[صقر قريش]

عاهل السعودية يقر ضوابط لوقف "بزنس الديات"
وليد محمود
الملك عبد الله بن عبد العزيزالرياض- أقر العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز أمس الجمعة مجموعة من الضوابط لتنظيم عملية جمع المبالغ المالية للعفو عن القصاص أو ما يعرف بـ"الدية".
جاءت هذه الضوابط لمواجهة ظاهرة المبالغة في قيمة الديات التي يطلبها "ذوو الدم" مقابل التنازل عن حق القصاص، والتي وصلت الآن إلى ملايين الريالات، فيما يصفه مفكرون بـ"بزنس الديات".
من بين تلك الضوابط منع القاتل أو ذويه من استخدام أي وسيلة إعلامية أو إقامة مخيمات واستخدام لوحات إعلانية لجمع التبرعات من أجل دفعها لورثة القتيل.
وشهدت السعودية فى الآونة الأخير ارتفاعا شديدا فى مبالغ الدية، إذ وصلت في بعض الأحيان إلى 20 مليون ريال (5.3 ملايين دولار)، وهو ما دفع العاهل السعودي إلى تشكيل لجنة لدراسة ظاهرة المبالغة في الصلح في قضايا القتل بشكل عام، ووضع حلول لمعالجتها.
طالع أيضا:

• السعودية.. بزنس الديات لكسب المليارات

وشكلت هذه اللجنة من وزارات الداخلية والعدل والشئون الإسلامية والمالية والشئون الاجتماعية والثقافة والإعلام ومؤسسة النقد العربي السعودي ورئاسة الاستخبارات العامة.
وأوصت اللجنة بإنشاء لجان إصلاح "ذات البين" في جميع إمارات مناطق المملكة، أسوة بما هو كائن في منطقتي الرياض ومكة المكرمة، على أن يكون مقرها إمارة المنطقة، كذلك أوصت بإنشاء لجان في المحافظات عند الحاجة للإشراف على تنظيم اجتماعات لممثلي ذوي الشأن في التفاوض أو الصلح.

"بزنس الديات"

وانتقد مفكرون سعوديون في تصريحات لـ"إسلام أون لاين.نت" في وقت سابق ما وصفوه بظاهرة "مزادات الدم"، مطالبين الدولة ومؤسساتها بالتدخل لوضع حد لتلك الظاهرة.
وقال الدكتور صالح بن علي أبو عرَّاد، أستاذ التربية الإسلامية المساعد بكلية المعلمين في أبها، إن الأصل في القواعد الشرعية هو تفضيل العفو وتقديمه على القصاص.
وشدد د. أبو عراد على أن المغالاة في الديات أصبحت من الأعراف والعادات التي ألفها الناس، مؤكدا أن موقف الإسلام واضح من العادات والتقاليد، خاصة تلك المتوارثة والمنتشرة في أماكن وبيئات معينة.
وأضاف: "هناك من يبالغون في دفع المبالغ المالية الطائلة في ساحات القصاص، وهناك من يحولها إلى مزاداتٍ علنيةٍ يصح أن نسميها بمزادات الدم التي بالغ البعض فيها حتى لم تعد تقبلها النفوس ولا ترضاها العقول".
وشدد على ضرورة اهتمام الحكومة، خاصة وزارة الداخلية ومجلس الشورى، بهذا الشأن الاجتماعي الذي يحتاج إلى ضبط رسمي وتدخل قوي من الدولة، حسب قوله.

100 ألف ريال

ويحدد القانون السعودي الدية في حالة القتل الخطأ بـ100 ألف ريال (26.5 ألف دولار)، أما في حالة القتل العمد فالعقوبة هي الإعدام قصاصا أو الدية إن اختارها ولي الدم، وفي هذه الحالة يكون تحديد مقدارها باتفاق الطرفين (ذوي القاتل والقتيل).
وبعد أن يقرر ولي الدم العفو عن الجاني يتجه للمحكمة التابع لها لتصديق اعترافه، وحينها إما أن يحدد شروطا لهذا الاعتراف، كطلب دية يحدد مقدارها وموعدها، وفي الغالب يعطي فرصة ذوي الجاني عدة شهور لجمع المبلغ، ويتم تحديد الموعد في محضر التصديق، وإما أن يطلب من الجاني مغادرة المنطقة التي يسكن فيها، وقد يكون العفو لوجه الله دون قيد أو شرط.
وقبل 7 سنوات صدر أمر ملكي اعتبر المبلغ الذي يتجاوز 500 ألف ريال (133 ألف دولار) في مقابل العفو عن القصاص مبالغا فيه، إلا أن مبالغ الدية في الآونة الأخيرة تجاوزت هذا المبلغ بكثير.
ولا يكاد يمر أسبوع إلا وتظهر في الصحف السعودية عناوين من قبيل "5 ملايين ريال تنقذ فلانا من حد القصاص"، "الأهالي يجمعون 6 ملايين ريال لإنقاذ رقبة فلان"، و"نناشد أهل الخير المساعدة في إنقاذ رقبة فلان".
ومعروف أن الدية في الشريعة الإسلامية هي المال الذي يدفع بدل النفس المقتولة لذوي القتيل حتى يسقط القصاص عن الجاني، وقد أقرها الشرع استنادا لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ } (البقرة: 178).
وبشكل عام ارتفع عدد أحكام الإعدام المنفذة خلال العامين الأخيرين كثيرا في السعودية، حيث بلغت في عام 2007 حوالى 158 حكما، فيما أعدم 71 شخصا حتى نهاية أغسطس 2008، في الوقت الذي قدرت فيه وكالة الأنباء الفرنسية عدد من تم إعدامهم حتى 14-9-2008 بـ77 شخصا.