رد: الملف الصحفي للطباعة ليوم الجمعة 05-06-1430هـ
المدينة : الجمعة 5 جمادي الأخر 1430هـ - 29 مايو 2009م - العدد 16836
المَدْرَسَةُ مَصْدَرٌ للجَهْلِ..!
أحمد عبدالرحمن العرفج
تَتخطَّفنا الحَياة مُخرِجة زِينَتها... هُنَا إغرَاء، وهُناك فِتنَة، ومَا بينَهما إغوَاء وجَاذبيّة، وهَكذا يَتردَّد البَشر بين فِتنة مُعجَّلة، وزِينة مُؤجَّلة، لتَمر الأيَّام مُسرعة، وكأنَّها مِن سُرعتها قَد تَوقَّفت، كَما يَقول شَيخ النسبيّة «آينشتاين» بأنَّ ثَبات السُّرعة يَعني التَّوقُّف بصُورة مِن الصّور»!!الكُلّ يَرى أنَّ المَدرسة والدِّراسة مُولِّدة للذَّكاء، والمَرء يُقدَّر في المُجتمع بحَسب تَأهيله العِلمي، ولكن هَل المَدرسة بهَذا الوَصف؟!الإجابة تَقول: إنَّ التَّعليم والمَدرسة قَد يُساعِدَان عَلى التَّكلُّس، ويُساهِمَان في إثرَاء الغَبَاء، ويُشجِّعَان عَلى «التَّنبلة»، والشَّوَاهد الكَونيّة مَازالت تُثبت أنَّ الهَاربين مِن المَدرسة هُم مَن غيَّر اتجاه الكَون، بَل هُم مَن جَعل عَالي الدُّنيا سَافلها، خُذ مَثلاً عَلى ذَلك: الشَّاعر الفيلسُوف الهِندي «طَاغُور»، الذي وَصف المَدرسة بأنَّها تُعلِّم الصَّمت والغَبَاء، وليس فيها إلَّا إضَاعة الوَقت خِلال الوقُوف في الطَّابُور الصَّباحي، وهي تَئد الإبدَاع الذي يَتوارى خَلف الخَلف مِن عَصا المُعلِّم الغَليظة!!كَذلك الفيلسوف السَّاخِر «برنارد شو» وَصف المَدرسة بأنَّها أقسَى مِن السّجن، وقَال: يُمكنك أن تَسأل فِي السّجن، بينما الأسئلة فِي المَدرسة لا تَخرج عَن مَوضوع الدَّرس!!وثَالث المَجموعة.. السّياسي الفيلسوف «تشرتشل» يَقول بأنَّ أيَّام المَدرسة أسوَأ أيَّام عُمره.. والرَّابع الفيلسوف «كير كيغارد» حيث يُسمِّي المَدارس «مَصَانع المُعلَّبات»!!ولَدى مُحبِّي التَّعريب والعرُوبة، حَكيمنا العقَّاد الذي لَم يَحصل إلَّا عَلى الابتدائيّة، ومَع هَذا كَتَب عَن العَباقرة، وأعَاد صياغة التَّاريخ والثَّقافة العَربيّة!!والاسم الأهم في هَذه الكوكبة المُخترع العملاق «أديسون» مُخترع الكَهرباء، الذي طُرد مِن المَدرسة، الأمر الذي جَعله يَجلس فِي مُختبره، حَتى وَصل لأكثَر مِن مَائة اخترَاع، أهمها المصباح والأسمنت، ولَكَ أن تَتصوّر –قَارئي الكَريم- لَو أنَّ هَذا الشَّاب ذا الجُمجمة الصَّغيرة لَم يُطرد مِن المَدرسة، كيف سيَتم إضَاءة الكَون؟.. ولعَلّ هَذه هي حَسنة المَدرسة الوَحيدة، حين أقدَمت عَلى طَرد الطَّالب «الذَّكي»!!غَير أنَّ أهم الأسمَاء عَلى الإطلاق هو شَيخ النّسبيّة العملاق «آينشتاين»، هَذا التّلميذ الذي خَاصمه مُعلِّموه، وأَرسلوا لَه «لَفت نَظر» بتُهمة أنَّه تلميذ بَليد، ولَكن الأيَّام أثبتت أنَّه أعظم عَبقريّة عَرفها العَالم الحَديث، والبُلدَاء هُم أُولئك المُعلمون الذين فَعلوا خَيراً بطَرده!!ويَرجع بَعض البَاحثين حِدَّة الذَّكاء عند «آينشتاين» إلى حُبِّه لـ»العُزلَة»، وهي مِن هوايات الأنبيَاء والفَلاسفة والمُفكِّرين، إذ أنَّ العُزلة تَمنح الإنسَان قَدراً مِن التَّأمُّل، ومسَاحة مِن التَّبصُّر، ومَسافة مِن الإطرَاق، وانتظار «مَا لا يُنتظر»!!ألَم أَقُل إنَّ المَدرسة هي مَصدر للجَهل؟!.. ومَا أجمَل مَا قَال «تشيخوف» حين صَرخ قَائلا: (إنَّ الجَامعة تُعلِّم كُلّ شيء حَتى الغَبَاء)!!لقد بَرمجت المَدارس التَّلاميذ وشَكَّلت عقولهم، بحيث أصبحت عقولا «قِطَاريّة»؛ تَمشي عَلى «قُضبان المَنهج»، ومَتى حَادت عَنه فَقدت السّيطرَة عَلى نَفسها!!
|