رد: الملف الصحفي للتربية الاحد 7/6
رد: الملف الصحفي للتربية الاحد 7/6 رد: الملف الصحفي للتربية الاحد 7/6 رد: الملف الصحفي للتربية الاحد 7/6 رد: الملف الصحفي للتربية الاحد 7/6 رد: الملف الصحفي للتربية الاحد 7/6
الوطن:الأحد 7 جمادى الآخرة 1430 هـ العدد 3166
سلوكيّات خاطئة في مدارسنا
مسفر الحفيان
من يصدق أن طلبة الصفوف الابتدائية في أحد محافظات وطننا الحبيب ينظرون إلى جريمة التهريب على أنها مهنة شريفة وقيمة اجتماعية إيجابية، فقد نشأوا في نسق ثقافي يؤمن بذلك، ولكن الغريب العجيب أن هذه الثقافة الخاطئة لم تجد من وزارة التربية والتعليم من يحسن تصحيحها والتعامل معها.سمّيت وزارة التربية والتعليم بهذا الإسم، حيث تم تقديم (التربية) على (التعليم) لأهميتها الكبيرة، ومهمة التربية مهمة عظيمة تتطلب من القائمين عليها أن يتعاملوا بأسلوب منهجي علمي مع كل المفاهيم والممارسات الخاطئة التي تظهر في مدارسنا بين الفينة والأخرى، والتي ستتحول في حالة إهمالها إلى ظواهر خطيرة سيدفع الجميع ثمنها غالياً، والتربية قبل التعليم دائماً فلا فائدة مرجوّه من طالب يحمل شهادة ولم يحمل سلوكاً سليماً يستطيع من خلاله أن يكون قيمة مضافة لهذا الوطن.في إحدى مدارس تلك المحافظة، باشر معلم التربية البدنية وظيفته الجديده، ولم يكن على معرفة بعادات وتقاليد أهلها، وعندما دخل على طلبة الصف الثالث الإبتدائي وجدهم يلبسون الثياب، سألهم أين ملابسكم الرياضية، فأجابوا (أفا يا أستاذ) وهذا (التأفُّف) تعبيراً عن العتب والاستغراب، وأخبروه أنه من العيب (بل وشق الجيب) في مجتمعهم لبس الملابس الرياضية أو لعب الكورة.صعق هذا المعلم فهؤلاء الأطفال لم تتجاوز أعمارهم التاسعه بعد، وقد طلبوا منه أن يلعبوا لعبة (المهربين والشرطة) وهي على حد قولهم لعبة يشعرون أمامها بالفخر وليس الخجل كما هو الحال مع لعبة كرة القدم، سمح لهم المعلم بممارسة هذه اللعبة رغبة منه في زيادة معرفته بما يدور في أذهانهم، وطلب منهم أن ينقسموا إلى فريقين وحدد مكاناً لفريق الشرطة ومكاناً لفريق المهربين، وكانت المفاجأه عندما وجدهم جميعاً يتسابقون ليكونوا ضمن فريق المهربين، وعند البحث عن السبب وجد المعلم أنهم متأثرن بتصرفات أقارب لهم يمارسون التهريب، وأنهم يكرهون الانضمام لفريق الشرطة فهم من يمنع المهرب من ممارسة مهنته التي لا يرون فيها عيباً.يا لهول المصيبة، يلتحق الطالب طفلاً في سن السادسه ويتخرج شاباً في سن الثامنة عشره دون أن يستطيع تعليمنا (الموقّر) الذي يتولّى مسؤولية التربية في المسمى الرسمي لوزارته وفي صميم مهمته أن يعدل سلوكاً خاطئاً، لم يستطع خلال إثني عشر عاماً أو يزيد من عمر هؤلاء الأطفال أن يصحح مفهومهم الخاطئ تجاه جريمة التهريب.وعندما نعيد النظر في برامجنا التعليمية (المنهجية منها واللامنهجية)، ووسائل التعليم وأدواته، والمحاضرات الثقافية والتوعوية نجدها هي ذاتها التي تعطى للطلبة في جميع أنحاء المملكة دون تغيير أو تعديل، وكأن القائمين على تصميم هذه البرامج لا يدركون أو يتجاهلون أن هناك بوناً شاسعاً بين طالب قادم من بيئة معظم سكانها من موظفي شركة أرامكو وشركة سابك، وبين طالب يخجل من لبس الزي الرياضي لأنه قادم من منطقة تعاني من شتى أشكال التخلف ويجد الطالب فيها أن المهرب هو قدوته الحسنه.وهنا أود أن أذكر مسؤولي التربية والتعليم بحقيقة لا أخالها غائبة عنهم، وهي أن المملكة العربية السعودية بمساحتها الشاسعه وتنوع طبيعتها الثقافية والجغرافية، تفرض على من يصمم البرامج أن يكون مرناً وقادراً على التعامل مع هذا الاختلاف، وأنه من الواجب أن تكلّف إدارات التعليم في مناطق المملكة المختلفة بتلمس المشاكل والعادات السلبية المحليّة والعمل على تصميم ما يناسبها من برامج تكون قادرة على التعامل معها ومعالجتها.
|