عرض مشاركة واحدة
قديم 04-21-2009   رقم المشاركة : ( 17 )
صقر قريش
مشرف الأقسام التعليمية

الصورة الرمزية صقر قريش

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2814
تـاريخ التسجيـل : 22-08-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 31,556
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 596
قوة التـرشيــــح : صقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادة


صقر قريش غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الملف الصحفي للتربية والتعليم25/4

الوطن :الثلاثاء 25 ربيع الآخر 1430 العدد 3126
الأخ مخترع؟ أو مبتكر؟
أشرف إحسان فقيه
وهذه ألقاب كلها استفزازية، وأسئلة ليس لها معنى حقيقي! ما معنى أن يصف أحدنا نفسه بأنه "مخترع"؟ هل يقصد أنه يقتدي بـ (توماس إديسون) مثلاً؟ هذه إجابة مغرقة في اللاشيء! (إديسون) عاش في زمن مثير للشفقة تقنياً. و"مسماه الوظيفي" صاغته منظومة اقتصادية وثقافية مغايرة. هل يسع أحدنا أن يعيد "اختراع" اللمبة؟
وإلى المزيد من الاستفزاز. فأنت حين تصادف خبراً بخصوص لاعب كرة أو فنان مثلاً، فإنك لن تعدم من يذكرّك بعبثية مواهب هؤلاء. وبأنه كان أجدى لأحدهم وأصلح لـ "الأمة" لو صار مخترعاً أو مبتكراً. هكذا بدون اعتبار لناموس تقسيم المواهب بين بني البشر، ولا تكامل صنوف الإبداع لأجل النهوض بالأمة ككل.
لوهلة يبدو البحث عن المخترع مبرراً. فهذا زمان العلم و"التكنولوجيا". ونحن متأخرون لأننا متخلفون علمياً وتكنولوجياً. إذاً وبدهياً فنحن سنتقدم إذا كثر بين ظهرانينا من يتعاطى ضروب التقنية. وهذا تصور صحيح إلى حد بعيد، لكن تنقصه تفاصيل هامة وإلا صار مبتسراً وساذجاً أيضاً.
أولاً لنتفق على أن "المبتكرين" لا يظهرون كما الفقع بعد مطر الوسمي، ولا بفعل تعويذة سحرية. لا يكفي أن تكون فضولياً وذا رغبة صادقة في خدمة البشرية كي تصنع شيئاً جديداً يدوي صداه في الآفاق ويعود عليك بالثروة الطائلة.. أليس هذا هو تعريف "المخترع" السوبر وفق مثال (إديسون)؟! زمن الصدف السعيدة هذا قد ولّى لأن المنافسة منذ أيام (إديسون) – أواخر القرن التاسع عشر - إلى الآن قد استعرت حول العالم. الأفكار الجديدة تظهر بالمئات كل يوم، وبعشرات الألوف كل سنة. وهي لا تبصر النور كلها بل تُخبأ عمداً في أعماق مستودعات الشركات الكبرى ووزارات الدفاع والحربية ليتم تداولها لاحقاً وفق المصالح الاستراتيجية والمالية.
تاريخياً فإن هذا الكلام قد تحقق أوضح ما يكون في أمريكا التي استثمرت في العلم كما لم تفعل دولة أخرى. هناك أمم كثيرة فيها تعليم أفضل من أمريكا. هناك شعوب عندها ملكة فطرية للإبداع في الرياضيات والهندسة أكثر من الأمريكيين. ما قامت به أمريكا هو أنها قد استبقت خطط تطوير المناهج وتطوير الأجيال واستقطبت المواهب من حول العالم إليها.. ثم أسبغت عليها العباءة الأمريكية. بمعنى أننا إذا أردنا أن نحرق المراحل نحن أيضاً ونتفوق بسرعة تقنياً وعلمياً فإننا ينبغي علينا أن نأتي بالعقول من الهند والصين وآسيا الوسطى وأوروبا الشرقية، وأن ننعم على أصحابها بجنسياتنا لنخلق شريحة جديدة في الشعب تكون بذرة للأجيال (الوطنية) القادمة.
لكن هذا لن يحصل غالباً. بل إن التجنيس عندنا مقبول في الكرة وفي ألعاب القوى ومفهوم. وهذا مبرر آخر للوضع الحالي. فمجتمعاتنا زاخرة بالرياضيين المبدعين وبالفنانين الواعدين لأن هناك اهتماماً ودعماً. هناك "سوق" للاعب المحترف وسوق للفيديو كليب والعمل الدرامي كلها يتم تداول الملايين بها. لكن لن تقوم قائمة لأي نشاط علمي أو فكري على مستوى الوطن ما لم يلتفت له الأثرياء وأعضاء الشرف. حتى لو قررت الحكومة تبنّي استراتيجية علمية، فإن هذه لن تصل عدواها للشعب ولن تؤتي ثمارها الحقيقية ما لم يتم تداولها في السوق. فقط حين ينفق رجال الأعمال الملايين لدعم الأفكار الجديدة والمشاريع مجهولة المصير ومختبرات الأبحاث والمعامل الصغيرة.. حين تُضخ في كل هذه مبالغ موازية لما ينفق في سوق انتقالات اللاعبين.. عندها ستكون عندنا حركة علمية ابتكارية واختراعية "لا بأس بها".. لاحظوا أن أكثرنا غير راضين حتى عن أداء منتخابتنا إلى الآن!
طبعاً بقي الكلام عن الجامعات. وهذه تلام.. إنما ليس وحدها. الجامعات ليست مصانع، ولا ورشا، ولا منافذ لطرح المنتجات في الأسواق. الجامعات والمعاهد الفنية وظيفتها تخريج العقول والمهارات وتقديمها لـ (سوق العمل). أين هو هذا السوق وأين إدارات البحث والتطوير بالشركات؟ كم مبتكر ومخترع يبحث كل منهم عمَّن يتبنى اختراعه ويسوقه له، لماذا يفترض أن تنتج الجامعات المزيد من هذا المخترع البائس الباحث عمن يكمل له نصف ابتكاره؟!
أعتقد أنكم الآن قد فهمتم لماذا تستفزني صفة "مخترع" وأختها "مبتكر". لا توجد عندنا المقومات الأساسية كي نتقمص هذه الحالات. نحن هكذا نشبه ساكن الربع الخالي الذي يقدم نفسه على أنه صيّاد سمك!
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس