بندر محسن (سبق) الرياض:
أكد الشيخ صالح آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية أن الشريعة الإسلامية جاءت مؤكدة للأمن الفكري، وقسم آل الشيخ الأمن لنوعين: أمن الأبدان، وأمن الأديان، لافتا النظر إلى كرسي الأمير نايف بن عبد العزيز لدراسات الأمن الفكري، الذي يؤصل للبحث الجاد في هذا الموضوع، الانطلاقة يجب أن تكون من أمن الفكر.
وأكد التفاوت بين أئمة المساجد ،موضحاً أن الوزارة تقوم بعدة طرق للحد من هذا التفاوت حيث تخضع جميع أئمة المساجد إلى المناقشات مع لجان شرعية عالية ميدانية و مركزية، حيث يتم استدعاء الأمام أو الخطيب أو مدرس الحلقة من أجل تعديل مفاهيم الإعتدال لديه، كما أننا نوجه الجميع إلى الدخول في الدورات التأهيلية التي تنظمها الوزارة.
وقال عقب ترؤسه الجلسة الثالثة بجامعة الملك سعود بقاعة حمد الجاسر والتي حملت عنوان " الأمن الفكري، تأصيل المعالجات الشرعية " ، إن "استغلال النصوص وتأويلها كان الوسيلة الأساسية للخوارج عندما قتلوا الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو يقرأ القرآن في بيته، وذلك بناء على شبهتهم في مسائل المال والولايات، وكذلك أقدم الخوارج على قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه بسبب شبهتهم في تحكيم القرآن والحكم بغير ما أنزل الله". وأثنى آل الشيخ على أوراق المحاضرين الذين قدموا أوراقهم في فعاليات اليوم الثاني من أيام المؤتمر الوطني للأمن الفكري.
وتحدث في الجلسة الدكتور عبدالله الغملاس الأستاذ المساعد بكلية الملك عبدالعزيز الحربية عن قضية النصوص الشرعية المتشابهة تشابها نسبيا، أو المتشابهة تشابها إضافيا كما يطلقه عليها علماء آخرون، مؤكدا أن "تأويل المتشابه له قواعده عند الراسخين في العلم، وأن من طرق طريق العلم الراسخ في تأويل النصوص المتشابهة ركب معتقدات سيئة".
وبين الغملاس في ورقته أن "الغرض من وضع الله تعالى المتشابه في هو ابتلاء العقول والقلوب وأن طريقة أهل العلم الراسخين في ذلك هي رد المتشابه إلى المحكم من كتاب الله".
من جهته تحدث الدكتور عبدالله الجوسي استاذ مشارك بجامعة اليرموك بالأردن عن الأمن النفسي ومقوماته في العقيدة والشريعة، لافتا إلى أهمية الأمن في القرآن، "حيث ذكرت مفردة أمن في القرآن 800 مرة".
وأوضح الجوسي أن "سلامة الفكر مطلب رئيسي للأمن النفسي"، مقدما نماذج من أثر الفكر في السلوك في القرآن وتبادلية الفكر والسلوك في التأثير، وفي نهاية ورقته أوصى "بتصدي المربين لعلاج خوارق الأمن الفكري وإلى أن تهتم الدول بتأمين حاجات أفرادها لتحقيق الأمن الفكري والنفسي لهم".
واتجهت ورقة الدكتور مشرف الزهراني أستاذ مشارك بجامعة الملك سعود إلى توصيف التجربة التاريخية لصدر الإسلام في مواجهة تحديات الأمن الفكري، وحدد أهم ملامح الانحراف الفكري في صدر الإسلام في عدة محاور من بينها: النفاق وما تطور عنه، موجها إلى "اعتماد الوسطية طريقا إلى الحل، بما لا يتعارض مع أخذ عناصر الواقع المعاصر في الاعتبار". وأوصى الزهراني بخطوات للحل تتمثل في وجوب أخذ الباحثين في عنايتهم توصيف الفكرة المنحرفة وتتبع تطورها وعوامل هذا التطور ومظاهره، مشددا على موقف العلماء والحكام وأجهزة الدولة، ومسؤولية الجهات العلمية والثقافية، مع أهمية أخذ الحاكم بالحزم في الأمور المتعلقة بأمن الفرد والمجتمع.
وتحدث الدكتور عبد الرحمن مدخلي أستاذ مشارك بجامعة جيزان عن أهمية تأصيل جانب شمولية الفقه في الدين في التعامل مع المخالف، لافتا إلى أن الفقه في الإسلام معناه الفهم وفهم الدين أيضا، وله جوانب مهمة في تحقيق مفهوم الأمن الفكري وأسس التعامل مع الآخر. وأوصى بتشكيل لجان متخصصة تنبثق عن رابطة العالم الإسلامي وغيرها من المنظمات الإسلامية، وأن تهتم هذه اللجان بالعناية بالفقه ودوره في توطيد الأمن الفكري، مشددا على أهمية دور وسائل الإعلام والمسؤولية التي تقع على عاتقها في هذا الشأن.
أما ورقة الدكتور عبد اللطيف الحفظي أستاذ مشارك بجامعة الملك خالد فقد عنيت ببحث الصلة بين الفكر والاعتقاد وعملية تبادل التأثر والتاثير بينهما، واشار إلى أن الأمن الفكري لا بد فيه من مقتضيات من أهمها "نبذ الآراء الفاسدة التي لا أصل لها والمنطلقة من الأهواء، وإيجاب التحاكم إلى الكتاب والسنة عند حصول النزاع الفكري"، مؤكدا على عقيدة الولاء والبراء ومعناها الشرعي، مبينا بعض الصور المغلوطة لما يعتقده المخربون من أنه من أصل البراء.
وفي ختام الجلسة قدم الدكتور حامد الجدعاني أستاذ مشارك بجامعة أم القرى مختصرا لورقته التي بين أنها "تهدف إلى توضيح الأساليب الشرعية في مواجهة الأفكار المتطرفة الهدامة"، معتمدا في ذلك المنهج الوصفي البحثي، الذي أخذت ورقته تقدم تعريفا له وبيانا لأهميته وأسباب نشوء الأفكار الضالة وأهدافها وطرقها في الوصول إلى أهدافها، وأثنى بوضوح على جهود المملكة العربية السعودية في مجابهتها.
وبيّن الجدعاني أن الأمن الفكري يقرر حماية وصيانة معتقدات الأمة وقيمها من الانحراف، ووجوب التصدي "بالمرصاد" لكل من يحمل في طياته الغلو والتطرف. داعيا إلى اعتماد وإقرار مشروع وطني لحماية الأمن الفكري وتعزيزه من قبل الجهات الحكومية العليا .