رد: الملف الصحفي للتربية الثلاثاء 24/5
الرياض:الثلاثاء 24 جمادي الأولى 1430هـ العدد 14939
التفكير بصوت التربية ... مئة يوم تطوى
د.عبد الله بن موسى الطاير
تخدم وزارة التربية والتعليم حوالي 6 ملايين نسمة بين معلمين وطلاب وإداريين، إضافة إلى المباني والتجهيزات والمناهج والمقررات وخلافه؛ وهي تعد بذلك أكبر وزارة سعودية على الإطلاق. وبسبب مركزيتها يغرق الوزير منذ اللحظة الأولى لتعيينه في تفاصيل التنفيذ، ويصرف جل وقته بين أكوام المعاملات التي تطارده إلى مخدع نومه.
بعد أيام قليلة ينهي سمو وزير التربية والتعليم مئة يوم من الإنصات والمشاورات ومراجعة المقترحات، ليبدأ بقرارات نتوقع أنها تنسجم ومستوى طموحات القيادة والوطن في سموه كوزير جاء بأجندة تغيير لا يعرف أحد حتى الآن معالمها. ومن وجهة نظري فإن أهم ما يجب أن يطاله التغيير هو المركزية في القرار؛ وما يجب أن يكون عليه مستقبل الوزارة هو استقلالية شبه كاملة للمناطق التعليمية.مثل اختيار القيادات الإدارية المناسبة للمناطق التعليمية واعطائهم الصلاحيات ثم متابعتهم. ربما هناك من يعارض هذا التوجه بحجج عديدة كالتشكيك في قدرات ونزاهة قيادات المناطق التعليمية. وستبدو قائمة المعارضين للفكرة طويلة وربما مقنعة، لكن قائمة المؤيدين للإصلاح أطول وأكثر إقناعا وتحتاج إلى من يسمعها ويتبناها بقوة.
العرب يجيدون التنافس أكثر مما يجيدون العمل الجماعي، فليكن ذلك، ولتتنافس في الجودة والإنجاز. فتوزيع الميزانيات وفتح المدارس وإغلاقها، وتعيين المعلمين والإداريين ونقلهم، وتدريبهم وعقابهم ومكافأتهم. إعطاء حق طباعة الكتب، وإنشاء المباني، وتدوير مديري المدارس دون العودة لمقر الوزارة. وليكن نجاح مثالا للبقية، ولتكن الأخطاء التي ترتكبها محصورة في محيطها فيسهل الإصلاح. . ربما تبدو هذه الفكرة تغريدا خارج السرب لكنها ليست عبطا ولا تجربة جديدة، فالتعليم في أوروبا وأمريكا الذي نعتبره قدوة في تربية الإنسان وتعليمه يعتمد عدم المركزية، ولا أعتقد أن أحدا يشكك في نجاحهم.
بهذا التغيير ستجدالوزارة الوقت الكافي للتخطيط ومراقبة المشهد كاملا، وتكريس الجودة في التعليم، سوف يتمكن المسؤولون من استشراف المستقبل، وسيكون البناء المؤسسي قابلاً للتكامل مع أية جهود قادمة لنستفيد من تراكم الخبرة . نحن بحاجة إلى مؤسسات تربوية تخرج لنا أجيالاً هي بحق ثروات الوطن التي لا تنضب.
|