رد: الملف الصحفي للتربية 4/5
صحيفة اليوم:الأربعاء 4 جمادى الأولى 1430 العدد13102
فصل تعسفي .. وضغوط عملية .. واضطهاد .. في ظلال الرقيب النائم مدارس «خاصة» تمارس الظلم في حقـوق المعــلمات
تحقيق ـ محمد الشهري
معلمات المدارس الأهلية يعشن معاناة كبيرة تحتضن مستقبلا وظيفيا بلا أمان، فالإقالة عن العمل متوقعة في أي لحظة، والقلق المستمر يمنعهن من الإبداع والتميز، ويؤثر على أدائهن سلباً في الميدان التربوي والتعليمي، إضافة إلى أنهن يتقاضين مبلغاً متواضعا يتراوح ما بين 1000 إلى 2300 ريال شهريا وفق عقد سنوي قابل للتجديد فقط حسب رغبة مالك المدارس.
وخلاف ذلك من الإحباط الذي يغلف اليوم العملي لمعلمة المدارس الخاصة، كشفه لنا التحقيق التالي:
أعذار مختلقة
في البداية تقول المعلمة ع. الشمري : عملت في مدرسة أهلية بوظيفة معلمة رياض أطفال وتمهيدي لمدة تجاوزت سبع سنوات، وقبل بداية السنة الثامنة اتصلت إدارة المدرسة تطلب مني الحضور للأهمية، وعند مقابلتي المديرة أفادتني باستغناء المدرسة عن خدماتي بحجة أنني لا أجيب اتصالات أولياء الأمور على هاتفي الخاص، عندها حاولت أن أقنعها بعدم منطقية عذرها وأنه ما للمدرسة سوى العمل أثناء وقت الدوام الرسمي، وأنه من أبسط حقوقي ألا يعرف أي من أولياء الأمور هاتفي الخاص، ذلك أنه لا يتعين على أي مدرسة إلزام أي معلمة لديها بالرد على أولياء الأمور من هاتفها الجوال الخاص، وأن هذا الأمر لا ينبغي أن يكون إلا أثناء الدوام الرسمي ، ويكون فقط من خلال هواتف المدرسة فقط ، بعد ذلك حاولت المديرة أن تتهرب من الموضوع حتى أفصحت عن السبب الحقيقي لإقالتي قائلة : «العدد زايد» ، ولسان حالي يقول : (ليتك ساكتة) فالعذر أقبح من الذنب.
العمل مقابل المرتب
تقول «فاطمة» معلمة بإحدى المدارس الأهلية : إننا في هذه المدارس نكلف بأعمال تعجيزية تفوق الراتب بكثير فضلاً عن شرائنا الهدايا والوسائل التعليمية من ما لنا الخاص، مع العلم بأن هذه الرواتب الزهيدة التي لا تتجاوز 2500 ريال، وقد لا تصرف كل شهر بل تتأخر لشهر أو شهرين.
استغلال في أعمال إضافية
وتقول المعلمة نوره علي: «على الرغم من قيامنا بالتدريس إلا أن إدارة المدرسة تكلفنا بما لا نطيقه من أعمال إضافية، وأي أعمال تلك؟! من هذه الأعمال إعداد دوارات تدريبية للمعلمات وهذه ليست من اختصاصنا، كذلك القيام بتزيين وتنظيم الفصول الدراسية، والمشاركة في بيع أطباق تباع في أيام مفتوحة هدفها الكسب المادي، والتكليف بإعداد وإقامة المعارض الفنية، كل ذلك دون مقابل للمعلمة بل إن بعض المعلمات قمن بإعداد معارض وأعمال إضافية ليست من اختصاصهن وبتكلفة مادية كبيرة ولم يكن مقابل ذلك سوى الاستغناء عن خدماتهن.
العقود السنوية
وبالنسبة لمشاكل العقود السنوية التي تعاني منها كل متقدمة للعمل في المدارس الخاصة تقول إحدى المعلمات : لا نعلم مدى صحة العقود التي نوقع عليها، فعند غياب المعلمة يومي السبت والأربعاء سيخصم من راتبها ثلاثة أيام وذلك بحساب هذين اليومين مع الخميس والجمعة .. وماذا بعد ذلك من ظلم ؟
وتضيف زميلة للسابقة في نفس المدرسة : للعلم فإن بعض هذه المدارس لا توقع العقد بينها وبين المعلمة إلا بعد مرور شهرين أو ثلاثة وذلك بحجة أن هذه المعلمة تحت التدريب دون النظر إلى الخبرات السابقة وهذا كله من أجل توفير رواتب هذه الأشهر التي لم توقع المعلمة فيها العقد.
تهديد بالحسم
وقالت المعلمة «منى محمد» : في أغلب المدارس الأهلية تُلزم المعلمة بحضور دوام إضافي يوم الخميس وذلك من أجل الأعمال الإضافية التي لم تُستكمل في أيام الدراسة مع التهديد بالحسم في حالة الغياب، أما عن الدورات التدريبية المعدة، فتُلزم إدارة المدرسة جميع المعلمات بالحضور لهذه الدورات أيضاً يوم الخميس مع الخصم عند غيابهن، علماً بأن هذه الدورات بدون شهادات .
وأما الدورات التي تقدم من قبل الإشراف التربوي فبعد انتهاء الدورة نُطالَب بدفع مبالغ مالية عندما نرغب في استلام الشهادة كـ «دورات الاختبارات» بينما تمنح الشهادات مجاناً للمعلمات في المدارس الحكومية رغم الفارق الكبير بين الرواتب.
وأضافت : إنه في حال ما إذا رغبت معلمة مستجدة في الخروج من المدرسة وعدم إتمام العام الدراسي فإن إدارة المدرسة تطالبها بدفع راتب شهرين وإحضار بديلة لها من قبلها كثمن تدفعه المعلمة المستقيلة مقابل الفراغ الذي ستتركه المعلمة، وإن لم تفعل ذلك فستُحرم المعلمة من شهادة الخدمة بالإضافة إلى توقيع تنازل خطي من المعلمة عن راتبها الأخير.
نصاب الحصص
أما من الجانب العملي فقد عبر عدد من المعلمات عن استيائهن من ارتفاع نصاب الحصص المقررة عليهن فتقول إحداهن : نصاب الحصص لدى بعض المعلمات قد يتجاوز 24 حصة دراسية إلى أن يصل إلى 30 حصة، بالإضافة إلى الحصص الإضافية والمناوبات وريادة الفصول والأنشطة فأي طاقةٍ لهذه المعلمة ؟!
وتقول أخرى في نفس الجانب : رغم كل هذا الضغط النفسي والجسدي تُطالَب المعلمة بالإبداع وهي لا تجد أحياناً الوقت لتناول طعام الإفطار وذلك لتكدس الحصص والمناوبات.
إجازة الأمومة أسبوعان فقط
وذكر عدد من المعلمات أن إجازة الأمومة التي تقدم لهن لا تتجاوز أسبوعين فقط وذلك لأنها في مدرسة أهلية بينما تصل إجازة المعلمة في المدارس الحكومية إلى شهرين قابلة للزيادة.
وتقول إحدى المعلمات «أم محمد» : هذا التلاعب وغيره سببه يكمن في أن هذه الأمور تدور بين هذه الإدارات السيئة والمعلمة مباشرة دون اطلاع أي جهة رقابية أخرى، لدرجة أن بعض المدارس تطلب من المعلمة أن تقوم بشراء مكتبها من حسابها الخاص، فلو كان هناك نموذج لعقد عمل موحّد صادر من الإدارة العامة للتعليم الأهلي بوزارة التربية والتعليم، عقد عمل يلزم جميع المدارس الأهلية بالتعاقد من خلاله مع من يرغب في العمل لديها في وظائف إدارية أو تعليمية، ويوضح بالعقد البنود الرئيسة والالتزامات والمستحقات لكل طرف، إضافة لخانات تتم تعبئتها بالاتفاق بين الموظف والمدرسة عند توقيع العقد كالمعلومات الشخصية والراتب وترسل نسخة منه للوزارة، عندها ستقوم الوزارة بإيقاف أي تلاعب أو تحايل أو ظلم، وبذلك نضمن سير الحركة التعليمية بكل وضوح وإخلاص فالعقد شريعة المتعاقدين، عندها ومتى ما أحس المعلم أو المعلمة بأنه يأخذ حقه بالعدل دون نقص فإن إنتاجه يتضاعف وهذا سينعكس على الطلاب والطالبات.
كما طالب عدد كبير من المعلمات في المدارس الأهلية وزارة التربية والتعليم بسرعة التدخل في حل مشكلاتهن والوقوف ضد أي قرارات داخلية لم ترفع بها الوزارة مطالبين الوزارة بتخفيف الضغوط عليهن سواء من الناحية العملية أو من الناحية المادية.
استشارة في أثر الضغوطات على الإنتاج العلمي
من الجهة الأخرى، أشار المستشار التربوي الدكتور «خالد الصقعبي» إلى أن هناك مشاكل عدة في المدارس الأهلية خاصةً مدارس البنات، وأضاف : « فقد تكلف المعلمة بأعمال لا تطيقها من قبل إدارة المدرسة وهذه الأعمال إذا نظرنا لها من الناحية الشرعية فهي أعمال لا بد أن تلتزم بها المعلمة لأنها من ضمن العقد الموقع عليه من قبل المعلمة، وهي تحت تصرف إدارة المدرسة خصوصاً في القرارات الداخلية، ولكن عدم وجود الجهة الرقابية التي تكفل للمعلمة حقوقها خاصة في «القرارات الداخلية» للمدرسة يجبر المعلمة على مجاراة إدارة المدرسة في أنظمتها وقوانينها التعسفية بغض النظر عن صحة هذه الأنظمة من خطئها، أما القرارات الخارجية فتأتي من وزارة التربية والتعليم.
وأضاف د.الصقعبي: «أما من الناحية النفسية والتربوية فبلا شك أن هذا فيه تأثير كبير على نفسية المعلمة وبالتالي سوف تنخفض إنتاجيتها وربما أحياناً يدفعها ذلك إلى عدم المبالاة في قضية الإنتاجية العملية، إضافةً إلى يقينها بأن الطالبة لا بد أن تنجح في آخر العام رغما عن الجميع، وهذه العوامل ربما تدفع المعلمة إلى عدم بذل الجهد المطلوب منها ، وكثير من المعلمات تكلف بأعمال في غير اختصاصها وخارجة عن طاقتها دون أي بدلات أو علاوات أو حتى حوافز مما يضطرها إلى العمل بقدر الراتب المعطى لها وبالتالي تصبح المخرجات التعليمية ضعيفة بالنسبة للطالبة ودليل ذلك من تخرجن من بعض المدارس الأهلية بمعدلات عالية وتقدمن بعد ذلك إلى الجامعات أو الكليات وبعد إنهاء المقابلات الشخصية لهن ظهر أن المحصلة التعليمية لديهن ضعيفة ونظام التقويم والقياس المطبق الآن يشهد بذلك، وأخيراً نقول: كلما كان الجو مهيأً للمعلمة من ناحية الاستقرار الوظيفي كانت مخرجات التعليم جيدة خاصةً للطالبات».
|