الموضوع: نهج البردة ( 1 )
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 03-23-2006
الصورة الرمزية أبو عبيدة
 
أبو عبيدة
ثمالي نشيط

  أبو عبيدة غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 241
تـاريخ التسجيـل : 25-01-2006
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 4,327
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : أبو عبيدة يستحق التميز
افتراضي نهج البردة ( 1 )

نهج البردة ( 1 ) نهج البردة ( 1 ) نهج البردة ( 1 ) نهج البردة ( 1 ) نهج البردة ( 1 )

ريـمٌ عـلى القـاعِ بيـن البـانِ والعلَمِ ****أَحَـلّ سـفْكَ دمـي فـي الأَشهر الحُرُمِ

رمـى القضـاءُ بعيْنـي جُـؤذَر أَسدًا*** يـا سـاكنَ القـاعِ، أَدرِكْ ساكن الأَجمِ

لمــا رَنــا حــدّثتني النفسُ قائلـةً*** يـا وَيْـحَ جنبِكَ، بالسهم المُصيب رُمِي

جحدتهـا، وكـتمت السـهمَ فـي كبدي**** جُـرْحُ الأَحبـة عنـدي غـيرُ ذي أَلـمِ

رزقـتَ أَسـمح مـا في الناس من خُلق*** إِذا رُزقـتَ التمـاس العـذْر فـي الشِّيَمِ

يـا لائـمي في هواه - والهوى قدَرٌ -*** لـو شـفَّك الوجـدُ لـم تَعـذِل ولم تلُمِِ

لقــد أَنلْتُــك أُذْنًــا غـير واعيـةٍ*** ورُبَّ منتصـتٍ والقلـبُ فـي صَمـمِ

يـا نـاعس الطَّرْفِ; لاذقْتَ الهوى أَبدًا*** أَسـهرْتَ مُضنـاك في حفظِ الهوى، فنمِ

أَفْـديك إِلفًـا، ولا آلـو الخيـالَ فِـدًى**** أَغـراك بـالبخلِ مَـن أَغـراه بـالكرمِ

سـرَى، فصـادف جُرحًـا داميًا، فأَسَا**** ورُبَّ فضــلٍ عـلى العشـاقِ للحُـلُمِ

مَــن المـوائسُ بانًـا بـالرُّبى وقَنًـا**** اللاعبـاتُ برُوحـي، السـافحات دمِي?

الســافِراتُ كأَمثـالِ البُـدُور ضُحًـى يُغِـرْنَ**** شـمسَ الضُّحى بالحَلْي والعِصَمِ

القــاتلاتُ بأَجفــانٍ بهــا سَــقَمٌ**** وللمنيــةِ أَســبابٌ مــن السّــقَمِ

العــاثراتُ بأَلبــابِ الرجـال، ومـا**** أُقِلـنَ مـن عـثراتِ الـدَّلِّ في الرَّسمِ

المضرمـاتُ خُـدودًا، أسـفرت، وَجَلتْ**** عــن فِتنـة، تُسـلِمُ الأَكبـادَ للضـرَمِ

الحــاملاتُ لــواءَ الحسـنِ مختلفًـا**** أَشــكالُه، وهـو فـردٌ غـير منقسِـمِ

مـن كـلِّ بيضـاءَ أَو سـمراءَ زُيِّنتا**** للعيـنِ، والحُسـنُ فـي الآرامِ كالعُصُمِ

يُـرَعْنَ للبصـرِ السـامي، ومن عجبٍ**** إِذا أَشَــرن أَســرن الليـثَ بـالعَنمِ

وضعـتُ خـدِّي، وقسَّـمتُ الفؤادَ ربًى**** يَـرتَعنَ فـي كُـنُسٍ منـه وفـي أَكـمِ

يـا بنـت ذي اللِّبَـدِ المحـميِّ جانِبُـه**** أَلقـاكِ فـي الغاب، أَم أَلقاكِ في الأطُمِ?

