عرض مشاركة واحدة
قديم 03-27-2009   رقم المشاركة : ( 6 )
صقر قريش
مشرف الأقسام التعليمية

الصورة الرمزية صقر قريش

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2814
تـاريخ التسجيـل : 22-08-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 31,556
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 596
قوة التـرشيــــح : صقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادة


صقر قريش غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الملف الصحفي للتربية والتعليم الجمعة 30/3/1430

الوطن :الجمعة 30 -3- 1430هـ العدد :3101
ماذا تعني فلسفة التعليم؟
عبد الرحمن الوابلي
كلمة فلسفة قد تقترب من المحرم، إن لم تكن كذلك في ثقافتنا، وهذا إجحاف غير مبرر، ليس في حق الفلسفة، ولكن في حقنا كذلك، وذلك في حرماننا من خيرها العظيم ونفعها العميم. فالفلسفة تعني الحكمة، والفيلسوف هو محب الحكمة. وقد قال تعالى في محكم تنزيله " ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً، وما يذكر إلا أولو الألبابٍ". والحكمة هي التعبير عن العمل أو الفعل المحكم، أي المتناسق، غير المتناقض مع بعضه، وبنفس الوقت، ما يثمر عن نتائج خيرة لا نقص أو ضرر منها.وبما أن الله، جل تعالى، أكد على أهمية وضرورة الفلسفة للعقلاء، فمن حرمنا خيرها والانتفاع بها؟! مقالي هذا لن يدخل في تفاصيل الإجابة عن هذا السؤال، حيث السؤال يحمل اختصار الإجابة عنه، وهي أن من يستبعد الفلسفة عن نطاق أدبيات مشروعه، يريد أن يصل لنتائج تخدمه هو شخصياً، على حساب من يدعي خدمتهم والحرص على مصالحهم، وإلا فما الحكمة من استبعاد الحكمة إن لم تكن النتائج المخطط لها والمتوقعة غير حكيمة؟
إذا، فمطالبتنا بإيضاح الفلسفة لأي مشروع عام، يدخل في خدمة عامة الناس، لكون المعلن عن هدف تأسيسه هو ذلك، مطالبتنا بإيضاح أدبياته المعبرة عنه والمحددة لأهدافه، للتأكد والتيقن من الخير الكثير الذي سينتج عنه للناس الذين يستهدف المشروع خدمتهم وصالحهم العام. وتقييم أداء المشروع على أساسه.فبناء الطرق العامة عادة لا يحتاج لتحديد الفلسفة من إقامتها، حيث خيرها معلوم بالضرورة للناس، وميلان الطرق وعيوبها، تظهر مباشرة عند استخدامها، ويكون هنالك فرصة لإصلاح عيوبها ومحاسبة من تسبب بذلك من القائمين عليها. أما التعليم فهو من المشاريع التي لا تظهر نتائجهاإلا بعد فترة زمنية سواء سلباً أو إيجاباً وذلك بالحكم على مخرجاته. وعند فشل مخرجاته عن تلبية مصالح البلد وإيقاعه بمتاهات وأزمات، قد لا يسعف الوقت على تداركها، حيث الضحية جيل أو أجيال، كما قد لا يكون هنالك مجال كذلك لمحاسبة من تسببوا في ذلك، لكونهم إما أمواتاً أم ليسوا على رأس العمل.ولذلك فالتعاطي مع مشاريع عامة، لا تظهر نتائجها إلا بعد أجيال، من المفترض بأن يكون محاسبة القائمين عليها قبل شروعهم في تنفيذها، وذلك بسؤالهم عن فلسفتهم التي يريدون بناء المشروع عليها. والتعليم وبلا أدنى شك، هو من فئة المشاريع العامة التي يجب إيضاح فلسفتها وإقناع الخاصة كما العامة، بنوع الفلسفة التي ستنبني عليها. فأهمية وضوح الفلسفة، لكونها المحددة للأهداف بدقة والموضحة لوسائل الوصول لها. ومن هنا يتم تقييم المشروع وتوقع نجاحه في الوصول لأهدافه من عدمه، قبل الشروع في تنفيذه.فمثلاً، من فلسفات التعليم، هنالك فلسفات للتعليم كل واحدة منها تحدد أهدافها والغاية منها بدقة، وبنفس الوقت، منهجها في الوصول لها. الأولى هي " تعليم الطلاب والطالبات كيف يفكرون؟ لا بماذا يفكرون." والثانية هي " تعليم الطلاب والطالبات، بماذا يفكرون، لا كيف يفكرون؟." فالفلسفة الأولى هي معبر حقيقي لما تحتاج له المجتمعات الديناميكية والمنفتحة ،الحية والمتحركة والمنتجة، المنافسة عالمياً على الإنتاج الصناعي والتجاري والخدماتي ومحاولتها السيطرة على أكبر جزء ممكن من خيرات السوق العالمية لمنتجاتها المادية والخدماتية. والفرد في مثل هذه المجتمعات هو رأس مالها وأداة منافستها وبقائها في الصفوف الأمامية بين الدول المتقدمة.ولذلك فقدرة الفرد لديهم على التفكير السليم واتخاذ القرار السريع والمناسب من بين عدة قرارات متاحة، هي هدف أول من أهداف خططهم التعليمية، وهي شرط أساسي في الوصول لطموحاتهم التي خططوا لها. ومنهجهم لتطبيق فلسفتهم التعليمية واضح، وهو تجنب التلقين وجعل المعلومة وسيلة لتحريك العقل وتدريبه على التفكير، لا غاية لتثبيته عندها وربطه بها. والامتحانات التي تتطلبها مثل هذه الفلسفة هي عادة ما تكون، طرح أسئلة تحتها عدة خيارات، أحدها يحمل الإجابة الصحيحة. والوقت المطلوب لحلها يكون نصف دقيقة للسؤال الواحد، وذلك لتدريب العقل على فرز الإجابة الصحيحة بين عدة خيارات خاطئة وبوقت قياسي.وهذه الفلسفة لديها القدرة على إعداد العقول وتدريبها على التفكير السليم واتخاذ القرار الأسلم وبأسرع وقت ممكن وقبل توصل غيرهم لذلك. ووطن يكون معظم مواطنيه من هذه الفئة المفكرة، يكون وطناً ذكياً ومتنوع القدرات والإمكانيات، منتجاً، مبدعاً ومنافساً عالمياً.أما الفلسفة التعليمية الثانية، وهي " تعليم الطلبة والطالبات بماذا يفكرون وليس كيف يفكرون", فهي الفلسفة التعليمية المفضلة لدى الشعوب التي تحكمها ثقافات شمولية مسيطرة. فالمعلومة هنا، هي مربط الفرس والهدف من التعليم. حيث تكون المعلومة هي المهمة والمقدسة، ولذلك فحفظها وترديدها للتأكد من ذلك، هو الهدف والمسعى من وراء التعليم. حيث تكون المعلومة هي من اختيار القائمين على التعليم والتي يخططون لغرسها في رؤوس طلبتهم وطالباتهم.فالحفظ والترديد هو المنهج المتبع في مثل هذه الفلسفة التعليمية، ولذلك ففي الامتحانات، تكون العقول التي لديها القدرة على الحفظ والاسترجاع، لا العقول التي لديها القدرة على التفكير والإبداع هي الناجحة والمتميزة. فالأسئلة هي من النوع المقالي، ووقت الامتحانات تكون طويلة، لإعطاء الممتحنين الوقت الكافي لاستذكار ما تم تحفيظه لهم طوال العام.والنتيجة لمثل هذا النوع من التعليم، هي خلق شعب كربوني متشابه في التفكير والإجابة، لا نقول لا تميز فيه، وإنما يقتل التميز فيه ويعاديه، ويكون شعباً منتجاً (بفتح التاء) لا منتجاً(بكسر التاء) يتنافس العالم على إطعامه وتزويده بحاجياته وضرورياته الحياتية.
* كاتب سعودي



آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس