للأمان سر
الموافقة على نظام أندية السيارات والدراجات النارية تضفي الأمان على الشوارع
الدمام: فوزان آل يتيم
لسنوات طويلة، بقي هواة مغامرات سباقات وقيادة السيارات والدراجات النارية عرضة للمطاردة هنا وهناك من قبل الجهات المختصة، وقبل ذلك عرضة لخطر محدق بهم، يطاردهم في كل الزوايا، خصوصاً حين ممارستهم لهواية التفحيط التي حصدت كثيراً من الأرواح، وقادت كثيرين لأروقة المستشفيات وأخرجت بعضهم بعاهات دائمة.
وبقيت الفجوة بين الراغبين بهذه الهوايات، وهم كثر، وبين الممارسة السليمة الآمنة لها قائمة، حتى جاء قرار مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة التي عقدت الاثنين الفائت ليردم تلك الفجوة عبر موافقته على نظام أندية السيارات والدراجات النارية بما يتيح استثمار أوقات فراغ الشباب وإيجاد الأماكن المناسبة دولياً لممارسة هواية رياضة السيارات والدراجات النارية، وفتح مدارس لتعليم مهارات هذه الرياضة.
وجاءت موافقة مجلس الوزراء على النظام بعد النظر في قراري مجلس الشورى رقم (35/23) وتاريخ 22/5/1427هـ ورقم (87/60) وتاريخ 30/12/1429هـ، وقد أعد مرسوم ملكي بالموافقة على النظام الذي أعد أبرز ملامحه:
1 – استثمار أوقات فراغ الشباب وإيجاد الأماكن المناسبة دولياً لممارسة هواية رياضة السيارات والدراجات النارية.
2 – فتح مدارس لتعليم مهارات رياضة السيارات والدراجات النارية وفق القواعد المعتمدة من الاتحاد السعودي للسيارات والدراجات النارية.
3 – تتولى الرئاسة العامة لرعاية الشباب الإشراف على أندية السيارات والدراجات النارية.
وتلقف الرياضيون المهتمون بهذه الرياضة القرار بكثير من الترحاب، ورأى فيه كثيرون وضع حد لهدر الأرواح الذي شهدته طرقاتنا وتجمعات شبابنا، وسبيلاً لإسباغ مزيد من سبل السلامة على ممارسة هذه الهواية وفق معايير تجنب الممارسين لها المخاطر، وتنظم نشاطهم وفق ضوابط تشغل أوقاتهم بالمفيد، وتذكي بينهم روح التنافس غير المحفوف بالأخطار.
تنفس الصعداء
"تنفسنا الصعداء بعد أن عرفنا بصدور القرار من قبل مجلس الوزراء"، بهذه العبارة بدأ أحد أكبر وأشهر منظمي سباق السيارات في المملكة، وربما أولهم عبدالله باخشب حديثه الخاص لـ"الوطن" معلقاً على صدور القرار، وقال "جاء القرار في وقته فعلاً، فقد كنا بانتظاره منذ عدة سنوات، شارفت على السبع، وكان تلهفنا عليه ينبع من هدفنا الرئيس الذي كنا نبحث عنه ونتطلع إليه، وهو نقل شبابنا من ممارساتهم الخاطئة في الشوارع العامة، إلى مزاولة هواياتهم في أماكن مخصصة لها، وبتنظيم معين، وبقواعد مقننة، وأماكن توفر لهم وللآخرين الأمان، والحمد لله أننا رأينا هذا القرار رسمياً، لا سيما بعد أن بدأت حلبتا الريم في الرياض وحلبة جدة العمل، حيث كان العمل فيهما يمضي حتى الآن بشكل مؤقت، وأعتقد الآن وبعد صدور هذا القرار أننا انتهينا من الوضع المؤقت، وصار بالإمكان وضع خطط بعيدة المدى واستقطاب مزيد من الهواة والراغبين في مزاولة هذه الرياضة".
ويضيف باخشب "الآن سيكون العمل على إنشاء أندية صغيرة لجمع أكبر عدد من شبابنا لنبدأ في تعليمهم وتثقيفهم على ممارسة مثل هذه الرياضات والهوايات بشكل سليم، علماً بأننا بدأنا بهذه الحملة التعليمية والتثقيفية منذ عام 1999م تقريباً، وكانت حينها عن القيادة الآمنة، وبالفعل عندما تبدأ مثل هذه الأندية بالعمل فسوف نسعى لمقابلة الشباب والبدء في تثقيفهم ونقلهم من الشوارع إلى الأماكن الآمنة والمناسبة لمثل هذه الرياضات".
وأشار باخشب إلى الجهود التي بذلتها الرئاسة العامة لرعاية الشباب برئاسة الأمير سلطان بن فهد لتشكيل اتحاد السيارات والدراجات النارية، وقال "وجه الرئيس العام بتشكيل اتحاد للسيارات والدراجات النارية برئاسة مشعل السديري، وأنا عضو في هذا الاتحاد، ورئيس للجنته الفنية، وقد سبق لنا كاتحاد أن رفعنا طلباً لمجلس الوزراء باعتماد نظام الأندية، وأرفقناه بكافة الأنظمة والقوانين والشروط، واليوم وبعد صدور قرار المجلس بالموافقة على النظام نتمنى أن يكون أول مردود له إن شاء الله هو الحد وبنسبة عالية من الممارسات الخاطئة التي تشاهد في الشوارع، خصوصاً أنه ستتاح لها وفق النظام ميادين تتوفر فيها شروط الأمن والسلامة للممارس وللمتابعين".
ويكشف باخشب أنه كان في وقت من الأوقات متهوراً في ممارسة هوايته المتعلقة بالسرعة في السيارات، ويقول "كنت شخصياً متهوراً في القيادة، وأمارس هذه الهواية في الشوارع كما يمارسها بعض الشباب إلى أن بدأت في الدخول بشكل منظم في سباقات السيارات، وبعدها هدأت قيادتي كثيراً في الشوارع، لأن السباقات أشبعت نهمي ورغبتي، ولذلك فأنا واثق أن صدور القرار، وإنشاء الأندية الخاصة بالسيارات والدراجات النارية سيساهم كثيراً في إيجاد الراحة لرجال المرور ويضفي مزيداً من الطمأنينة على السير في الشوارع، وسيوصل شبابنا إلى درجة طيبة من الوعي".
وتوقع باخشب أن تقتحم الاستثمارات من قبل القطاع الخاص عالم السيارات والدرجات النارية بشكل أوسع محلياً، وقال "كان هناك بعض الاستثمارات من القطاع الخاص في السابق، والآن
وبعد صدور القرار سيكون هناك إقبال أكبر من قبل الشركات والقطاعات الخاصة على هذه الرياضات.. صحيح أنها لن تكون استثمارات ضخمة لأن هذه الرياضة مكلفة، ولكن على الأقل سيزداد حجم الاستثمارات الحالية، ولا نتوقع مثلاً أن يصل إلى حجم حلبة سباقات الفورمولا واحد الموجودة في البحرين، ولكننا سنسعى لإقامة حلبات وأماكن مخصصة وبحجم مناسب، علاوة على أن هناك سعيا جادا لعمل حلبة إضافية في الرياض وأخرى في المنطقة الشرقية إلى جانب الموجودتين الآن في الرياض وجدة".
وشدد باخشب على أن القرار سيعود على منظمي السباقات بالنفع والراحة، وقال "نناشد الشركات والقطاعات الخاصة أن تساهم معنا في نقل شبابنا من الشوارع ومن الممارسات الخاطئة بالسيارات والدراجات النارية إلى الأماكن المخصصة لها بعيداً عن إزعاج الأهالي في الشوارع، بما يحد من التهور الذي تشهده شوارعنا".
تفاؤل
ويصف رئيس الاتحاد السعودي للسيارات والدراجات النارية مشعل السديري القرار بأنه تاريخي، وقال "نعد صدور مثل هذا القرار حدثاً تاريخياً يوازي في حجمه حجم إنشاء الاتحاد الخاص بهذه الرياضات، ومن خلاله سيبدأ انتشار مثل هذه الرياضات، وسيغطي كافة أنحاء المملكة، وسيصل إلى أكبر شريحة من الشباب الذين يمارسون هذه الهواية بشكل خاطىء في الوقت الحالي، والذين بات بإمكانهم الآن أن يمارسوا هذه الأنشطة بشكل آمن وبعيد عن المشاكل والإزعاجات والأخطار".
ويضيف "من خلال هذا القرار ستكون هناك أندية وأماكن مخصصة وتحت أنظمة وقوانين ناظمة وضابطة، وهنا لايسعنا كاتحاد للعبة سوى التقدم بالشكر والتقدير لقيادتنا الحكيمة على الاهتمام بكل ما هو مرتبط بالشباب، إلى جانب شكرنا وتقديرنا لقيادتنا الرياضية برئاسة الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير سلطان بن فهد ونائبه الأمير نواف بن فيصل على الدعم الذي يحظى به الشباب والرياضة في هذا الوطن".
وحول الاستثمارات التي يتوقع أن تشهد قفزة في مجال هذه الرياضات بعد القرار، يقول السديري "في الواقع مثل هذا القرار سيفتح المجال بشكل أكبر وأوسع بالنسبة للقطاع الخاص للمزيد من الاستثمار في هذه الرياضات، وأعتقد أنه ربما ينظر في الأماكن التي لا يوجد فيها حلبات خاصة، وهذا بكل تأكيد من اختصاص الرئاسة العامة لرعاية الشباب التي لا تألو جهداً في دعم الشباب، كما أنها دائماً وأبداً تفتح المجال أمام القطاع الخاص للاستثمار في المجالات والأنشطة الشبابية، ولهذا نتوقع مزيداً من الاستثمارات المفيدة والمجزية وذات المردود الإيجابي مادياً ومعنوياً".
نقل الهواية إلى الاحتراف
من جانبه شدد رئيس مجلس إدارة حلبة الريم في الرياض الأمير سلطان بن بندر الفيصل أن كل المهتمين برياضة السيارات والدراجات النارية كانوا ينتظرون صدور هذا القرار منذ سنوات، وأن طلب الموافقة على اعتماد النظام ظل لدى مجلس الشورى لفترة، مبدياً سعادته بأن القرار حظي أخيراً بموافقة خادم الحرمين الشريفين لإصدار تنظيم للأندية والموافقة عليها بشكل رسمي ليتمكن الجميع من ممارسة هذه الرياضة بعيداً عن المشاكل والأخطار، مشدداً على أن مثل هذا القرار سيخدمهم كمستثمرين ومنظمين لهذه الرياضات بشكل أكبر.
ويضيف الأمير سلطان "نرى أن هذا القرار سيزيل كثيراً من العوائق والعقبات من الناحية الاجتماعية والإدارية، خصوصاً أن هذا القرار صدر من السلطة العليا، وسيسهل علينا كثيراً من الأمور، وسيحفز الشركات الخاصة لدخول مزيد من الاستثمارات في هذا المجال بعد أن أصبح الوضع رسمياً وبشكل كامل، وهذا سيصب في مصلحة الجميع سواء الشركات المستثمرة أو ممارسي هذه الرياضات، خصوصاً أن الهدف الرئيس للجميع هو إبعاد الشباب عن الممارسات الخاطئة في الشوارع ونقلهم إلى أماكن آمنة ومتخصصة".
وكشف سموه عن وجود نية وخطة لديهم لإقامة حلبات أخرى سواء في الرياض إلى جانب حلبة الريم وكذلك في المنطقة الشرقية وبشكل مغاير عن حلبة الريم وبنوعية مختلفة، كما كشف أن لديهم خطة لإقامة أكاديمية لتعليم القيادة للنشء، خصوصاً أن الشباب ومن عمر الـ10 سنوات تبدأ هواياتهم بالتكشف، وبالذات المتعلقة بالسيارات، وسيتم من خلال هذه الأكاديمية استقطاب الشباب من الشوارع إلى ممارسة آمنة لهواياتهم.
وختم الأمير سلطان "عندما أعلنا في الصحف عن تنظيم أول سباق تمكنا في اليوم التالي من بيع جميع التذاكر، ولهذا سيكون لدينا خططنا في الموسم المقبل بشكل أكبر وأوسع من أجل تطوير هذه السباقات التي نسعى لتحويلها من بوابة الهواية إلى عالم الاحتراف، والتي ستعود بالنفع على شبابنا وعلى مملكتنا في المنافسات العربية والدولية إن شاء الله".