مـا كـنتُ أَعلـم حـتى عـنَّ مسـكنُه**** أَن المُنــى والمنايـا مضـرِبُ الخِـيمِ

مَـنْ أَنبتَ الغصنَ مِنْ صَمصامةٍ ذكرٍ?**** وأَخـرج الـريمَ مِـن ضِرغامـة قرِمِ?

بينـي وبينـكِ مـن سُـمْرِ القَنا حُجُب**** ومثلُهــا عِفَّــةٌ عُذرِيــةُ العِصَـمِ

لـم أَغش مغنـاكِ إِلا في غضونِ كَرًى**** مَغنــاك أَبعــدُ للمشـتاقِ مـن إِرَمِ

يـا نفسُ، دنيـاكِ تُخْـفي كـلَّ مُبكيـةٍ**** وإِن بــدا لـكِ منهـا حُسـنُ مُبتسَـمِ

فُضِّـي بتقـواكِ فاهًـا كلمـا ضَحكتْ**** كمــا يُفـضُّ أَذَى الرقشـاءِ بـالثَّرَمِ

مخطوبـةٌ - منـذُ كان الناسُ – خاطبَةٌ**** مـن أَولِ الدهـر لـم تُـرْمِل، ولم تَئمِ

يَفنـى الزّمـانُ، ويبقـى مـن إِساءَتِها**** جــرْحٌ بـآدم يَبكـي منـه فـي الأَدمِ

لا تحــفلي بجناهــا، أَو جنايتهــا**** المـوتُ بـالزَّهْر مثـلُ المـوت بالفَحَمِ

كـم نـائمٍ لا يَراهـا، وهـي سـاهرةٌ*** لــولا الأَمـانيُّ والأَحـلامُ لـم ينـمِ

طــورًا تمـدّك فـي نُعْمـى وعافيـةٍ*** وتـارةً فـي قـرَار البـؤس والـوَصَمِ

كـم ضلَّلتـكَ، وَمَـن تُحْجَـبْ بصيرتُه*** إِن يلـقَ صابـا يَـرِد، أَو عَلْقمـا يَسُمِ

يــا ويلتـاهُ لنفسـي! راعَهـا ودَهـا*** مُسْـوَدَّةُ الصُّحْـفِ فـي مُبْيَضَّـةِ اللّمَمِ

ركَضْتهـا فـي مَـرِيع المعصياتِ، وما*** أَخـذتُ مـن حِمْيَـةِ الطاعـات للتُّخَـمِ

هــامت عـلى أَثَـرِ اللَّـذاتِ تطلبُهـا*** والنفسُ إِن يَدْعُهـا داعـي الصِّبـا تَهمِ

صــلاحُ أَمـرِك للأَخـلاقِ مرجِعُـه**** فقـــوِّم النفسَ بــالأَخلاقِ تســتقمِ

والنفسُ مـن خيرِهـا فـي خـيرِ عافيةٍ**** والنفسُ مـن شـرها فـي مَـرْتَعٍ وَخِمِ

تطغـى إِذا مُكِّـنَتْ مـن لـذَّةٍ وهـوًى*** طَغْـيَ الجيـادِ إِذا عَضَّـت على الشُّكُمِ

إِنْ جَـلَّ ذَنبـي عـن الغُفـران لي أَملٌ**** فـي اللـهِ يجـعلني فـي خـيرِ مُعتصَمِ

أُلقـي رجـائي إِذا عـزَّ المُجـيرُ على**** مُفـرِّج الكـرب فـي الـدارينِ والغمَمِ

إِذا خــفضتُ جَنــاحَ الـذُّلِّ أَسـأَله**** عِـزَّ الشـفاعةِ; لـم أَسـأَل سـوى أَمَمِ

وإِن تقـــدّم ذو تقــوى بصالحــةٍ**** قــدّمتُ بيــن يديـه عَـبْرَةَ النـدَمِ

لـزِمتُ بـابَ أَمـير الأَنبيـاءِ، ومَـنْ**** يُمْسِــكْ بمِفتــاح بـاب اللـه يغتنِـمِ

فكــلُّ فضـلٍ، وإِحسـانٍ، وعارفـةٍ**** مــا بيــن مســتلمٍ منـه ومُلـتزمِ

علقـتُ مـن مدحـهِ حـبلاً أعـزُّ بـه**** فـي يـوم لا عِـزَّ بالأَنسـابِ واللُّحَـمِ

يُـزرِي قَـرِيضِي زُهَـيْرًا حين أَمدحُه**** ولا يقـاسُ إِلـى جـودي لـدَى هَـرِمِ

محــمدٌ صفـوةُ البـاري، ورحمتُـه**** وبغيَـةُ اللـه مـن خَـلْقٍ ومـن نَسَـمِ

وصـاحبُ الحـوض يـومَ الرُّسْلُ سائلةٌ**** متـى الـورودُ? وجـبريلُ الأَمين ظَمي

ســناؤه وســناهُ الشــمسُ طالعـةً**** فـالجِرمُ فـي فلـكٍ، والضوءُ في عَلَمِ

قـد أَخطـأَ النجـمَ مـا نـالت أُبوَّتُـه**** مـن سـؤددٍ بـاذخ فـي مظهَـرٍ سَنِم

نُمُـوا إِليـه، فـزادوا في الورَى شرَفًا**** ورُبَّ أَصـلٍ لفـرع فـي الفخـارِ نُمي

حَــوَاه فـي سُـبُحاتِ الطُّهـرِ قبلهـم**** نـوران قامـا مقـام الصُّلـبِ والرَّحِم

لمــا رآه بَحــيرا قــال: نعرِفُــه**** بمـا حفظنـا مـن الأَسـماءِ والسِّـيمِ

سـائلْ حِراءَ، وروحَ القدس: هل**** عَلما مَصـونَ سِـرٍّ عـن الإِدراكِ مُنْكَـتِمِ?

كــم جيئـةٍ وذهـابٍ شُـرِّفتْ بهمـا**** بَطحـاءُ مكـة فـي الإِصبـاح والغَسَمِ

ووحشــةٍ لابــنِ عبـد اللـه بينهمـا**** أَشـهى مـن الأُنس بالأَحبـاب والحشَمِ

يُسـامِر الوحـيَ فيهـا قبـل مهبِطـه**** ومَــن يبشِّـرْ بسِـيمَى الخـير يَتَّسِـمِ

لمـا دعـا الصَّحْـبُ يستسقونَ من ظمإٍ**** فــاضتْ يـداه مـن التسـنيم بالسَّـنِمِ

وظلَّلَتــه، فصــارت تسـتظلُّ بـه**** غمامــةٌ جذَبَتْهــا خِــيرةُ الــديَمِ

محبــةٌ لرســولِ اللــهِ أُشــرِبَها**** قعـائدُ الدَّيْـرِ، والرُّهبـانُ فـي القِمـمِ

إِنّ الشــمائلَ إِن رَقَّــتْ يكـاد بهـا**** يُغْـرَى الجَمـادُ، ويُغْـرَى كلُّ ذي نَسَمِ

ونـودِيَ: اقـرأْ. - تعالى - اللـهُ قائلُهـا**** لـم تتصـلْ قبـل مَـن قيلـتْ له بفمِ

هنــاك أَذَّنَ للرحــمنِ، فــامتلأَت**** أَســماعُ مكَّــةَ مِـن قُدسـيّة النَّغـمِ

فـلا تسـلْ عـن قريش كيف حَيْرتُها?**** وكـيف نُفْرتُهـا فـي السـهل والعَلمِ?

تسـاءَلوا عـن عظيـمٍ قـد أَلـمَّ بهـم**** رمَــى المشــايخَ والولـدانَ بـاللَّممِ

يـا جـاهلين عـلى الهـادي ودعوتِـه**** هـل تجـهلون مكـانَ الصـادِقِ العَلمِ?

