رد: الملف الصحفي للتربية 3/5
الاقتصادية:الثلاثاء 1430/5/3 هـ. العدد 5678
رسالتي إلى وزير التربية
فواز حمد الفواز
"لدينا جميعا نظام الكفاءة. أمريكا تأخذ بكفاءة الموهبة؛ بينما نحن نأخذ بكفاءة الاختبار. هناك نواح من العقل لا تستطيع أن تختبرها مثل الإبداع والحس بالمغامرة والطموح، الأهم أن لدى أمريكا ثقافة تعليمية تتحدى العقلية التقليدية"
مقتطف من مقابلة مع وزير التعليم السنغافوري في مجلة نيوزويك عام 2008.
معالي الوزير ..
عندما تعرف أن أكثر من نصف سكان المملكة في سن التعليم العام والبقية هم نتائج التعليم العام تعرف مدى أهمية الدور المناط بكم. لا يخفى على أحد مدى الجدل القائم حول سياسة التعليم واستحقاقات ذلك التنموية والاقتصادية وعلاقته المباشرة مع سلامة وكفاءة المجتمع في المدى البعيد. تقليديا نسمع هذا الطرح كأن التعليم عملية مثالية معزولة عن حراك المجتمع من ناحية وعن مثالية جزئية أخرى تتقول على التعليم متناسية أن العملية التعليمية لا يمكن أن تكون عقلانية دون أن تكون وسيلة مباشرة للتقدم الاقتصادي، دون ذلك يصبح التعليم إما رياضة ذهنية أو مدخلا إلى عملية توظيفية بليدة. لخص لنا الوزير السنغافوري وضوح الرؤية من خلال اختيار النموذج. أكثر ما يميز أطروحاتنا هو عدم وضوح النموذج. فنحن نستهلك التغني بالوسطية على حساب الوضوح والحسم. ونعتقد أنه من الدهاء أن نمسك العصا من الوسط على حساب وضوح الرؤية والدفاع عن النموذج. وكما يقال: ليس هناك غداء مجاني. الرهان على الوسط هو رهان على أقل كفاءة يمكن الدفاع عنها، وهذا المستوى من الكفاءة لا يمكن أن يصنع مجتمعا يستطيع المنافسة في المديين المتوسط البعيد. لماذا يختار مجتمع هذا النموذج أو ذاك؟ لا أستطيع الجواب عن هذا السؤال فهو مرتبط بالمنابع التاريخية للمجتمع ومنعطفات نشوئه وتطوره وإرث من سبق في هذه الوزارة. ولعل المختصين في علم الاجتماع أقرب مني إلى الوعي بهذه الاستحقاقات وإفرازاتها. المهم عمليا أن هناك نموذجا آسيويا وهناك نموذج أمريكي، وليس هناك نموذج سعودي. المراقب اليوم للعملية التعليمية في المملكة يصعب أن يخرج بفهم واضح للرؤية أو حتى الخطة الاستراتيجية وعلاقتها بالاستحقاقات الاقتصادية. لعل أكبر مساهمة تقوم بها الوزارة هي الوصول إلى رؤية واستراتيجية واضحة لا لبس فيها تكون التنمية الشاملة هدفها ومعايير الكفاءة هي آليتها. عدا ذلك نعود إلى المثل الشعبي: "كنك يا مهنا ما غزيت". يعرف عن معاليكم الهدوء والوضوح في التفكير، ولن تكون العملية سهلة لا نظريا ولا عمليا ولكنها ضرورة. فريق جديد ومسؤولية كبيرة والمجتمع في حالة انتظار.
|