عرض مشاركة واحدة
قديم 04-14-2009   رقم المشاركة : ( 3 )
صقر قريش
مشرف الأقسام التعليمية

الصورة الرمزية صقر قريش

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2814
تـاريخ التسجيـل : 22-08-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 31,556
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 596
قوة التـرشيــــح : صقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادة


صقر قريش غير متواجد حالياً

افتراضي رد: المقالات التربوية موضوع متجدد

الجزيرة:الثلاثاء 18 ربيع الثاني 1430هـ العدد:13347
كاد المعلم أن يكون رسولا
مندل عبدالله القباع
يشعر المعلم عند تخرجه من كليته بعد تأهيله لعملية التدريس الممنهج والعطاء العلمي المنظم وبعد اكتسابه قدرات العطاء العلمي ومهارات الإبداع في تشكيل وصياغة عقول تعلمية، وتعديل اتجاهاتهم وتهذيب سلوكياتهم، ومدهم بالخبرات الاجتماعية التي تتوافق مع طبيعة الحياة الاجتماعية التي يعيشونها، ومع المستجدات المنقولة عبر أدوات العولمة ذات البعد الانتشاري الفضائي: حينئذ يشعر المعلم بالزهو والرضا المبني على الثقة بالنفس، وعلى الفخر بمهنته، ولم يكن بوسع أحد أن يقلل من شأن المعلم ودوره (كاد المعلم أن يكون رسولا..).ومن المهام الأساسية التي يضطلع بها المعلم العمل على نقل الخبرة الاجتماعية عن طريق التربية المباشرة والتربية غير المباشرة (نظامية ولا نظامية)، ويحدوه في ذلك أمران: الهوية الثقافية، والمستجد في عالم التقنية التكنولوجية.هذا فضلا عن أن المعلم ليس ناقلا للخبرة فقط بل هو مجدد ومبدع فيها باختيارات مبتكرة، وان لم يكن ذلك كذلك لما رأينا هذا التراكم الثقافي الحضاري المتزايد في بلدنا على مر التاريخ الإنساني، على الرغم من التغيرات والتحديات والظروف التي تحيط بنا. وعلى الرغم من الهيمنة والحتمية الثقافية التي تفرضها العولمة الثقافية، وعلى الرغم من القول إن الثقافة ذاتية التطور باعتبارها قوى علوية، وعلى الرغم من الادعاء بأن الثقافة ليست مستدمجة في فكر الشخص ومحددة لسلوكياته لكنها محمولة على فعالياته الثقافية لإشباع اهتماماته وحاجاته الخاصة وخبرته الشخصية المتفردة.ومن المهام بالغة الأهمية التي يضطلع بها المعلم امتلاك محركات نمو عقول طلابه، وأنماط التنظيم الجيد لأجندته التعليمية، وقواعد التواصل الفاعل، وإكساب طلابه نماذج التفكير العلمي الصحيح، ومعايير الأداء الهادف، ووسائل الحصول على المعرفة ومصادر المعلومات.هذه المهام التي تحوز الاهتمام الكبير في دور المعلم تمثل - وبكل يقين - عملية حضارية معقدة أبت العديد من الوسائط التربوية حملها فحملها المعلم على عاتقه ومضى في تنفيذها على مسؤوليته لإلمامه بقواعد وأسس وأصول تخصصه والاستيعاب المعرفي للثورة العلمية المعاصرة ولأسس وقواعد المنهج العلمي والتعامل الواعي مع المنجز التقني والتكنولوجي وإمكان توظيفها لصالح الإنسان والمجتمع.ويتوجب إذن حيال معلم حباه الله العلم فعلّمه أن يكون محل احترام وتقدير الجميع لحكمته وعلمه ومنهجيته وسلوكه في الأداء ولسماته الشخصية، ولكونه يبذل قصارى جهده من أجل تحقيق مستقبل أفضل ومستوى علمي متميز للأجيال الصاعدة.. معلم يجمع بين الموروث الثقافي ومناهج التطوير والتجديد والتقدم القائم على قيم التعاون الثقافي والوعي الديني والانفتاح على حضارة الآخر وثقافته.. معلم تم تأهيله علميا وفنيا ومهاريا وتزود بآداب الحوار، وثقافة الاختلاف والمغايرة، والبعد عن التصلب والجمود والتعصب. وما يقابلها من تسيب وسلبية والأنائالية، مع الدفاع عن القيم النبيلة، وحماية الإنسان كونه إنسانا والتحلي بالصبر في مواجهة الأزمات.