رد: الملف الصحفي للتربية والتعليم السبت 17/3
الوطن :السبت 17-3-1430هـ العدد :3088
حقوق الطفل بين مقتنع ومشكك
مازن عبد الرزاق بليله
كتبت ابنتي (أريج) سلسلة من الكتب حول حقوق الطفل في المجتمع، ودهشت من قدرة الفتيات على التعبير عن تطلعات وطموحات الأطفال بصورة حنونة، ومبدعة، وجديدة، وقريبة إلى عقل وتفكير وإحساس الأطفال، وحقيقة لم أكن أعلم بكثير من هذه الحقوق حتى راجعت السلسلة، المكونة من 15 قصة، طبعت منها وزارة الإعلام مشكورة 10 قصص، وكل الحقوق المذكورة في كل قصة، مستندة على آيات قرانية، ومستندة على نص من ميثاق حقوق الطفل، من اليونيسيف وهيئة الأمم المتحدة، وموقعة من حكومة المملكة، وأذكر من مواضيع القصص: قصة بعنوان (أفكاري الصغيرة): وفكرتها تدور حول حق الطفل أن يكون له أفكاره الخاصة وأن يعبر عنها بكل حرية، ومن حقه أن يجد من الكبار من يستمع لأفكاره ويقومها، وهو مفهوم نفتقده، في المدارس، وفي كل نظم التعليم التقليدية، التي تملي على الطالب كيف يفكر، وكيف يسكت، وكيف يكتم أفكاره، وكيف يصبح قالبا منسوخا، أو مسخا، عن طريق الحفظ والتسميع، وعن طريق تقليص مساحة الحوار، وأحيانا للأسف، عن طريق العنف، والضرب، وكلها أساليب تدور حول حرمان الطفل من حرية التفكير . والقصة الثانية بعنوان (الحضن الدافئ)، تصور المنزل بأنه الحضن الدافئ الأول للطفل، تماما مثل عش الطيور، وأن السكن الآمن، حق من حقوق الطفل ليحتضنه، ويعيش فيه، وتتطرق في تصويرها لأطفال الشوارع، وأطفال فقدوا بيوتهم، في الحروب، والكوارث، ولم يعودوا يشعروا بالأمان، وكذلك قد يفقد الطفل المنزل، ليس بفقدان المبنى الأسمنتي، ولكن بفقدان السكن الحنون، وفقدان الأمن حتى داخل البيت، عن طريق العنف، والإيذاء، والإهانة، كل ذلك يجعل الطفل يود الهروب من بيت لا يشعر فيه بالأمان، وقد لا يستطيع الهرب، فيهرب من نفسه، ويهرب من مجتمعه، ويهرب من الواقع، فيصبح مريضا بانفصام الشخصية، ليكون بعد ذلك وبالا على أهله، وعلى مجتمعه، فالسكن من السكينة، سكن مبني، وهو حق من حقوق الطفل لإبعاده عن الأخطار الجسدية، وسكن نفسي، وهو حق من حقوق الطفل لإبعاده عن الأخطار المعنوية والفكرية . والقصة الثالثة، بعنوان (زهرة المستقبل)، تصور حق الطفل في الرعاية والتربية وحسن التنشئة الصالحة، فالقصة تصور الطفل ببساطة كالزهرة تحتاج للعناية والرعاية الفائقة، حتى تكبر وتثمر وتصبح ذات عطاء، والقصة كتبت عن طريق لغة يفهمهما الأطفال، من خلال زهرة يعتني هو أو هي فيها ويرعاها حتى لا تموت، وتصوير الطفل بالزهرة لأن هذا حق من حقوقه، تتجلى فيه براءة الأطفال، والروح الشفافة، في أنه مخلوق حساس، بل مرهف الحس، وهو جميل، ومعطر كالزهرة، يعطر حياتنا بالسعادة، ويكسو حياتنا بالجمال، وقد صور القرآن الأطفال والذرية، بالزينة، فهم زينة الحياة الدنيا، وتصويرهم بالأزهار، لأن الأزهار زينة في بيوتنا وزينة في أيدينا، وزينة حولنا، لكن هذه الزينة رقيقة، وحساسة، ومحبوبة، ومن حقها علينا أن نحافظ عليها ونصونها ونرعاها كما نرعى الزهور الجميلة . القصة الرابعة بعنوان (أجمل هدية)، تصور الطفل بأنه أجمل هدية للعالم، أجمل هدية وضعها الله عز وجل بين أيدينا، ومن حق الطفل أن يستقبل كهدية آلهية ثمينة، لا تقدر بثمن، لذلك يستقبل بالبهجة والفرح والسرور، ويعامل كهدية ليست لوالديه فحسب بل لكل المجتمع، ولكل من حوله، فمن يدري من هو، ومن سيكون، وماذا أعطاه الله من مواهب، وماذا وكيف سيخدم المجتمع بها، فكل إنسان معه رزقه، ومعه مقومات الحياة، ومقومات العطاء، ومعه مكامن المواهب، ومن حقه علينا أن نحتفي به، والبراعة في القصة، أنها صورت الطفل كهدية، بأسلوب بسيط، ولكنه مقنع، ولغة سهلة ولكنها ممتنعة، ولا أحد يناقض أن الطفل هدية، لكن سلوكنا في كثير من الأحيان، ينسينا أن ما بين يدينا هدية تستحق التقدير . وقصة (أسعد إنسان)، تتطرق لكل الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وتهدف إلى مناقضة صورة البؤس التي تحاط بالطفل المعاق، وأن أي طفل متى وجد الدعم والحب والتقبل من المجتمع سوف يتخطى كل العقبات ويكون أسعد إنسان، وأخيرا قصة (عالم الألوان)، تصور أن للطفل الحق في أن يعيش وفق مستوى اقتصادي مهم، لنموهم، والألوان تصور الاقتصاد في حياة الأطفال بتوفير الاحتياجات، التي تسعد الطفل، وتجعله يعيش في مستوى كل لون، ومن حق جميع الأطفال أن تلون حياتهم بأجمل الألوان التي يحبونها، وكل أفكار القصص رائدة، وشديدة التعبير عن واقع يلامس أحاسيس الأطفال للعمق، ولا أريد أن أسترسل في وصف وشرح كل شيء، حتى نحفظ عنصر المفاجأة للمهتمين، لكن شكرا لوزارة الثقافة والإعلام، تبني هذا المشروع الرائد، ضمن حملتها لرعاية حقوق الأطفال، ونأمل أن تحقق القصص، والجهود التوعوية، وجهود جمعيات حقوق الإنسان، وكذلك الأنظمة والقوانين التي سوف تشرع لتجريم الاعتداء على الأطفال، ليكون لدينا بيئة خصبة لنمو وازدهار وعطاء زهور المستقبل .
|