شهدت صعوداً فريداً وملفتاً للمرأة السعودية لم يسبق له مثيل منذ نشأت الدولة السعودية الحديثة حيث عينت أول امرأة سعودية في منصب نائب وزير التربية والتعليم لشؤون البنات, وهي المرة الأولى التي تشغل فيها امرأة سعودية منصباً عالياً في الحكومة السعودية.
ما حدث مؤخراً في المملكة العربية السعودية يُعتبر بكل المقاييس قفزة طويلة للأمام وحراكاً حقيقياً للتطور والتنمية في سياق المشروع الإصلاحي الطموح الذي يقف خلفه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. وبنظرة سريعة ومختصرة لمجمل تلك التغييرات والتعديلات نتلمس ثمة رؤية جديدة وطموحة تحاول الخروج من نفق البيروقراطية والبرجماتية والمحسوبية والقبلية والمناطقية والمذهبية وباقي السلسلة المقيتة لمصطلحات الانكفاء والانزواء والتخلف. رؤية نافذة يقودها الرجل الأول في البلاد بكل ما يحمله من رغبة صادقة ونية خالصة وعزيمة حقيقية تهدف لإشاعة وترسيخ الحرية والمساواة والتسامح والحقوق والواجبات والكرامة والإنجاز وهي مفاتيح سحرية رغم بساطتها للنهوض بهذا الوطن الغالي إلى فضاءات التقدم والازدهار. التعليم والصحة والعدل والقضاء والهيئة الدينية والاقتصادية تمثل الشرايين النابضة للمجتمعات السليمة,لكنها تحتاج بين كل فترة وأخرى لدماء جديدة تُعيد لها الحياة من جديد بعد أن أفقدها الزمن والروتين والبقاء والتكرار القدرة على الحركة والنشاط والفاعلية. حتى المرأة السعودية ذلك الكائن القادم من كوكب آخر ـ في ثقافتنا طبعاً ـ اقتطعت لها شيئاً بسيطاً من كعكة التغيير والإصلاح,فبعد معاناة طويلة من التهميش والإقصاء والريبة وعدم الثقة هاهي تضع قدمها قوية راسخة في بداية الطريق نحو الاعتراف والقبول والثقة والمساواة.حتى بعض القادمين الجدد شكلوا لأول وهلة صدمة لم نعتدها, فالأمير فيصل بن عبد الله بن محمد آل سعود القادم من مؤسسة عسكرية يتسلم وزارة التربية والتعليم في دلالة واضحة على إحلال مفاهيم جديدة على حقل التربية والتعليم كالانضباط والاهتمام بأدق التفاصيل والمراقبة والجدية والصرامة, وتلك مفاهيم وأسس تحتاجها الوزارة التي يشغلها أكثر من نصف مليون معلم ومعلمة, ويقصدها كل صباح أكثر من 5 ملايين طالب وطالبة, وترتبط بشكل أو بآخر مع كل أفراد المجتمع السعودي بمواطنيه ومقيميه. وينطبق الأمر نفسه على نواب الوزير القادمين أيضاً من خارج الوزارة. تنتظر الوزير الجديد تحديات جسيمة أبرزها المشروع التطويري للتعليم الذي أطلقه خادم الحرمين الشريفين قبل سنتين دون أن تتضح معالمه حتى الآن, وقضية حقوق المعلمين والمعلمات التي وصلت إلى ديوان المظالم الذي طاله التغيير أيضاً, وتحسين المستويات لأكثر من 200 ألف معلم ومعلمة, ومعلمي الصفوف الأولية, وإعادة الهيبة للمعلم والمعلمة, ومشاكل النقل, وحوادث الطرق البعيدة والنائية للمعلمات, والعديد العديد من الملفات الساخنة التي تنتظر الحل والتنفيذ بعد سنوات طويلة من الدراسة والإحالة إلى لجان تتبعها لجان ولجان. كان الله في عونك أيها الأمير.
وفي الجانب الآخر يتسلم الدكتور عبد الله الربيعة بكل تاريخه المشرق والحافل بفصل السياميين حقيبة الصحة ليجد على طاولته الكبيرة أكواماً وأكواماً من الملفات الشائكة والعالقة قد تحجبه عن مشاهدة مراجعيه الكثر, تنتظر الجراح العالمي قرارات وأولويات بحاجة ضرورية إلى "فصل" وحسم كالتأمين الصحي لموظفي الدولة, وهروب الأطباء السعوديين من المستشفيات الحكومية باتجاه أقرب مستشفى خاص,والترهل الكبير وبروز التجاعيد الكثيرة في هذه الوزارة المثيرة للجدل. فهل ينجح عراب فصل السياميين في النهوض والارتقاء بهذا المرفق الحيوي؟ وهل ينجح الرئيس الجديد لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ عبد العزيز الحمين في إعادة الثقة لهذه المؤسسة الدينية التي يجتاحها النقد والتجريح والتشكيك والتطاول من مختلف أطياف مكونات المجتمع السعودي؟ وهل ينجح المحافظ الجديد لمؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور محمد الجاسر في طمأنة الإنسان البسيط قبل الغني ويُعيد البسمة والحياة لسوق المال بعد هذا النزف الطويل من أموال وصحة ونفسية المواطن على هذه الأرض الثرية؟ هل تستطيع نورة الفايز بسجلها الحافل بالإنجازات والتحديات أن تُثبت للمرأة قبل الرجل بأن الفتاة السعودية لا تختلف عن مثيلاتها خارج أسوار الوطن, بل هي قادرة على قهر الصعاب وتحمل المسؤولية.
نعم لقد حدثت التغييرات والتعديلات بكل تباشيرها السعيدة والمتفائلة, والكل ينتظر الآن الاستحقاقات رغم أن الأمر بحاجة إلى بعض الوقت والصبر تضاف إلى مسيرة الوقت والصبر الماضية, فنحن لا نعيش في عصر المعجزات ـ رغم أن المعجزات والإنجازات تنتشر وتتمدد من حولنا ـ والتحولات الصاروخية. لنعط هؤلاء القادمين الجدد الفرصة كاملة لتحقيق ما نصبو إليه وهو كبير جداً, كبير بحجم كل الآمال والأمنيات والتطلعات والطموحات التي تداعب طفلة من القطيف تحلم بالذهاب منذ الصباح الباكر إلى مدرسة حكومية نموذجية بها كل ما تتمنى من تجهيزات وإمكانات تماماً كما هو الحال في مدارس الدول المتقدمة التي نفوقها نحن حضارة وتاريخاً وثراءً, ومريض في الجوف يحتاج إلى أشهر للحصول على أشعة الرنين المغناطيسي رغم أن وضعه حرج ولا يتحمل الانتظار كل تلك الأشهر, ومذيع لامع في التلفزيون السعودي يفكر في اليوم والليلة ألف مرة بالهروب إلى إحدى القنوات الفضائية الخاصة بحثاً عن التقدير والشهرة والثراء وهي مفردات لا وجود لها في قاموس الإعلام المرئي المحلي, فقد أسر لي ـ رغم أن الأمر لم يعد سراً ـ بأنه يتقاضى 14ألف ريال سعودي بعد أكثر من ربع قرن في التلفزيون السعودي بينما زميل جديد للتو تخرج من الجامعة أشرف على تدريبه يتقاضى ألان أكثر من 75 ألف ريال إضافة إلى العديد من الامتيازات في إحدى القنوات الفضائية الخاصة, ومعلمة من القصيم تقطع يومياً 300 كيلو متر ذهاباً و300 كيلو متر إياباً لكي تعود ـ وقد لا تعود ـ لأطفالها ومنزلها في معاناة يومية تطال عشرات الآلاف من المعلمات البائسات,وآخر في الدوادمي مازال يراجع المحكمة منذ عدة سنوات دون أن تُحل قضيته, والقصص الحزينة تملأ كتاب الوطن من الجلدة إلى الجلدة.
مرحباً بالتغيير الذي يسعى إلى إصلاح, وبالتبديل الذي يُحرك المياه والعقول الراكدة. ما أجملها من ثقافة, وما أروعه من مبدأ.
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس