عرض مشاركة واحدة
قديم 04-14-2009   رقم المشاركة : ( 8 )
صقر قريش
مشرف الأقسام التعليمية

الصورة الرمزية صقر قريش

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2814
تـاريخ التسجيـل : 22-08-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 31,556
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 596
قوة التـرشيــــح : صقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادة


صقر قريش غير متواجد حالياً

افتراضي رد: المقالات التربوية موضوع متجدد

الاقتصادية:الثلاثاء 1430/4/18 هـ. العدد 5664
تعليمنا بين "حانا" و"مانا"
صالح الشهوان
يقال إن رجلا تزوج امرأتين إحداهما تدعى "حانا" والأخرى تدعى "مانا" وقد أرادت كل واحدة منهما أن تبدي مقدار حرصها عليه، فأشارت عليه "حانا" أن يغير شكل لحيته، لكن "مانا" لم يعجبها أن تملي عليه "حانا" العمل بمزاجها، فأشارت هي الأخرى عليه بأن يعيد تهذيب لحيته على النحو الذي يروق لها.. وهكذا وقع الرجل في أحبولة الاثنتين، (حانا) تقول له افعل كذا و(مانا) تقول افعل ذاك حتى أصبح الرجل دون لحية فقال: (بين حانا ومانا ضاعت لحانا). واقع تعليمنا لا يبعد به الحال عن هذه الحكاية، إذ لا خلاف على الأهمية القصوى للتعليم وأنه الثروة التي لا تنضب وإكسير التقدم، ومع ذلك تمضي السنوات وتعليمنا يراوح مكانه، والمراوحة رجوع للقهقرى بكل تأكيد!! تكمن المعضلة الأساسية في تعليمنا في الإصرار على أن مناهجنا قابلة للتعديل، الأمر الذي يجعلنا نعيد إنتاجها بالحذف والإضافة حتى إذا هي في كل مرة تصبح في وضع أقرب إلى الأسوأ منه إلى الأحسن. لقد سال حبر كثير وارتفعت أصوات أكثر عبّرت عن جزعها الشديد من الحشو والإثقال الممل فيها والنظر إلى المقرر باعتباره حاوية أمزجة معينة ومقلب آرائها فحسب، إضافة إلى أنه بات بمثابة صندوق اقتراحات نقذف فيه ما يرشح من نقاشاتنا حول قضايانا التنموية والاجتماعية حتى أننا أصبحنا كلما واجهتنا مشكلة في مجال من مجالات التنمية سواءً في المرافق أو الخدمات، في الأسرة أو في العمل أو في الظواهر الاجتماعية كالإرهاب، المخدرات، حوادث المرور، السلوك نسارع إلى المناداة بضرورة تضمين ذلك في المنهج (للتوعية!!)، علاوة على أننا جعلنا من مادة التربية الوطنية حملا ثقيلا بدلا من أن تكون فسحة حرية لتوسيع المدارك دون إلزام!! أبعد من ذلك.. هناك علة قاصمة لظهر هدف التعليم في مناهجنا تتمثل في أنه يتم إعداد المقررات وكأن المطلوب هو تخريج كل طالب بمواصفات مجموعة علماء فيه، أو لتقل أن يكون مجموعة متخصصين وحده، (أمة بذاته!!) وإلا فما معنى أن يتم تعليم الطالب مادة الجغرافيا مثلا شاملة كل العالم بقاراته، بتفاصيل دوله الآسيوية، الإفريقية، الأوروبية، الأمريكية الأسترالية، خرائطها، عواصمها، مدنها، موانئها، بحارها، أنهارها، تضاريسها، مناخاتها، حدودها، حاصلاتها الزراعية، صناعاتها، تعداد سكانها، أعمالهم.. إلخ، حتى وإن كانت موزعة على مراحل الدراسة، إذ ما القيمة المعرفية لكل ذلك وكان بالإمكان الاكتفاء بجرعات مركزة تكتفي بالقاسم المشترك لطبيعة ومكونات كل قارة.. وترك السباحة في التفاصيل لمن سيتخصص في الجامعة، خصوصا وقد أثبتت السنوات أنه رغم ذلك التكريس، (بل بسببه!!) لم يبق في الذهن منه ما يعتد به!! وقل مثل ذلك في مواد اللغة العربية التي تبدو وكأنها تستهدف زرع سيبويه والفراء والخليل بن أحمد الفراهيدي مجتمعين في ذهن الطالب فإذا بمعظمنا ينهي مرحلته الجامعية وهو ينصب المرفوع أو يرفع المجرور ويكتب (لكن) (لا كن)، ولا نفرق بين (ت) و (ة) ولا بين (ظ) و(ض) وبالمثل توحي لك مواد الدين وكأن المطلوب أن يصبح كل طالب قاضيا أو عالم شريعة أو مفتيا فيما المفترض تبصيره بيسر وإيجاز بالأساسيات والأخلاق الحميدة وليبق التقعر والتفصيل لمرحلة التخصص الجامعي. على أن الأمر أكثر يسرا وسهولة في المواد العلمية الأخرى، كالعلوم، الرياضيات، وغيرها، فها هنا لدينا مناهج جاهزة ناجزة برهنت على نجاحها الباهر بنجاح مجتمعاتها وتقدمها سواء في أمريكا أو اليابان، أو أوروبا، إذ لا يستدعي الحال سوى اختيار أحدها وترجمته ونقله كما هو دون فذلكة أو تصرف وتعميمه .. ذلك أن مواد الرياضيات، الفيزياء، الكيمياء، الأحياء، الميكانيكا، الكمبيوتر وأمثالها لا جنسية لها ولا عواطف أو أيديولوجيا فهي محايدة لا فرق عندها بين عرب أو عجم، بين من هو على هذه الملة أو تلك النحلة.. فلماذا نصر على إضاعة الوقت في إعادة اختراع العجلة أو إعادة اكتشاف الديناميت؟! الأمل أن تشكل الوزارة في ثوبها الجديد منعطفا جديدا في تنميتنا التعليمية، ليس في المنهج (وهو مهم) وإنما في المعلم (وهو الأهم) .. ما أشقها من مسؤولية.. وما أنبلها من رسالة!!





آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس