محاولة انتصار وهمية "للجردان" والحميّن يقود الهيئة لـ "عهدٍ جديدٍ"
فهد سعود من الرياض:
لم تجد المنتديات والمواقع الأصولية، وسيلة لمناصرة مدير العلاقات العامة والإعلام بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - الجهاز الديني في السعودية- أحمد بن محمد الجردان، الذي تم نقله من منصبه، بعد تشهيره بأحد المواطنين السعوديين سوى الحديث عن ترقيته للمرتبة الثانية عشرة، التي مضى عليها ما يزيد عن الأسبوع، قبل الأحداث الأخيرة.
وكان رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الشيخ عبد العزيز الحميّن قد نقل الجردان من منصبه، وحوله للشؤون الإدارية والمالية، وعيّن بدلا عنه عبد المحسن القفاري في منصب مدير عام العلاقات العامة والإعلام، ومتحدثاً رسميا للرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي، على خلفية البيان الذي صدر قبل أيام باسم الجردان وكانت فيه لهجة قاسية ضد أحد المواطنين ويدعى محمد القحطاني يتهمه فيه بالقيام بفعل فاضح مع زوجته في إحدى الأسواق السعودية.
حيث اتضح بعد ذلك، أن رئيس الهيئة عبد العزيز الحميّن، ليس لديه علم بالبيان الذي كُتب، وتم إرساله لصحيفة الرياض، حول قضية القحطاني وزوجته، وهو ما أغضب الحميّن، وقرر على إثره استدعاء المواطن القحطاني والاعتذار، ومعاقبة الجردان على تصرفه الفردي.
وتوالت الأحداث بعد ذلك، إذ استقبل رئيس الهيئة الشيخ عبد العزيز الحمّين المواطن محمد بن سعيد القحطاني، وقدم له اعتذاراَ شفهيا عما بدر من الجردان من تشهير به وبزوجته، وتبع ذلك باعتذار آخر نشر في بعض وسائل الإعلام السعودية، مع التأكيد على الهيئة لن تسمح بالإساءة أو التشهير بأحد، وان المخطئ سيعاقب حتى وان كان من الهيئة نفسيها.
وبحسب معلومات حصلت عليها " إيلاف" فإن المواطن محمد القحطاني أطلع خلال زيارته لرئيس الهيئة على قرار تحويل الجردان من منصبه، وهو ما يتناقض مع رواية بعض المواقع الأصولية التي قالت إن الجردان تم ترقيته إلى المرتبة الثانية عشرة، وهو ما فسره المراقبون بأنه محاولة لنصرة الجردان الذي فقد مصداقيته في البيان الأخير للهيئة، خصوصاً وأن موضوع الترقية مضى عليه ما يزيد عن الأسبوع.
وكانت علاقة الإعلام السعودي مع جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في عهد الرئيس السابق إبراهيم الغيث تعيش وضعا متأزما، خصوصا وأن الكثيرين استغربوا من الردود المتشنجة من قبل الهيئة ضد أي خبر يصدر في الصحف، وهو ما يؤكده حديث الغيث نفسه حينما وصف عدد من الصحافيين السعوديين بأنه "شرذمه" لا تستحق الرد، وأنعم يسعون للنيل من الهيئة والإساءة لها.
وكانت المدونات السعودية والمنتديات الإلكترونية قد شهدت حراكاً ملحوظاً في تناول جوانب الحدث، وكانت الأراء بشكل عام تصب في مصلحة القحطاني، والمتابع للمجتمع السعودي يلاحظ إلتفات المجتمع السعودي الذي يوصف بالمتدين حول الهيئة في كل الإتهامات السابقة، بعكس ما يحدث حالياً، حيث تشهد أسهم الهيئة إنخفاضاً ملموساً، وقد كتب محمد السعدان في مدونته المسماه الباب " هذا إنتصار متأخر لحقوق الحريات"، وعلق آخرون بأن الهيئة لابد لها من أن تتحرك لإصلاح شؤونها وأنظمتها القديمة والمتهالكة.
وتبدو علاقة جهاز الهيئة مع المواطن السعودي متذبذه، نظرا لتدخل أفراده الذين يقدرون بالآلاف، بخصوصيات المواطنين، إلا أن بعض المراقبين يعتقدون أن عهد الهيئة الجديد بقيادة الشيخ عبد العزيز الحميّن، الذي عُيّن أخيراً رئيسا على الجهاز الأكثر جدلا في السعودية، سيختلف كثيرا عن العهود السابقة، حيث يسعى مسئولو الجهاز الجدد لتغيير الصورة النمطية التي طبعت في أذهان المواطنين تجاهه.
ويواجه جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، معارضة شديدة من قبل التيار الليبرالي في السعودية، نظرا للتجاوزات التي يقع فيها بعض أفراده من وجهة نظرهم.
وتعيش المملكة العربية السعودية، حراكا ثقافيا كبيرا، أبطاله قطبان أحدهما ينتمي إلى التيار الإسلامي، الداعم لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والآخر ينتمي إلى التيار الليبرالي، الذي يعارض بشدة تواجد الهيئة بشكلها الحالي، فيما تسعى الحكومة السعودية بقيادة الملك عبدالله بن عبد العزيز إلى الموازنة بين هذين التيارين عبر تفعيل دور الحوار الوطني، ومواصلة عملية الإصلاح التي شهدت تقدما ملحوظا منذ أن تمت البيعة للملك عبدالله بن عبد العزيز ملكا للبلاد في مطلع أغسطس من العام 2005م.