انتقد "الهيئة" ومجلس الشورى والداخلية والنظام القضائي
تقرير "جمعية حقوق الانسان" يوجه انتقادات لاذعة للأجهزة الحكومية
خالد علي (سبق) جدة:
أصدرت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان تقريرها السنوي الثاني، تضمن انتقادات لاذعة لعدد من الأجهزة الحكومية من أبرزها هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ووزارة العدل ووزارة الصحة ومجلس الشورى ووزارة الداخلية وهيئة التحقيق والادعاء العام و نظام المرور .
وحول هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أوضحت الجمعية بان الهيئة تتمع بسلطات واسعة تتمثل في الضبط والقبض والتفتيش والتحقيق وهي سلطات غير محددة تحديداً دقيقاً في نظام الهيئة ولائحته ، وقد حدث منها أعمال فيها تعد على حقوق الأفراد ونتج منها تجاوزات ووفيات خلال الفترة التي يغطيها التقرير ووصل الأمر في بعضها الى اقامة دعاوى امام المحاكم على بعض منسوبي الهيئة وصدر في بعضها احكام بعدم الادانة .
و اهتمت وسائل الإعلام بهذه القضايا وعملت على نشرها ومتابعتها وهذا ما دفع مسئولي الهيئة إلى اتهام وسائل الاعلام بتضخيم وإبراز أي قضايا تكون الهيئة طرفاً فيها، وقد أكد للجمعية بعض من تم القبض عليهم من قبل الهيئة أنه يتم نقل المقبوض عليهم إلى مراكز الهيئة , حيث يتم إيقافهم والتحقيق معهم وقد يحصل اعتداء على بعضهم أو انتزاع اعترافات منهم تخالف الحقيقة سواء بالإكراه أو الإغراء والوعد بالستر، ويتم تفتيش أجهزة الجوال ويرفض السماح لهم بالاتصال بذويهم، ويتم سبهم ببعض الألفاظ غير اللائقة ومعاملتهم بقسوة , إضافة لتفتيش الممتلكات الخاصة دون مبرر، والقبض على النساء دوم محرم، والإجبار على التوقيع على محاضر دون قراءتها، واستخدام سيارات خاصة لنقل من يوقف إلى مراكز الهيئة.
وأضاف التقرير :" نتيجة لتكرار تلك الحوادث وما يترتب عليها من أضرار فقد صدر تعميم يؤكد على أن دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ينتهي بمجرد القبض على الشخص ومن ثم ينبغي تسليم من يقبض عليهم إلى المراكز الأمنية المختصة فور القبض عليهم، وعدم نقل أي شخص ذكراً كان أو أنثى إلى مراكز الهيئة مهما كانت الظروف، وكل عضو من أعضاء الهيئة يقوم بنقل المقبوض عليه إلى مركز الهيئة ويتم كف يده عن العمل فوراً، ويحال للتحقيق، وطلب من هيئة التحقيق والادعاء العام متابعة هذا الأمر والقيام بجولات تفتيشية مفاجئة على مراكز الهيئة، للتأكد من عدم وجود أماكن للتوقيف أو المقبوض عليهم يتم التحقيق معهم".
وتابع تقرير الجمعية : "وقعت خلال الفترة التي يغطيها التقرير عدة حوادث في الرياض وتبوك والمدينة المنورة ونجران كان منسوبو الهيئة طرفاً فيها الحقت اضراراً وانتهى بعضها الى وفاة المقبوض عليهم منها خمس كشفتها الصحافة في الرياض وتبوك والمدينة المنورة وجدة ، وفي تعليقها على تلك الحوادث تميل الهيئة الى نفي الواقعة اصلاً او التقليل من اهميتها وانها ليست سوى تحاوزات فردية و منسوبي الهيئة لديهم تعليمات مشددة بالالتزام بالضوابط التي نص عليها نظام الاجراءات الجزائية ".
وقد صدرت تعليمات من رئاسة الهئية تُلزم منسوبيها بوضع بطاقة العمل التي تدل على الصفة الرسمية لهم، والتشديد عليهم بعدم المطاردة.
كما أن الهيئة قامت خلال العام الماضي بعقد دورات تدريبية لمنسوبيها؛ لتعريفهم بنظام الإجراءات الجزائية.
وتابع التقرير: "هذه الإجراءات رغم أهميتها إلا أنها تبقى غير كافية ، وطالبت إلى تجديد سلطات وصلاحيات منسوبي الهيئة بشكل دقيق حرصاً على هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسمعة وسلامة أعضائها الذين تعرض بعضهم للاعتداء، ومنع ازدياد تذمر الناس من تصرفاتهم وتلافي أخطائهم، فتجديد آليات عمل أعضاء الهيئة وعلى وجه الخصوص الميدانيين منهم بما يضمن صيانة حرية الناس وفي نفس الوقت يسمح لجهاز الهيئة بالقيام بواجباته نحو المجتمع أمر مهم وتدعو الحاجة إليه".
كما رصدت الجمعية استمرار بعض الانتهاكات لضوابط المحاكمة العادلة والتي تم الإشارة إلى بعضها في التقرير الأول منها:
عدم حصول المرأة في بعض الحالات، على حقها في التقاضي بسهولة، حيث لا زالت هناك بعض الصعوبات التي تواجهها في هذا الشأن بسبب عدم حمل بعض النساء لبطاقة الأحوال المدنية أو عدم اعتراف المحكمة أو كتابة العدل ويزداد الأمر سوءاً عندما يطلب القاضي أو كاتب العدل حضور الولي. وعدم الالتزام في بعض الحالات بحق المساواة في التقاضي من تمييز بين الخصوم في الجلسات، وعدم السماح لأحدهم بالرد على الدعوى ، وعدم التقاضي العلني، حيث يتم اللجوء إلى سرية الجلسات ، والتمييز ( احياناً ) بين الشهود في قبول الشهادات، فتقبل من البعض دون تمحيص، مثل أن يطلب من رجال الشرطة أو المباحث أو رجال هيئة الأمر بالمعروف وغيرهم شهاداتهم ضد من قاموا بالقبض عليه، حيث يشهدون على صحة ما كتبوه أو ادعوه ضد المتهم.
وأضاف تقرير الجمعية :" هذا الاجراء فيه مخالفة لبعض القواعد الشرعية والنظامية التي تقضي بعدم قبول شهادة من ولاة ولي الأمر على المسلمين بالرقابة أو الرعاية مثل الشرطة ورجال الهيئة والمباحث وغيرهم، ففي ذلك إهدار لحق المتهم في أن يسمع ويجرح ويدافع عن نفسه بتوضيح موقفه,
والجميع يدعو إلى إعادة النظر في الاعتماد على الشهادات التي مصدرها من قام بالقبض على المتهم ".
و اوضحت الجمعية أن التحقيق مع الموقوفين تقوم به المباحث وليس هيئة التحقيق والادعاء العام وفي ذلك مخالفة صريحة للنظام ولايسمح للموقوفين الاستعانة بمحامين وهو حق كفله لهم نظام الاجراءات الجزائية ،ولا ترى الجمعية مناسبة استمرار توقيف اشخاص بسبب مجرد نيتهم السفر الى العراق, حيث لا تجيز الانظمة محاسبة الانسان على نواياه دون ان تكون تلك النوايا مقرونة بافعال كما انه يجب التفريق بين من شارك بالفعل في الاعمال الارهابية وبين من لديه افكار تكفيرية ومن لديه نية السفر الى العراق وبين من سافر بالفعل ومن تمت محاكمته وانتهت محكوميته وبين من اعلن توبته وندمه ، كما ان الجمعية رصدت تظلمات من اسر بعض السجناء وان ابنائهم يتأثرون ببعض الافكار المتطرفة التي يحملها بعض السجناء وطالبت بعزل السجناء ممن لديهم افكار تكفيرية عن بقية السجناء .
كما تطرق تقرير الجمعية الى قضية الاشخاص الذين لا يحملون اوراقاً ثبوتية او يحملون اوراقاً مؤقتة ، وبينت ان مشكلتهم تمكن في عدم حصولهم على الجنسية السعودية وعدم حملهم اوراقاً ثبوتية رغم انهم يعيشون في المملكة منذ سنوات طويلة وليس لديهم أي جنسية او لديهم جنسيات بلد لا يرغبون الذهاب اليه لولادتهم في المملكة وطول اقامتهم فيها .
