عرض مشاركة واحدة
قديم 05-29-2009   رقم المشاركة : ( 9 )
صقر قريش
مشرف الأقسام التعليمية

الصورة الرمزية صقر قريش

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2814
تـاريخ التسجيـل : 22-08-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 31,556
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 596
قوة التـرشيــــح : صقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادة


صقر قريش غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الملف الصحفي للطباعة ليوم الجمعة 05-06-1430هـ

المدينة : الجمعة 5 جمادي الأخر 1430هـ - 29 مايو 2009م - العدد 16836
الإعلام التربوي والطفل اليتيم
علي يحيى الزهراني
أعلن وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله في مناسبة سابقة بأن المملكة ماضية في اتجاه التحوّل نحو المجتمع المعرفي، وأن العام 2022 سيكون تاريخًا مفصليًا في الهوية (المعرفية للمجتمع السعودي). ثم عاد وأعلن سموه قبل أيام قلائل أن الرؤية الجديدة لوزارته تتّجه نحو إعادة تصميم الأساس، وتحديث البناء بغاية تحقيق الرؤية الشاملة؛ لبناء مجتمع المعرفة. وفي الحالين تلوح في الأفق طموحات خلّاقة (لبناء مجتمع سعودي معرفي) بعمومه، وأن التربية والتعليم من جهة أخرى ستكون إحدى وأهم بواتق هذا التحوّل المعرفي. وفي الوقت الذي كان ينتظر فيه المجتمع ماذا سيقول الأمير الوزير بعد مائة يوم، فإن الأمر داخل أروقة الوزارة لا يقل تلهفًا نحو شروق تربوي جديد! ولهذا فإن ما قاله سموه (هنا) يُعطي التباشير الأولى بماهية ما سيكون، أو يثير خطًا نحو وجهة وتوجهات الحِراك التربوي القادم! يعجبني جدًا أن تكون (المعرفة) هي الغاية العظمى التي نسعى إلى تحقيقها، وما أروع أن يتحوّل هذا المجتمع من بيئته التي نعرفها إلى البيئة المعرفية! ولا تستغربوا كثيرًا هذه (الغاية) حتّى وإن عظمت، فما نقوم به حاليًا على مشاريع كبرى في المجال المعرفي، وسواء على مستوى بناء المدن المعرفية، أو المشاريع الأخرى ينم عن مدى (الطموح) السعودي في مصافحة صباحات المجتمعات المعرفية!** عمومًا لا أود أن أسرح كثيرًا عن ما أردت الحديث عنه، ولكنها (تباريح) تداعت عند جمال القول، وصلب الإرادة، وبُعد الغاية، وسمو الهدف!
** أعود إلى (الإعلام التربوي).. فحين نقول بأن الإعلام يمثل هوية (المعرفة)، فإن (الإعلام) هو الوجه الآخر (للتربية)، بل قد يكون هو الوجه ذاته إذا ما اعتبرنا التربية في حقيقتها هي عملة (اتّصالية). وعلماء التربية، وخبراء الإعلام يرون بأن هناك شراكة حقيقية بينهما في التنمية المجتمعية، بل ويشبّهون هذه الشراكة بجناحي طائر لا يمكن نهوضه، أو استقامة طيرانه بدونهما، أو بدون أحدهما!
** ولتحقيق هذه الشراكة تم استنبات منطقة وسطى هي ما يُعرف بـ(الإعلام التربوي). وقد ظهر هذا المفهوم في العام 1977م على هامش الدورة السادسة والثلاثين للمؤتمر الدولي للتربية، وفيه تم إدراج توصية تحدد مضمون الإعلام التربوي ومسؤولياته! وهذا يعني أن المجتمع الدولي بدأ يعي أهمية ودور الإعلام التربوي داخل اتّساق العملية التربوية!!
** محليًّا صحونا متأخّرين على هذا المضمون التربوي الجديد، إذ لم يكن لدينا حتى العام 1416هـ أي فكرة حتى عن ما هو الإعلام التربوي! لذلك فإن وفد المملكة في اجتماع مسؤولي الإعلام التربوي المنعقد في قطر عام 1412هـ أكد أنه لا توجد هناك أهداف للإعلام التربوي بالمملكة. وعلى أعتاب ندوة شهيرة عُقدت في الرياض بين قياديين من وزارتي المعارف والإعلام -آنذاك- تحت شعار (ماذا يريد التربويون من الإعلاميين؟ وماذا يريد الإعلاميون من التربويين؟) ثم الإعلان عن قيام (الإعلام التربوي) يتبع وزارة المعارف، وكان هذا نتيجة لوقوف المنتدين على ما هو معروف أصلاً عن مدى العلاقة ما بين الإعلام والتربية (شراكةً ودورًا وأثرًا وتأثيرًا).** وبدأ على بركة الله (الإعلام التربوي) من العام 1416هـ ولا زال حتى اليوم حيًّا يُرزق، وله مكان معلوم داخل أروقة الوزارة، وله موظفون، وسجلات، وأحبار، وأوراق. وبحسب هذا (السرد التاريخي) فإن الإعلام التربوي موجود، ولكن بتُّ أُشفق عليه من أن يحاكي وجوده ذلك الطفل اليتيم الذي يذهب ينشد رزقه، وإذا ما ابتعد صاحوا فيه: “أمّك ماتت”! ولم يكد يعود إليهم مسرعًا حتى بشّروه بأن: “أمّه لا زالت على قيد الحياة”. فأصبح لا يدري من تعبه، هل سر وجوده في بُعده، أو قربه؟!
** بدأ الإعلام التربوي في العام 1416هـ يومها سمّيناه (المولود الفولاذي)، ربما من كثرة حِراكه في مهده، وربما من واقع تعطشنا إليه. اليوم في العام 1430هـ ووليدنا جاوز الأربعة عشر عامًا، يبدو أنه قد أصبح صبيًّا لا يهمنا عمره، ولكن يهمنا حضوره. وهنا مربط الفرس وموضع النقط!!. عند البدء كنا نرسم في مخيلتنا الحلم المتناهض للإعلام التربوي! كنا نريده إعلامًا منهجيًّا تربويًّا مهنيًّا نحقق به أهداف التربية، ونراهن عليه في تحصين الناشئة أمام هجمة الفضاء؛ ولهذا توقّعنا أن تكون هناك تربية إعلامية، وقنوات فضائية متخصصة، وبرامج إثرائية، ومناشط إعلامية مدرسية، وصحافة تربوية متخصصة، وتلفزيون تعليمي، ووسائل إعلامية تربوية (اتّصال)!! أشياء كثيرة كنّا نتوقّع وجودها، أو هكذا كنّا نتخيّل في ظل حلم (إعلام تربوي) بكل حضوره ووسائله وبرامجه! وللحق.. فقد كانت البداية قوية، إلى درجة كدنا أن نجاوز الحلم، لولا يقظة الواقع البئيس بعد ذلك!! البداية شهدت وجود (إستراتيجية الإعلام التربوي)، ووجود هيكلة للإدارة العامة للإعلام التربوي في الوزارة، ووحدات في كل إدارة تعليم، وتم إحياء مجلة المعرفة من جديد.. إلى العديد من الخطوات التي توهمّنا معها بأننا قد نسابق كثيرًا حتّى وإن جئنا متأخّرين!! لكن ماذا حدث؟ لحظات الميلاد البديعة الأولى تحوّلت في نهايتها إلى متعسّرة. فالإستراتيجية توقّفت عند أوراقها التي دُوّنت فيها، والإدارة العامة للإعلام التربوي في الوزارة أصبحت تحت وصاية إدارية روتينية، قد يكون لها علاقة بأي شيء إلاَّ الإعلام، وأصبحت وحدات الإعلام في الإدارات التعليمية في وضع لا تُحسد عليه.. مكاتب خاوية، لا خطط ،لا عناصر، لا إمكانيات مادية.. تمامًا كمن يُلقي بمكتوف في اليم، ويطلبه ألاَّ يبتل بالماء!!
وفي النهاية كان الحال الأصعب هو غياب، أو تغييب المفهوم الحقيقي للإعلام التربوي.في (حفلة البدء) قالوا لا نريد إعلامًا مشخصنًا، لا نريد أن نتحدّث عن ذواتنا.. نريد إعلامًا يحقق أهداف التربية، ثم إذا بنا بعد ذلك يتحوّل الإعلام التربوي إلى مجرد كتبة خبر خلف مسؤول (يناقل بشته) من مكان إلى آخر.. وأصبح يُقاس النجاح بمدى تغطية (المتضخمين) لا بمدى منهجية الإعلام التربوي.وزاد الأمر تغييبًا أن مسؤول الإعلام في البداية هو مسؤول العلاقات العامة، فاختلطت المفاهيم؛ لأن الرجل الذي يعد برنامجًا تربويًّا هو ذاته الذي يستقبل الضيوف، ويقوم بحجز الفنادق لهم!
المهم أن حال الإعلام التربوي بدأ تعيسًا، وعاش تعيسًا ولا زال تعيسًا، ولا يتحمّل جريرة (تعاسته) أحد بعينه.أمّا الأهم فإن هذا الوضع الذي لا يُرضي أحدًا أضعه بكل شفافية ووضوح أمام سمو الأمير.. لإيماني بأهمية الإعلام التربوي في خدمة التربية إذا ما صُحّحت مناهجه، وأُعطي الفرصة لتحقيق رسالته، ثم لإيماني ثانيًا بأننا نعيش عصرًا تقنيًّا.. عصرًا معرفيًّا.. عصر إعلام..
ومن أجل نهوضنا المعرفي والتربوي يجب أن يُعطى الإعلام التربوي حقّه، وأن يخضع لعملية (تصحيح وإصحاح) شامل!!


آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس