اعتبروه محطة هامة لترسيخ القيم والانفتاح على الثقافة الحقوقية
مهتمون: تقرير حقوق الإنسان يواكب الاصلاح وعصر الشفافية
عبد الله الداني ـ جدة
أكد عدد من الكتاب، والمهتمين بالقضايا الحقوقية. أن التقرير الثاني الذي أصدرته الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان ،والمتضمن طابع النقد لبعض المؤسسات الحكومية كان شاهدا على عصر الشفافية، الذي نعيشه في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الداعي إلى الإصلاح، لافتين إلى ضرورة توعية المجتمع بمثل هذه الأمور حتى يزيد وعيهم ،وإدراكهم في مثل هذه الجوانب الحيوية والهامة.
الإرادة القوية
في البداية أشار عضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان المهندس عبدالله بن علي سابق إلى أن الإرادة القوية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز يحفظه الله، وأمره بعدم وضع خطوط حمراء أمام الوضوح، والتطوير لأي جهة كانت يعتبر عاملا رئيسيا في إصدار تقرير حقوق الانسان الذي اتسم بالشفافية التي نعيشها في ظل الحكومة الرشيدة، لافتا إلى أنه يجب علينا مجاراة العصر، والسعي في ركب الأمم المتقدمة خصوصا أن الدين الإسلامي الحنيف ينادي بالشفافية وإسداء النصيحة لأنهما جزءان أساسيان في الشورى. وأضاف قائلا: إن الواجب علينا تعميم التقرير الذي حللته صحفنا على المجتمع في شكل مدونات أو مطبوعة أو بأي طريقة أخرى إضافة إلى الدور الكبير الذي تقوم به وسائل الإعلام في نشر مثل هذه الجوانب المهمة، وذلك لتثقيف الناس، وتوعيتهم بالمسائل الحقوقية، مبينا أن هذه خطوة من الخطوات الايجابية التي سنها الملك عبد الله بن عبدالعزيز في مسيرة الإصلاح.
لغة احترافية
إلى ذلك أكد الكاتب والمحامي السعودي عبدالرحمن بن محمد اللاحم على أهمية مثل هذا التقرير الذي اتسم بلغة احترافية، وقانونية، وحقوقية رفيعة استخدمت في صياغته، حيث تناول القضايا التي كانت محل تقدير الجميع مشيرا إلى أنه سيسهم في رفع الوعي الحقوقي للمجتمع.
وأضاف: لقد استطاعت الجمعية ومن خلال تقريرها أن تتحرر من ثنائية (الملائكة) و( الشياطين)، فنحن في النهاية مجتمع بشري ينطبق عليه ما ينطبق على بقية المجتمعات من (الخطأ) و(الصواب)، لكن التحدي الحقيقي يكمن في قدرتنا على تعزيز مكامن الصواب ومحاصرة بؤر الخطأ وقدرتنا على تصحيح الانحراف أينما وجد ، بآلياتنا الوطنية ، ومن خلال بنيتنا التشريعية، ومؤسساتنا الوطنية ، ويبقى الهدف دائماً في خلق بيئة حقوقية تؤمن للإنسان حياة كريمة تدفعه لأن يتفاعل مع هذا الوطن وآماله التنموية .
ومضى يقول: يعد التقرير محطة مهمة في طريقنا نحو الانفتاح على الثقافة الحقوقية، والانعتاق من شرنقة الخصوصية التي أعاقت حراكنا، وعطلت الكثير من الجهود نحو تجذير القيم الحقوقية التي أصبحت في عالمنا اليوم قيما مشتركة لا تعترف بالحدود أيا كانت ، لذا فإن الوقت أصبح مناسبا لتخفيف العبء عن الجمعية، وذلك بإنشاء جمعيات مساندة لها، ومتخصصة بأحد الجوانب المتعلقة بحقوق الإنسان كحقوق الطفل، وحقوق المرأة، وجمعيات خيرية للدفاع عن غير القادرين على دفع أتعاب. وغيرها من الجوانب ذات الصلة بملف حقوق الإنسان .
وبين اللاحم أن من الجوانب المهمة التي تناولها التقرير القراءة في التشريعات المحلية المتعلقة بحقوق الإنسان، التي رصدت جملة من الأمور المتعارضة في بعض التشريعات.مع الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها المملكة ،أو مع بعض المبادئ الحقوقية، واقترحت جملة من التشريعات ،أو التعديلات على الأنظمة السارية حيث تكمن أهمية هذه الخطوة في أن النص القانوني هو السياج الطبيعي لحقوق الناس، ولابد أن يكون متوازيا مع الحراك الاجتماعي ،ومتناغما في الوقت ذاته مع النَفَس التشريعي الدولي فيما يتعلق بالقضايا التي باتت هاجسا دوليا مشتركا، ويأتي في مقدمتها قضايا حقوق الإنسان .
ملاحظات هامة
وإن كان ثمة ملاحظة على تقرير جمعية حقوق الإنسان فهو عدم تناول بعض الممارسات التي صدرت من بعض الجماعات إزاء بعض الأنشطة الثقافية سواء بأعمال بدنية تستهدف منع إقامة تلك الأنشطة بآليات غير قانونية، أو بيانات تحريضية أصدرت ضد مجموعة من المثقفين، والمفكرين وطالبت بمصادرة حقهم في الرأي والتعبير عنه حيث إن هذا السلوك ما زلنا نعتقد أنه ينال من حرية الرأي ،والتفكير خصوصا أنه أصبح ظاهرة تتنامى بشكل مطرد، فانتهاك حقوق الإنسان كما يكون من الجهاز الحكومي، فإنه أيضا قد يقع من تيارات فكرية، أو قوى اجتماعية معينة الأمر الذي يحتم التصدي له بذات الحزم الذي يتصدى به للتجاوزات الصادرة من الجهات الرسمية .
حرية الرأي
وقال الكاتب السعودي محمد المختار الفال إن التقرير اهتم بقضية المشاركة، وحرية الرأي، لذلك فإنه يستحق تحية، وترحيب الجميع لأنه لم يحد عن منهج الاعتدال، والمهنية المعتمدة على نصوص الأنظمة، والوقائع على الأرض ،ولم يتخل عن الشجاعة الواعية التي تدرك أنها تعمل لصالح هذا الوطن الكبير ،وأن تصويب أخطاء بعض أجهزته وأفراده هو عمل وطني يصب في وعاء سمعته ،ومكانته، ورفعة أهله، والتحية المستحقة لا تحول دون إبداء الرأي فيما نعتقد أنه يعمق دور الجمعية، ويوفر جهودها لمهمتها الأساسية. ويبدو أن ثراء التقرير، وتعدد حقوله ،وتشعب نطاقه هو نتيجة لحداثة هذا النشاط، وإذا كان هذا الاستنتاج صحيحا فلا يزال أمام الجمعية الكثير مما يمكنها أن تكشفه في نطاق تردي بعض الخدمات، وأخطاء بعض الجهات وتساءل قائلا: هل من مصلحة العمل الحقوقي أن تفتح الجمعية أبوابها ونشاطها لجميع مظاهر الحياة في المملكة من نظام المرور إلى الأوضاع المعيشية، ومكافحة الفساد الإداري، وتتبع مظاهر الاعتداء على المال العام، ومعالجة مستوى الخدمات الصحية ،وعدم التوازن التنموي في المناطق، وهو ما يمس جزءا مهما من حقوق وحريات الناس إلى اقتراح إصلاح نظام القضاء، وتحديد سلطات هيئة الأمر بالمعروف، وحق المشاركة والدخول في تفاصيل نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية؟
توزيع المشاريع
وأضاف: لا أحد يشك في أهمية كل القضايا التي تطرق لها التقرير لكن أعتقد أن اتساع دائرة الاهتمام سيفقد الجمعية ميزة التركيز، فالمملكة بلاد شاسعة، ومترامية الأطراف، وجهاز خدماتها متعدد ومتداخل العلاقات وانشغال الجمعية بكل قضاياه قد يصرفها عن مهمتها الأساسية - حقوق الإنسان - في مفهومه المعاصر .
كما أنه لا أحد ينكر أهمية توظيف المرأة والشباب وإصلاح التعليم وتوفير الخدمات الصحية، وإعادة النظر في تطوير الأنظمة الإدارية، وتوزيع مشاريع التنمية على كل مناطق المملكة بما يضمن المساواة. وقد يرى البعض أن لكل بلد مشاكله، واحتياجاته في حقوق الإنسان، وأن بلادنا في هذه المرحلة، تحتاج إلى جمعية حقوقية تضع قضايا التنمية في مقدمة اهتماماتها، كما أرى أن تطوير الأنظمة الإدارية، وإصلاح التعليم وتطوير الخدمات الصحية ،ومعالجة الأخطاء الطبية، وتحسين الخدمات البلدية مهمة موكلة إلى أجهزة إدارية لديها خبراء متخصصون ليس بإمكان الجمعية أن تدقق أعمالهم وسيقتصر دورها على الإشارة إلى أهمية الإصلاح، وهذه مهمة الإعلام،وهي ذراع حقوقية تساعد الدولة على التنمية، وأود أن أستشهد بما قاله تقرير الجمعية عن تراجع الحوار الوطني، عن مهامه الأساسية حين تحول إلى القضايا الخدمية.
وأقول لأصدقائنا في الجمعية إذا فتحتم كل (ملفات) الأخطاء الإدارية في هذه البلاد فستتعثرون في أضابير نقل المعلمات، وحوادث السير، وأخشى عليكم من الوقوع في الحفر المفتوحة في بعض المدن ،وغير ذلك سيصرفكم عن القضايا الحقوقية المفصلية التي تحتاج إلى جهودكم ويحتاجها المجتمع، والوطن لأنها ستساعد القيادة على المضي قدما في طريق الإصلاح الذي خطت على دربه وعزمت على تنفيذه.
ووصف الكاتب السعودي تركي الدخيل التقرير بأنه كان جريئا يؤكد أن جمعية حقوق الإنسان في السعودية كانت تقوم طوال العام بتواصل رائع بين شكاوى المواطنين، والرقابة على أداء الأجهزة الحكومية فيما يتعلق بالمحافظة على حقوق الإنسان وصيانتها.
وأضاف: أن التقرير أكد على تعاون مثمر من وزارة الداخلية مع الجمعية، كأكثر القطاعات الحكومية تعاونا، التي أدت أداء رائعاً، وتطورت في تعاطيها مع الإعلام أولا من خلال تعيين ناطق باسمها، ثم في تسهيل مهام عمل جمعية حقوق الإنسان.