رد: الملف الصحفي للتربية الاحد 29/5
الوطن :الأحد 29 جمادى الأولى 1430 هـ العدد 3159
التعليم المختطف!
سليمان محمد المنديل
عندما انتهيت من قراءة كتاب "إصلاح التعليم في السعودية" للدكتور أحمد العيسى، شعرت كمن كان يمشي في الصحراء، وفجأة وجد قطعة حجر يكسوها الرمل، وعندما أزال الرمل اكتشف أنها قطعة ألماس . ووجه المقارنة هي أنني اكتشفت في الدكتور أحمد مربياً، ومعلماً متميزاً، تمكن في (157) صفحة من تحليل واقع التعليم، أو بالأصح مأساة التعليم في المملكة، ووضع الحلول لها . من يعمل في القطاع الخاص يعرف حجم المأساة، من خلال المقابلات مع طالبي العمل السعوديين من مختلف الأعمار، والمدارس، حيث إن العامل المشترك لأغلبهم هو ضحالة الفكر، وضعف الشخصية، وركاكة الأجوبة، شفوية كانت، أو مكتوبة . كل ذلك حدث، ويحدث بسبب نظام التعليم، واعتماده على الحفظ والتلقين، بدلاً من البحث والتفكير . يذكرنا الدكتور أحمد، بأن التعليم، ومنذ خمسة عقود، أصبح ضحية التجاذبات السياسية، والتي انتهت بتولي التيار الإسلامي، بقيادة حركة الإخوان المسلمين، الإشراف على نظامنا التعليمي، وهو ما قامت به بكل جد ونشاط، حتى أصبحت قضايا الجهاد محورية في مناهجنا، وأصبح رفض الآخر هو الأساس . وتجذرت ثقافة الحفظ والتلقين . يصف الدكتور أحمد وثيقة سياسة التعليم في المملكة، والتي أقرت في عام 1968م، كخارطة طريق لما تلاها، ويصف تلك الوثيقة بأنها: "تعبر عن سياسة أمة خائفة على دينها، وتراثها، وقيمها، ولذلك فهي تكبل النظام التعليمي، برؤية سياسية إيديولوجية أحادية، أقحمت التعليم في القضايا السياسية" . ويذكر مثلاً من الوثيقة، حيث تقول: "ضرورة التضامن الإسلامي في سبيل جمع كلمة المسلمين، وتعاونهم، والدعوة إلى الإسلام في مشارق الأرض، ومغاربها، والجهاد في سبيل الله، باعتباره فريضة محكمة، وسنة متبعة، وضرورة قائمة" . كل ذلك صاحبه تجاهل متعمد للمواد العلمية، بحيث انخفض عدد حصصها مقارنة بمواد الدين، واللغة، وصاحب ذلك تبرير غريب بأن احتياجات المجتمع من تلك التخصصات العلمية يمكن استجلابها بتمويل من بيت المال؟!! والسؤال الذي أتمنى أن يجيب عليه أولئك المنظرون هو: ماذا لو انخفض سعر برميل البترول، وعانينا عجزاً مالياً في بيت المال، فهل سيكون اقتراح أولئك المنظرين الشروع في غزوات هدفها الفيء، والسبي، والسلب، والفدية، لغرض تمويل احتياجاتنا المالية؟!!الكتاب جدير بالاقتناء، والقراءة، وكم أتمنى أن يستفاد من مثل خبرات الدكتور أحمد، في المساهمة بإصلاح نظامنا التعليمي!!
|