كما كشفت الجمعية عن اشخاص سحبت منهم هوياتهم دون سبب معروف ولم يمنحوا أي سند دال على جنسيتهم السعودية ، وعلمت الجمعية انه تم سحب الجنسية من هؤلاء نتيجة بلاغات تفيد بعدم نظامية حصولهم على الهوية والوطنية وذكرت بعض الشكاوي انهم اقروا بذلك بسبب الاكراه والتعذيب بعد القبض عليهم .
ولم تهمل جمعية حقوق الانسان حقوق الطفل , حيث اوضحت بان حقوقهم المتصلة باسرهم او والديهم في الحصول على الجنسية منذ ولادته لاتزال تتعرض للانتقاص ، فمثلاً الطفل الذي يولد قبل ان يعقد والده على والدته لا يسمح بنسبه الى والده حتى لو اعترف به مع ان هناك راياً فقيهاً يسمح بذلك ، بل قد تسحب الاوراق الثبوتية للوالدين او احدهما ، وينسحب الاثر على الابناء مع عدم وجود جنسية معلومة لابائهم وفي هذا اخلال بحق الطفل في الحصول على جنسية منذ ولادته الذي تنص عليه اتفاقية حقوق الانسان والمملكة طرف فيها .
كما تناول تقرير الجميعة بعض التجاوزات من قبل العاملين في السجون إضافة الى رصدها بعض حالات الوفاة داخل سجون الحاير بالرياض وبريمان بجدة وسجن الدمام وبيشة ونجران وجازان ، ويقال انها نتجت عن امراض قابلة للعلاج ومنها مرض السل او الدرن وبعض الامراض النفسية ، الى جانب اضراب وحرائق في عدد من السجون .
وقال التقرير بان مجلس الشورى لم يشهد أي تطور ايجابي باتجاه توسيع المشاركة وتعزيز دوره الرقابي على أجهزة ومؤسسات السلطة التنفيذية ، فقد كان تحرك المجلس محدوداً بسبب افتقاره للصلاحيات اللازمة فيما يتعلق بمعالجة ما تعرض له المجتمع من مشاكل الحق الضرر بالاوضاع المعيشية للمواطنين ، واشارت فيه الى انهيار سوق الاسهم ومشكلة الارتفاع الكبير الذي شهدته السلع والمواد الغذائية والخدمات والايجارات ، وطالبت الجمعية بالاخذ باسلوب الانتخابات بدلاً من التعينات في مجلس الشورى .
واشارت الجمعية ايضاً الى طول مدة القضايا امام المحاكم وخاصة القضايا العمالية وبعض قضايا الأحوال الشخصية والسجناء.
وبين التقرير ان الاسباب تعود الى قلة عدد القضاة مقارنة بعدد السكان وعدد القضايا وعدم توزيعهم بشكل كاف على مناطق المملكة وضعف مراقبة التوزيع العادل للقضاة على المحاكم في مختلف مناطق المملكة بالنظر إلى أعداد القضايا المنظورة، وتعيين بعض القضاة في بعض المناطق ثم السماح بندبهم إلى الوزارة أو جهات أخرى وترك المحكمة التي عينوا بها دون قاض لمدة قد تطول.
وعدم التزام بعض القضاة أحياناً بمواعيد الجلسات أو تأجيل النظر في القضية إلى جلسات أخرى مع إمكانية الاستماع للخصوم وحسم النزاع في نفس الجلسة. وندرة البرامج التأهيلية للقضاة وضعف الآلية المناسبة لإعدادهم واختيارهم، ومع ذلك فقد رصدت الجمعية بعض الجهود للمعهد العالي للقضاء في إقامة دورات وورش عمل للقضاة، بهدف الرفع من كفاءتهم واطلاعهم على تطبيقات للأنظمة السارية.
ودعت الجمعية إلى إقامة دورات متخصصة للقضاة لإعدادهم للعمل في المحاكم المتخصصة التي أنشأها النظام القضائي الجديد (أحوال شخصية، جزائية، عمالية، تجارية، مرورية، الخ).
وعدم قيام بعض القضاة بتعريف المتهم بحقوقه، ومن ذلك حقه في المطالبة بمعاقبة من استخدم العنف ضده أو أجبره على الاعتراف، وكذلك حقه في الاعتراض على الحكم، وخاصة بالنسبة للسجناء، اضافة الى المبالغة أحياناً في بعض الأحكام التعزيرية في عقوبة السجن والجلد .
__________________