رد: المقالات التربوية موضوع متجدد
الرياض:الاربعاء 19 ربيع الآخر 1430هـ - العدد 14906
حيرة الوزير: من يملك الحل
د . هاشم عبده هاشم
** سبحان مغير الأحوال . .
** وإلا فمن كان يتصور أن نشهد هجرة كبيرة من العمل بالقطاع الخاص إلى القطاع الحكومي . . بعد أن كان يحدث العكس على مدى الثلاثين عاماً الماضية . .
** وبالتأكيد فإن هناك أسباباً كثيرة . .
** يرد في مقدمتها موجة "التسريحات" التي تشهدها بعض الشركات والمؤسسات الوطنية في ضوء الأزمة المالية والاقتصادية المتصاعدة في هذا العالم . .
** فقد أصبح سوق العمل بالقطاع الخاص بيئة طاردة . . بعد أن كان –في الماضي- بيئة مستقطبة . . ومغرية للعمل به . . بفعل ارتفاع مرتبات هذا القطاع . . وتعدد مزاياه . . وتنوع بدلاته . . بصورة تفوق ما هو متاح في قطاع العمل بأجهزة الدولة . .
** أما اليوم . .
** فإن المدارس الأهلية (مثلاً) تعطي للمدرسة أو المدرس الجامعيين مرتباً يتراوح بين (1500 و 2000) ريال .
** والشركة . . أو المصنع . . أو المؤسسة . . لا تعرض أكثر من هذا الراتب إلا قليلاً على من يتقدم للعمل بها . . فلا تجد من يقبل عليها . . أو يفضل العمل بها . .
** والمقارنة بين راتب وبدلات سعودي يعمل في بنك . . أو هيئة . . أو شركة وبين (مستقدم) لا يقارن من قريب أو بعيد . . بالرغم من أن (المهارة) أو (الخبرة) أو (الحماس) أو (الانضباط) يبدو متقارباً بين هذا وذاك . .
** فالعديد من الشركات والمؤسسات والمحلات التجارية . . تفضل أن يتولى المراكز القيادية . . وأعمال السكرتارية . . متعاقدون من كل الدنيا . . مفضلة إياهم على أي سعودي مهما بلغت درجة ذكائه . . وأهليته . . وجديته
** وبصرف النظر عن الأسباب والدوافع الحقيقية . . سواء كانت نفسية . . أو إدارية . . أو هيكلية . . فإن الهجرة المعاكسة – مرة أخرى- من القطاع الخاص . . أو سياسة الباب الموصد فيه . . وبالتالي عودة التفكير الجدي للالتحاق بالقطاع الحكومي رغم تضخمه . . وتدني مستوى الابتكار والعطاء في أكثر أجهزته . . تظل بحاجة إلى دراسة . . والى تفسير . . بعد أن أصبحت ظاهرة ملفتة
** لقد ذكرتني هذه الحالة . . بقرار الدولة قبل قرابة ثلاثين عاما بصرف مبلغ (50 . 000) ريال لكل خريج بمجرد التحاقه بوظيفة حكومية . . وذلك في إطار استقطاب الخريجين . . وتشجيعهم على العمل في أجهزة الدولة . .
** لكن هذا الحال تبدل بعد فترة . . وأصبحت أجهزة الدولة شبه مقفلة في وجوه الخريجين والخريجات . . فيما قل حماس القطاع الخاص إلى استدراج الخريجين للالتحاق به والانضمام إليه .
**واليوم وقد برزت حالة التشبع هنا وهناك . . فأين يذهب هؤلاء الخريجون والخريجات . . ؟
**وما تحدث به وزير العمل منذ أيام . . حول هذا الهاجس المؤرق له . . يبدو بحاجة إلى ترجمة . . وإلى تنفيذ . . لأن تسارع وتيرة التسريح من جهة . . وتدني رواتب القطاع الخاص . . وتطلع الشباب للعمل الحكومي الآمن من جديد . . من جهة أخرى . . بطرح مسألة في غاية الخطورة هي: أن يتحول العدد المتزايد من الخريجين والخريجات إلى (شحاتين) فيما تختنق الأجهزة الحكومية . . والمؤسسات الخيرية . . والشركات . . والبنوك . . والورش . . ومحطات البنزين . . والبقالات . . وسيارات الليموزين . . بالعمالة الوافدة . . بما في ذلك وظيفة (القهوجي) . . و(الحارس) و (الفراش) و (المراسل) و (البواب) وهناك من لا يخجل من العمل فيها . .
** وهناك من تتوفر له القدرة والكفاءة لاحتلال أرفع المناصب . . وأفضلها مكانة . .
** وهناك من لا ينقصه الحماس . . والإخلاص . . بشكل أو بآخر . .
** فمن نلوم إذاً . . إذا كان الحال بهذه الصورة . . ووزير العمل محتاراً في المشكلة . . والشباب والشابات يضيعون من بين أيدينا؟
** ان استمرار الشكوى . .
** ورفع الصوت بالصراخ . .
** والحلول الجزئية . . أو الوقتية . . أو التسكينية . . تبدو أشد خطورة من الخطر نفسه . . لأنها تُبقي على النار تحت الرماد . .
**وماذا بعد؟!
ضمير مستتر:
** [ لابد من حلول مؤلمة . . وقاسية . . ومكلفة لإيقاف نزيف الدم . . قبل الوصول إلى حالة الوفاة الكاملة]
|