لقَّبتمــوهُ أَميـنَ القـومِ فـي صِغـرٍ**** ومــا الأَميــنُ عـلى قـوْلٍ بمتّهَـمِ

فـاق البـدورَ، وفـاق الأَنبيـاءَ، فكـمْ**** بـالخُلْق والخَـلق مِـن حسْنٍ ومِن عِظمِ

جـاءَ النبيـون بالآيـاتِ، فـانصرمت**** وجئتنــا بحــكيمٍ غــيرِ مُنصَـرمِ

آياتُــه كلّمــا طـالَ المـدَى جُـدُدٌ**** يَــزِينُهنّ جــلالُ العِتــق والقِـدمِ

يكــاد فــي لفظــةٍ منـه مشـرَّفةٍ**** يـوصِيك بـالحق، والتقـوى، وبالرحمِ

يـا أَفصـحَ النـاطقين الضـادَ قاطبـةً**** حــديثُك الشّـهدُ عنـد الـذائقِ الفهِـمِ

حَـلَّيتَ مـن عَطَـلٍ جِـيدَ البيـانِ به**** فـي كـلِّ مُنتَـثِر فـي حسـن مُنتظِمِ

بكــلِّ قــولٍ كـريمٍ أَنـت قائلُـه**** تُحْـيي القلـوبَ، وتُحْـيي ميِّـتَ الهِممِ

سَــرَتْ بشــائِرُ بالهـادي ومولِـده**** في الشرق والغرب مَسْرى النور في الظلمِ

تخـطَّفتْ مُهَـجَ الطـاغين مـن عربٍ**** وطــيَّرت أَنفُسَ البـاغين مـن عجـمِ

رِيعـت لهـا شُرَفُ الإِيوان، فانصدعت**** مـن صدمـة الحق، لا من صدمة القُدمِ

أَتيـتَ والنـاسُ فَـوْضَى لا تمـرُّ بهم**** إِلاّ عـلى صَنـم، قـد هـام فـي صنمِ

والأَرض مملــوءَةٌ جـورًا، مُسَـخَّرَةٌ**** لكــلّ طاغيـةٍ فـي الخَـلْق مُحـتكِمِ

مُسَـيْطِرُ الفـرْسِ يبغـى فـي رعيّتـهِ**** وقيصـرُ الـروم مـن كِـبْرٍ أَصمُّ عَمِ

يُعذِّبــان عبــادَ اللــهِ فـي شُـبهٍ**** ويذبَحــان كمــا ضحَّــيتَ بـالغَنَمِ

والخــلقُ يَفْتِــك أَقـواهم بـأَضعفِهم ****كــاللَّيث بـالبَهْم، أَو كـالحوتِ بـالبَلَمِ

أَســرَى بـك اللـهُ ليـلاً، إِذ ملائكُـه**** والرُّسْـلُ في المسجد الأَقصى على قدَمِ

لمــا خـطرتَ بـه التفُّـوا بسـيدِهم**** كالشُّـهْبِ بـالبدرِ، أَو كـالجُند بـالعَلمِ

صـلى وراءَك منهـم كـلُّ ذي خـطرٍ**** ومــن يفُــز بحــبيبِ اللـه يـأْتممِ

جُـبْتَ السـمواتِ أَو مـا فـوقهن بهم**** عـــلى منــوّرةٍ دُرِّيَّــةِ اللُّجُــمِ

رَكوبـة لـك مـن عـزٍّ ومـن شرفٍ**** لا فـي الجيـادِ، ولا فـي الأَيْنُق الرسُمِ

مَشِــيئةُ الخـالق البـاري، وصَنعتُـه**** وقــدرةُ اللــه فـوق الشـك والتُّهَـمِ


الشاعر أحمد شوقي
توقيع » أبو عبيدة
رد مع اقتباس