[صقر قريش]

الجزيرة:السبت 15 ربيع الثاني 1430هـ العدد:13344
60 عاماً في خدمة التعليم لا تهمشي دور (الرئاسة) بـ(جرّة قلم) يا فوزية!
طالعت ما طرحته الكاتبة فوزية البكر من بعض الملاحظات الجيدة والمغالطات الواضحة والهجوم أحياناً أخرى إذ تكلمت عن التعليم وتطويره، فهذا يحتاج إلى درجة كبيرة من المصداقية والصدق في الطرح دون الإثارة وإدخال نقاط في أخرى فلا تهمش قطاعات بجرة قلم وأول ما أبدأ به هو الرئاسة العامة لتعليم البنات تلك التي قضت (60) عاماً في خدمة التعليم عندما كان لا شيء، وأسسته وأسست مفاهيمه وظهر لنا الخريجات بالآلاف: أليس خريجات الرئاسة ممن ذهبن وأكملن تعليمهن وعدن يخدمن وطنهن . إن الرئاسة كانت كأي جهة حكومية لها جهودها الكبيرة والجبارة في خدمة التعليم، ونحن من أبنائها ومن عاصرناها عن قرب؛ فقد أنتجت معلمات تعودن على العمل والكفاح والاحتساب؛ فما أرسته الرئاسة من مفاهيم دينية مقيدة -كما ذكرت- كانت مفاهيم إسلامية صادقة تقود إلى المحاسبية؛ فعندما يرسخ في الطالب والموظف محاسبة النفس والاحتساب والاجتهاد؛ فالدين لا يدعو إلا إلى خير؛ فما اعترانا من ضعف هو تفريط وتقصير في التمسك بهذا الدين، فعندما يكون لنا مرجعية دينية واضحة فهذه مرجعية الدولة فهي دولة تقوم على الكتاب والسنة الذي يرى كثيرون إغفاله، وأنه معيق للحضارة، وهذا والله فهم قاصر للكتاب والسنة: ألسنا أمة (اقرأ) أليس كتابنا العزيز مليئاً بآيات التفكر والتدبر؟! إن الله الذي خلق العقل وعرف طبيعته لم يلغه وأمر بحسن استغلاله وعدم تغييبه، وكون أن التعليم في بدايته كان بأيدي رجال؛ فهذا هو المسار الطبيعي للتطوير، فقد كان بأيدٍ أمينة، وتعلمت المرأة وأصبحت تنافس أخاها الرجل على هذه المناصب، وهذه منافسة شريفة لا غبار عليها، ما دام العائد لصالح التعليم والأجيال فهي مراحل متوالية، وليست خططا حربية- كما ورد- فهل نحارب آباءنا وأبناءنا وإخواننا؟ لماذا تؤصل مفاهيم الصراع في بيئة إسلامية تدعو إلى السلام وإعطاء كل ذي حق حقه . إننا نرى خلطاً في الرؤى، وما طرح فنحن نؤكد وندعو إلى تطوير المباني المدرسية، وهذا نعلمه، وهناك جهود سائرة وإن كانت بطيئة ومتعثرة، ولكنها واضحة للمسؤولين، ونرغب أن ننافس الدول المتقدمة في جودة المباني وحسن إنشائها، وأن تكلف بها مؤسسات متخصصة في المباني المدرسية لكي تكون على أحدث المواصفات . أما ما أشير له من أن مدارسنا سجون من حيث سلطة الحارس: فهل سجن الزوج زوجته في المنزل مع أن له سلطة مباشرة عليها لكي يسجن حارس محدود المركز مديرة مدرسة أو يحد من تحركها؟ إن هناك مسؤولية تقع عليه من حيث المحافظة على الدرسة من دخول شخص غير مرغوب فيه، وهناك مخارج للطوارئ إذا وقعت الكارثة لذهاب الحارس إلى البقالة -لا سمح الله . أما ما أشير له من عدم العدالة في توزيع مقدرات هذا البلد فهذه رؤية لا أعلم ما إثباتاتها، خصوصاً وأن هناك تواصلا بين كافة مدن المملكة وعاصمتها الرياض، وهناك ميزانية توزع على كافة مناطق المملكة التعليمية، وباستطاعة أي إدارة تعليم طرح رؤاها حيال ضعف الميزانية، ولكن لا ألمس تميزاً للرياض عن بقية مناطق المملكة . إن التمجيد في المدارس الأهلية يعكس رؤية خارجية للمدارس، وليست واقعية لها، إن المدارس الأهلية لها وعليها؛ فهناك مدارس جيدة وكثيرة غير جيدة لم تلمس تميزها فلم نرَ أن الرحلات كانت موجهة إلى جهات نافعة للطلاب سوى الملاهي والأسواق، وهذه السمة الواضحة؛ فأين الرحلات للمكتبات العامة أو الجمعيات الخيرية أو المستشفيات وغيرها من الجهات المفيدة، وأن اللغة الإنجليزية التي ذكرت أنها هاجس في قلوب كثير من أولياء الأمور، فقد أخذت أكثر من حقيقتها، فلماذا تكون من أساسيات التعيلم أليس لغة الإسلام هي أولى فلا توجد دولة متقدمة في العالم؛ كاليابان، كوريا، أوروبا وغيرها تقدم أي لغة على لغتها الرسمية . ونحن نقدم هذه اللغات على لغة الضاد؛ لماذا تريدون ألا يكون لنا هوية ومرجعية، ونحن أهل كتاب وسنة إن تعثر اللغة الإنجليزية في المدارس يعود إلى ضعف في التدريس وخلل فيه، وهذا يحتاج وقفة بلا شك وأن تدرس بعد الصف الثالث حماية للغة القرآن وفصاحة الأجيال: فهل توازي اللغة الأعجمية بلغة الفصاحة والبيان . إن أوجه القصور في تعليمنا تحتاج إلى وقفة وتطوير، ولكن ليس بعيداً عن الدين فقد كان نبينا مربياً ومعلماً ونحن إلى الاقتداء به - صلى الله عليه وسلم- فنحن ندعو إلى تعليم إسلامي عالٍٍ متكامل يجمع بين الأخذ بعلوم الدنيا واستيعابها والتمسك بديننا الذي يحتاج إلى من يفهمه حق الفهم، وليس بمن يبتعد عنه . إننا نريد نظرة متوازية متكاملة تنشئ لنا طالباً وطالبة قادرة على التعامل مع الحياة بفهم ووعي ومنظور إسلامي راشد .
موضي الجنوبي