معلم كهذا لم يخطر بباله قط - في اليقظة أو السبات - انه يسقط يوما في ضلالات الوهم أو تصورات الخيال فينال من كرامته - من نكن له التبجيل (ومن كاد أن يكون رسولا) - وان يُضرب من مدير مدرسة أخرى على مشهد من بعض زملائه، وعلى مسمع من طلابه.. الأمر الذي أدمى قلوبنا وترك أثرا عميقا في نفوسنا ولدى الرأي العام السعودي منذ أن طالعتنا بالحادث جريدة الحياة في محافظة الخفجي أثناء مباراة بين مدرسة وأخرى.وما من شك أن هذا الفعل الشائن انتزع من المعلم هيبته، واغتصب كرامته فكيف يكون بالله إذن النموذج والقدوة على نحو ما شاء له المجتمع أن يكون؟ فهل كان المجتمع غير مدرك عندما دعاه لينوب عنه في تربية أبنائه؟ وهل كان مخطئا حين حلق به في سماء القيم الأخلاقية الإسلامية السامية؟ وهل لم يحسن المجتمع ظنا حين رسم للمعلم دورا في المعادلة التنموية الاجتماعية ألم يدر بخلد المعلم حين اعتدى عليه مدير المدرسة انه تبتلعه رمال الربع الخالي بدلا من وجوده في ذلك الموقف المخزي العصيب؟ما زالت عزيزي القارئ أصداء هذا الحدث - الأول من نوعه - تدوي في أجواء المعلمين وحاملي لواء التربية في المواقع المختلفة وكذلك المثقفين والاجتماعيين بل ولدى أولياء الأمور.إن الآثار التي نجمت عن هذه الحادثة بدأت تظهر بوادرها في انخفاض الروح المعنوية لدى المعلمين التي هي أساس الكفاية الإنتاجية ودعامة التماسك وتحمل المسؤولية.والسؤال الذي يطرح نفسه إزاء هذا الحدث هو: هل اتخذت وزارة التربية والتعليم والإدارة التربوية خطة لمعالجة الموقف حتى لا يتكرر؟ وهل ثمة برنامج لإنقاذ الوضع المتأزم من قبل الإدارة التعليمية، ومحاسبة الإدارة المدرسية على الأساليب الخاطئة، والتصرفات المستهجنة التي تعوق عملية النهوض التربوي؟إن المعلمين يطالبون بمساحة أكبر في عملية التطوير الإداري فمن الذي يحمله إليهم من قناعة لا تتيح فرصة للتشكيك أو الاعتراض؟ ومن الذي سوف يصنع قرارات مواجهة التحديات التي تعوق مسيرة المعلم التربوية.ومما تجدر الإشارة إليه أن المتأمل في واقع التعليم حالياً يلحظ ذلك العطاء المتميز من قبل الدولة للنهوض بالعملية التعليمية والتصدي لمعوقات تطوير النظم التعليمية، والدليل على ذلك هو تخصيص عشرة مليارات ريال لتطوير العملية التعليمية والتربوية.ومن منطلق امتلاكنا لجسارة النقد والنقد الذاتي. فيمكننا القول: إن لدينا قصورا في الكوادر التربوية في كل المستويات التعليمية فيما عدا المرحلة الابتدائية هو أمر يعوق إمكانات التحديث أو التجديد أو الابتكار أو التطوير.ومن نتاج هذا القصور الإداري برزت (ظاهرة) مدير المدرسة صاحب الحادثة التي نحن بصددها في هذا المقال وفاقد الشيء لا يعطيه، ولذا فإن هذا المدير لن يتيح أية فرصة أمام المعلم لإثراء فكرة الأكاديمي والعملي. ولا أمام الطلاب لتنمية فكرهم.. ولذلك فهو يمثل خطرا على ثوابت القيم التربوية فضلا عن انتهاكه لحقوق المعلم، لاتباعه أسلوب الإدارة (البيروقراطية) العقيمة في الوقت الذي يسود فيه أسلوب الإدارة الإنسانية.إن هذا النموذج الطاغي في الإدارة لن يحقق شيئا سوى إهدار قيم السلام والرضا الوظيفي، والأمن الفكري والنفسي لمن هم في المحيط المدرسي فهل من مراجعة مع النفس؟
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس