خبراء: السيولة قد لا تكفي لإنقاذ الموقف وتحقيق الأهداف
مليارات الحكومة القطرية تفشل في إنعاش السوق والمصارف
دبي – علاء المنشاوي
أكثر من 30%، هي خسائر الأسهم في سوق الدوحة للأوراق المالية منذ مطلع العام الحالي وحتى الاسبوع المنتهي الخميس 19-3-2009، بما في ذلك أسهم القطاع المصرفي، على الرغم من الخطط الحكومية التي ضخت 19.5 مليار ريال لدعم الموقف المالي للبنوك، وإنقاذ السوق.
ويرى خبراء ومحللون أن هذه الخطط لن تؤتي ثمارها بسبب إحجام البنوك، عن إقراض عملائها تحوطاً من نقص السيولة، أو زيادة نسبة التعثر، بالإضافة إلى أن قيام الحكومة بضخ سيولة تقدر بـ 13 مليار ريال، في البنوك لزيادة رؤوس أموالها ودعم ملاءتها المالية، وإنقاذ سوق الدوحة من التراجعات الحادة، لم تحقق هدفها لأن الأسهم تماسكت خلال الربع الأخير من 2008، ثم عادت مرة أخرى مطلع العام الحالي وهوت لأقل من أسعارها قبل إعلان هذا الخبر.(الدولار يعادل 3.64 ريالات).
وفي أعقاب إعلان الحكومة عن شراء محافظ استثمار البنوك في الأسهم المحلية بقيمة 6.5 مليارات ريال، ارتفعت السوق بنسبة 8.85%، في جلسة واحدة، ثم فقدت هذه المكاسب خلال 4 جلسات متتالية.
وفيما يرى محللون أن هذه الخطط "السخية" من جانب الحكومة كانت بحاجة لبعض التعديلات حتى تؤتي ثمارها؛ يرفض البعض التدخل المباشر للحكومة في الأسواق، ويعتقد آخرون أنه بالرغم من ضخ كل هذه السيولة إلا أن المصارف لن تعاود نشاط الإقراض ولن تحقق نمواً في أرباحها كما كان في السابق؛ أو حتى نمواً بنسبة قريبة مما كانت تحققه.
لن تؤتي ثمارها
ويرى مدير عام شركة الشرق الأوسط للخدمات المالية سامر الجاعوني في حديثه لـ "الأسواق.نت" أن الهدف الأساسي من الخطة السخية من حكومة قطر لإنعاش المصارف وسوق الدوحة، لن تؤتي ثمارها على المدى القصير والمشكلة الأساسية هي قدرة المصارف على الإقراض في ظل معاناتها من السيولة.
وأضاف أن قيام الحكومة بضخ 19.5 مليار ريال في المصارف لا يعني انتهاء مشكلة نقص السيولة، لأن الأمر مرتبط بشكل مباشر بمنابع التمويل الدولية، وإذا حاولت البنوك القطرية الاقتراض من المصارف الدولية فإنها لن تقرضها بسهولة بسبب شح السيولة لديها أيضاً، وبالتالي فالمصارف القطرية لا تستطيع في ظل تناقص التمويل من المؤسسات الدولية أن تقرض نفسها بشكل مباشر ولا بد من تدخل الحكومة لحل هذه المشكلة.
تجميل وضعها المالي
ولفت الجاعوني إلى أن الحكومة قررت استخدام جزء من الإحتياطات الكبيرة المتراكمة لديها لعمل توازن نسبي للسوق المحلية، مشيراً إلى أن تدخل الحكومات أمر متعارف عليه في ظل الأزمات لأن مدى قدرة اقتصاديات الدول على التعافي في فترة زمنية قصيرة؛ مرتبط بشكل مباشر بمدى قوة التدخلات الحكومية.
وأوضح الجاعوني في حديثه لـ "الأسواق.نت" أن خطة الحكومة القطرية كانت سخية للغاية مع مصارفها، حيث كانت تهدف إلى إعادة إنعاش عمليات الإقراض من جانب البنوك لعملائها، بالإضافة للتخفيف من خسائرها جراء تراجع قيمة الأسهم الداخلة في محافظها، وتجميل وضعها المالي، تمهيداً لتأهيلها للاقتراض من البنوك الدولية.
وقال الجاعوني "لا أحد يستطيع أن يجزم أن أرباح البنوك مستمرة بنفس نسب النمو الذي حققته خلال 2008، أو حتى بنسب قريبة منها".
وزاد الجاعوني "إن البنوك تأثرت بعدة مشاكل تطلبت تدخل الحكومة، من بينها تراجع قيمة الأصول والعقارات وتعثر الكثير من العملاء عن سداد التزاماتهم، وسحب الودائع من البنوك، ومن الممكن أن لا تكفي هذه الخطط الحكومية لتعزيز قدرة المصارف على مواصلة نشاط الإقراض خلال 2009، عند نفس مستوياته خلال الأعوام السابقة".
مساعدة القطاع البنكي
وقال خبير الأوراق المالية أحمد عبد الحكيم في حديثه لـ "الأسواق.نت" إن خطة الحكومة تهدف بالدرجة الأولى لمساعدة القطاع البنكي، وهذا الأمر بعيد تماماً عن السوق والتداولات، لافتاً إلى أن هذا القرار يهدف لدعم موقف البنوك وتعويض خسائرها الناجمة عن استثماراتها في سوق الدوحة، وبالرغم من الخطة السخية للحكومة إلا أنها لم تقم على ضخ سيولة بشكل مباشر.
وأكد عبد الحكيم أن هذه الخطة تهدف لتحقيق التوازن والاستقرار على المدى البعيد، من خلال توفير سيولة تمكن البنوك من إقراض زبائنها، وتمويل المشروعات والشركات الخاصة وهو ما يصب في مصلحة الاقتصاد الكلي للدولة.
وزاد عبد الحكيم أن الإجراءات الحكومية حتى الآن موفقة وفقاً للأهداف التي اتخذت من أجلها وهي دعم المصارف، مشيراً إلى أن التحدي الحقيقي سيكون بعد الانتهاء من ضخ كافة السيولة التي تم الإعلان عنها للمصارف، خاصة وأنه لم يتم ضخ سوى 5%، من عمليات زيادة رأس المال في بعض البنوك القطرية.
أنا ضد تدخل الحكومات
وأرجع عبد الحكيم في حديثه لـ "الأسواق.نت" تأخر الحكومة في ضخ السيولة لبعض المصارف إلى أنه من الممكن أن يكون الوقت المناسب لاستكمال هذه الخطة بعد الانتهاء من توزيعات الأرباح لاقتناص فرصة تدني الأسعار ومساعدة السوق على الاستقرار.
وقال عبد الحكيم: "أنا ضد تدخل الحكومات المباشر في أسواق المال، ولكن الحكومة القطرية لم تتدخل بشكل مباشر، وإنما قامت بعملية دعم فقط للقطاع المصرفي، وربما تكون قد استفادت السوق أو أسهم القطاع المصرفي من هذه الخطة، إلا أن التدخل المرفوض هو دخول الصناديق السيادية للدولة الأسواق".
ابتعدت كثيراً عن النشاط
وقال مدير شركة بلتون فاينانشال – قطر، احمد مراد في حديثه لـ "الأسواق.نت" لابد أن نفرق بين عمليتي التدخل التي قامت يهما الحكومة القطرية؛ ففي المرة الأولى عندما أعلنت عن زيادة رؤوس أموال عدد من البنوك بنسبة تتراوح بين10 و20%، كان الهدف الأساسي من القرار هو تهدئة المستثمرين واستعادة الثقة التي تأثرات جراء الأزمة المالية العالمية.
وأوضح مراد أن هذا القرار كان من الممكن أن يكون بطريقة مختلفة تفيد البنوك من خلال وضع هذه الأموال كودائع لدى البنوك، بدلاً من ضخها لزيادة رؤوس أموال البنوك، التي ستقلص في النهاية من عائدات المساهمين الحاليين، كما أنها ستساعد جهاز قطر للاستثمار بدلاً من أن تدخل في كل البنوك كمساهم.
وأضاف مراد في حديثه لـ "الأسواق.نت" أن البنوك ابتعدت كثيراً عن النشاط الرئيسي التي أنشئت من أجله وهو توفير التمويل، ودخلت في أنشطة استثمارية بعيدة عن نشاطها رغبة في تحقيق أرباح مرتفعة، مثل الاستثمار في البورصة، والعقارات، وذلك على حساب تمويل المشروعات وتحقيق الأرباح التشغيلية.
وأكد مراد أنه ضد تدخل الحكومة في الأسواق، لافتاً إلى أن قرارات حكومة قطر لا تعد تدخلاً مباشراً في السوق، كما فعلت الكويت، والتاريخ يثبت أن أي تدخل حكومي من هذا النوع سيفشل لا محالة، حيث ستهبط الأسهم مرة أخرى، لأنه في النهاية لا يوجد ما يمنع نزوله إذا كان لا يعتمد على ثقة المستثمرين