ساهر 5000 كاميرا رقمية تضبط المخالفات المرورية
الرياض: معيض الحارثي
ماذا يجري في مرور الرياض؟! حركة غير عادية ورصد ميداني دقيق لكل صغيرة وكبيرة، وتجارب تقنية وبشرية بلا توقف.. كاميرات خلفية وأخرى أمامية، وخريطة رقمية تتضمن أكثر من 800 ألف معلومة عن الإحداثيات وأسماء الشوارع وأرقام المنازل.. وكلمة السر "ساهر"، و"ساهر" هو نظام الضبط المروري الإلكتروني الذي يضم أكثر من 5000 كاميرا آلية ستواصل عملها في مناطق ومحافظات المملكة.. وتعمل هذه الكاميرات بنظام دقيق لرصد الحركة المرورية والمخالفات المرورية ونظام لإدارة الأزمات وترتبط المعلومات التي تنقلها بمركز المعلومات الوطني الذي بدوره يستخرج معلومات المركبة من قاعدة البيانات والتحقق من المخالفة وإصدارها ليصل إشعار بنوع المخالفة للسائق عبر رسائل الجوال والبريد الإلكتروني.
ويتميز النظام بوجود كاميرات أماميّة تلتقط صورة للوحة السيارة والسائق المخالف, وجهاز استشعار لرصد مخالفة تجاوز الإشارة الضوئية, وكاميرات خلفية لالتقاط صورة السيارة وحالة الإشارة الضوئية لحظة مرورها, ومزودة بـ "فلاش تصوير" يضيء أثناء التقاط صورة لوحة السيارة وقائدها لحظة ارتكاب المخالفة.
وروعي في النظام محافظته على العادات والتقاليد والمحافظة على الخصوصية حيث تلتقط الصور جزء المركبة الذي يجلس به السائق ولا يظهر المقعد الآخر الذي قد تجلس به عائلته.
ولا يتوقف هذا المشروع على هذه الكاميرات فحسب بل هو منظومة متكاملة من الأنظمة المتطورة في تشغيل وإدارة الحركة المرورية آليا, والتحكم المروري, وتتبع المركبات, ونظام للتعرف على المركبات عن طريق ضبط أرقام لوحاتها.
زيارة ميدانية
وشاهدت "الوطن" خلال زيارة مركز القيادة والتحكم بمرور الرياض أمس تطبيق المشروع في مرحلته التجريبية حيث يتميز بدقة متناهية وصور واضحة لحركة المرور عبر شاشات إلكترونية حديثة تنقل الحركة المرورية مباشرة وفق تحكم آلي دقيق, وعند الإبلاغ عن الحوادث تُنقل المعلومات مباشرة على الشاشة وتظهر إحداثيات الموقع ومعلومات مفصلة عنه وكيفية مباشرته من قبل رجال المرور الميدانيين.
كما يعطي النظام صورة مباشرة لحالات وقوع الحوادث ويتم التدخل مباشرة من مركز التحكم بتوجيه دورية لمباشرة الحادث حيث تصل في بضع دقائق, ويحتوي المركز على 22 محطة صغيرة متطورة كل واحدة مجهزة بـ 3 شاشات متجاورة الأولى تحتوي على "خريطة رقميّة" مزودة بـ800 ألف معلومة عن الإحداثيات وأسماء الشوارع وأرقام المنازل التي تظهر بشكل واضح بالتعاون مع الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض.
والأخرى لإدارة البلاغات ومعرفة مواقع الحوادث وآلية التعامل معها, والثالثة لعرض بيانات مركز المعلومات الوطني للاستفسار عن المركبات وملاكها, ويجلس خلف كل محطة رجل مرور يستقبل البلاغات ويتابع الحركة المرورية والتعامل مع الحوادث.
ويشرف على هذه المحطات جميعها رجل مرور مهمته التنسيق ميدانيا وإدارة المحطات الإلكترونية, وحل المشكلات التي قد تواجه الأفراد في التواصل مع الميدان والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة بالعمل المروري كالهلال الأحمر والأمانة.
المقبل يتحدث
وقال مدير مرور منطقة الرياض العقيد عبدالرحمن المقبل الذي أخذ "الوطن" في جولة ميدانية لمركز القيادة والتحكم إن فكرة هذا المشروع المتطور بدأت من مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز قبل بضع سنوات وتبنتها وزارة الداخلية بمتابعة شخصية من سموه للمشروع من بدايته والتأكد من مطابقته للشروط والمواصفات, وتم طرحه في مناقصة عامة وتم ترسيته على 3 شركات منعا للاحتكار.
وحتى يكون هناك تنافس للرفع من مستوى تقديم الخدمة بهدف رفع مستوى السلامة المرورية والحد من الحوادث والوفيات, والالتزام بتحقيق أفضل معايير السلامة المرورية على الطرق من خلال استخدام أحدث التقنيات المتقدمة، وتمكين العاملين في جهاز المرور من أداء مهامهم ورفع مستوى الأداء, ولفت المقبل إلى أن المشروع يديره سعوديون ولا يشبه أي نظام آخر في العالم بل يتفوق على كل الأنظمة المرورية بارتباطه بشبكة لا سلكية ستكون بشراكة مع شركة الاتصالات السعودية, كما يتميز بدقته المتناهية, وإمكانية تشغيله ليلا ونهارا وفي الظروف الجوية المختلفة كالأمطار والعواصف الترابية.
وأشار إلى أنه لن يتم التخلي عن التواجد الميداني لرجال المرور ولا عن المرور السري وسيكون النظام الجديد مكملا لعملهم ومتماشيا مع التطور التقني, وعاملا مساعدا لرفع كفاءة التشغيل والإدارة وتطبيق الأنظمة المرورية, مشيرا إلى أن المشروع لا يتوقف على الكاميرات فقط بل ينقسم إلى عدة أنظمة وهي:
* نظام الضبط الإلكتروني للمخالفات: ويرتبط آليا بوسائل اتصال آمنة من موقع الحدث إلى مركز المعالجة وقاعدة البيانات ومن ثم إلى مركز المعلومات الوطني بدون تدخل بشري, وتعمل الكاميرات بالتسجيل الرقمي التصويري للمركبات المخالفة.
أي أنه يمكن تغطية طريق كامل محدد المداخل والمخارج بأقل تكلفة وأدق أنظمة, فمثلا عندما تكون المسافة بين المخرج أ و ب معلومة كـ100 كيلو متر والسرعة المحددة 100 كلم في الساعة فإن الجهاز سيشعر بوصول المركبة في مدة زمنية أقصر وحينها يقوم بحساب المسافة على الزمن لإظهار السرعة الحقيقية للمركبة.
ولفت المقبل إلى أن هذه الكاميرات ستتصل بمركز معالجة إلكتروني يقوم باستقبال معلومات عن المركبة والمالك ورقم اللوحة واللون ومطابقتها مع قاعدة البيانات والتأكد من صحتها دون تدخل بشري ويشعر صاحبها بنوع المخالفة التي سترسل على رقم جواله أو بريده الإلكتروني (بعد أن يكون سجل وحدث بياناته في مركز المعلومات الوطني) لافتا إلى أنه تم التنسيق مع مركز المعلومات لضمان تحديث بيانات جميع أصحاب المركبات قبل بدء تشغيل المشروع.
* نظام تشغيل وإدارة الحركة المرورية آليا: ويوفر هذا النظام أجهزة تحكم متطورة تتصل بمركز القيادة وتقوم بإحصاء عدد المركبات بكل اتجاه وإعطاء الزمن الكافي للمرور حسب كثافة المركبات في كل اتجاهات الطرق المتقاطعة أي أن زمن الإشارة الضوئية لن يكون ثابتا وإنما يحدد حسب المتغيرات وأنماط الحركة المرورية على مدار الساعة, ويكون التحكم في هذه الإشارات من مركز القيادة بحيث تخضع إلى أنظمة متطورة فيما يسمى بـ"إدارة الأزمات" ويطبق حاليا في مراحله التجريبية بالرياض.
* نظام مركز القيادة والتحكم المروري: وسيتم بناء هذه المراكز في المناطق الشمالية والجنوبية والشرقية والغربية لتضاف للمركز القائم حاليا في المنطقة الوسطى وترتبط جميعها بمركز المعالجة للمخالفات المرورية لتتاح سهولة المتابعة وتشغيل المشروع.
* نظام تتبع المركبات وتحديد مواقع مركبات المرور ويتم عبر نظام ( R.p.l) الذي يرصد المركبات عن طريق التعرف على أرقام لوحاتها بنظام الرصد الآلي لمن يرتكبون الحوادث ويهربون من الموقع حيث يتم تسجيل تتبع السيارة المخالفة والتقاط رقم لوحتها وإدخاله في النظام وعند اقترابها من دورية مرور يعطي الجهاز المزود به الدورية إشارة لرجل المرور التي يقودها بأن السيارة المطلوبة في نطاق الموقع الذي يتواجد فيه مما يسهل القبض عليها. وأشار المقبل إلى أن وزارة الداخلية حريصة على إنجاح المشروع برفع كفاءة العاملين فيه وتدريب منسوبي المرور ليكتمل الأداء ميدانيا وإلكترونيا بتوجيهات من مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية الأمير محمد بن نايف الذي يؤكد دائما على أهمية التدريب قبل البدء في العمل وبعده, مضيفا أنه سيتم تدريب غالبية منسوبي المرور داخل وخارج المملكة لمتابعة وتشغيل الأنظمة خلال فترة التشغيل.
وأبدى المقبل تفاؤله بنجاح المشروع الذي سينطلق بعد أشهر قليلة بعد أن تنتهي فترة الحملات التوعوية والتعريفية بالنظام الجديد, وأن ينعكس إيجابا على مستوى السلامة المرورية في وطننا الغالي, وأن يساهم في الحد من الوفيات والإصابات وهدر الممتلكات الناتجة عن ارتكاب المخالفات المرورية.